علي حرب – «صدى الوطن»
أكد محامي المتهم محمد حمدان، الذي أقر يوم الجمعة الماضي بتهمة الكذب على عميل فدرالي، أن موكله لم تكن لديه أية نية للانضمام الى «حزب الله» اللبناني، مؤكداً أنه لم يخرق القانون قط قبل تواصله مع المخبر الذي قام بتحريضه على السفر الى لبنان بهدف دخول الأراضي السورية ومقاتلة التنظيمات الإرهابية هناك.
وكان حمدان، وهو مهاجر لبناني من سكان ديربورن ويبلغ من العمر 24 عاماً، قد اعتقل في مطار ديترويت الدولي عام 2014 وهو في طريقه إلى لبنان.
واتهم حمدان حينها بمحاولة الانضمام الى «حزب الله»، الذي تصنفه وزارة الخارجية الأميركية على أنه تنظيم إرهابي.
وقالت عائلة حمدان إن إبنها استُدرج للإدلاء بتصريحات قد تؤدي الى تجريمه خلال أحاديثه مع المخبر الذي كان يعتبره صديقاً له، فيما كان الأخير -وهو لبناني أيضاً بحسب معلومات خاصة لـ«صدى الوطن»- يقوم بتسجيل تلك الأحاديث في محاولة لتوريط حمدان بتهم الإرهاب.
المحامي آرثر وايس، الذي يمثل حمدان، أكد أن المحادثات المسجَّلة بين المتهم والمخبر تُبيَّن أن موكله لم يُظهِر أي اهتمام في أن يكون جزءاً من الحزب رغم محاولات المخبر المتتالية لتوريطه. والمعروف أن «حزب الله» يقاتل حالياً إلى جانب الجيش السوري، المنظات الإرهابية في سوريا، بما فيهما «داعش» و«القاعدة». وبالإضافة إلى كونه تنظيماً مسلحاً، فإن «حزب الله» حزب سياسي نافذ في لبنان يتمتع بشعبية واسعة، بعد ثلاثة عقود من التصدي للإحتلال الإسرائيلي.
ليس مؤهلاً لـ«حزب الله»
وشرح وايس أن حمدان أقر فقط بتهمة الكذب على عميل فدرالي بشأن محادثاته مع المخبر حول نية الانضمام إلى حزب الله، مؤكداً أنه لم يدَن بأية تهمة تتعلق بالإرهاب.
وأضاف «لقد كان اعترافاً محدداً بتهمة محددة… وأية محاولات من قبل أي شخص لتحميل القضية أكثر من ذلك هي محاولات عقيمة وتضر ليس فقط بالنظام القضائي بل بالسيد حمدان كذلك».
وتابع المحامي بأن «الغرض من رحلة حمدان الى لبنان كان لعلاج الأسنان وتنقية ذهنه من بعض ما علق به من مشاكل شخصية، بما في ذلك إنهاء علاقة عاطفية طويلة».
وأردف «كان يريد الذهاب الى لبنان لإعادة شحن بطارياته ثم العودة إلى الولايات المتحدة وبدء فصل جديد من حياته والمضي قدماً». ورد ممثلو الادعاء بأن حمدان حزم جميع أغراضه وباع مقتنياته قبل السفر في إشارة الى نيته الالتحاق بـ«حزب الله». غير أن وايس أكد أن حمدان لم ينخرط بأمر مماثل قبل إيقاعه في هذا الفخّ من قبل المخبر.
وأبلغ مصدر مطلع على القضية، طلب عدم ذكر اسمه، أن المخبر يعمل لصالح الـ«أف بي آي» بسبب مشاكل خاصة به تتعلق بوضع هجرته وإقامته في الولايات المتحدة.
وقال وايس إنه لا يستطيع التعليق على هذه المسألة تحديداً، لكنه أشار الى أنه قد سمع عن هذه «الشائعات» من قبل.
ومضى يقول «استناداً الى جميع المواد التي اطلعت عليها، لم يظهر شيء في التحريات عن خلفية حمدان ما يدل على نيته في التعامل مع «حزب الله» إلى أن بدأ هذا الشخص يتحدث اليه حول هذا الموضوع».
وأشار وايس إلى أن المخبر وجد في حمدان «ثمرة متدلية يسهل قطفها»، مؤكداً أن موكله ليس مؤهلاً للانخراط بـ«حزب الله»، الذي يتطلب الانتساب اليه التزاماً دينياً لا يبدو متوفراً لدى حمدان. واستطرد أن موكله «تقدم بطلب للحصول على الجنسية في الولايات المتحدة؛ وعلى جسده أكثر من وشم وسبق أن قد عاقر المخدرات وعاشر النساء لذلك فهو لا يفي بأيٍ من المعايير التي يتطلبها «حزب الله» للسماح لشخص بالانضمام إلى صفوفه».
وأضاف المحامي أنه «عندما كان المخبر يكرر ذكر «حزب الله» بمناسبة وبدون مناسبة، بقي حمدان على قوله بأنه «ليس مهتماً بذلك»، وبأنه لا يمكنه أن ينضم للحزب حتى لو أراد ذلك. لكن المخبر لم تفتر عزيمتُه، وظل يردد على أسماعه «لدينا علاقاتنا… ويمكننا أن نقوم بالأمور اللازمة»، فكان جواب حمدان أنه ليس مهتماً بهذه العلاقات» بحسب التسجيلات.
وأشار المحامي انه كان يرغب بأن يرفع القضية إلى المحاكمة، لكن موكله قرر تقديم اعترافه، بسبب القلق حول مدى عدالة ونزاهة هيئة المحلفين في حال قرر المضي قدماً في القضية.
وتابع وايس قائلاً «عليك فقط أن تنظر إلى السباق الرئاسي والبيانات السياسية التي تُطلق جزافاً مؤديةً إلى تأجيج المشاعر والمخاوف التي من شأنها أن تجعل الحصول على محاكمة عادلة أمراً صعباً للغاية».
ويذكر أن العقوبة القصوى للتهمة التي أقرَّ بها حمدان (الكذب على عميل فدرالي) تصل الى السجن لمدة ثماني سنوات. لكنه اتفق مع الادعاء الفدرالي على ان يخدم خمس سنوات وثلاثة أشهر خلف القضبان، كجزء من الصفقة. وقد أمضى حمدان حتى الآن أكثر من عامين في السجن، حيث رفضت المحكمة الفدرالية تحديد كفالة تسمح بالإفراج المؤقت عنه. وحمدان، غير مجنس وهو حاصل على الإقامة الدائمة، مما يعني انه سيتم ترحيله الى لبنان بعد أن يخدم مدة عقوبته.
الأم الحزينة
منيرة بيضون، والدة المتهم حمدان تشعر بالخذلان والغضب من حصيلة هذه القضية فلم تستطع تمالك دموعها وهي تردد مراراً وتكراراً بأنه لم يفعل شيئاً خاطئاً.
«تم تدمير عائلتنا» قالت لـ«صدى الوطن» وأضافت «لقد ضاع مستقبله. كل هذا حدث لنا لأننا ضعفاء».
وتحدثت عن ابنها «حمادة» فوصفته بأنه «يتمتع بروح لطيفة ويحب الجميع وكان لديه مشاكل طبية».
وانتقدت بيضون المنظمات العربية الأميركية لفشلها في الدفاع عن ابنها، وقالت «لا أحد وقف معنا. لقد عاملونا مثل الحشرات، دون أي اعتبار لنا».
وأردفت الأم الحزينة «أن ابنها ليس لديه مكان في لبنان ليسكن فيه بعد قضاء عقوبته وترحيله. فهو كان يصارع هنا»، «ليس لدينا منزل في لبنان. ماذا سيفعل؟».
وأوضحت بيضون أن «لا أحد في عائلتنا، حتى في لبنان، لديه اتصالات مع الحزب». وأردفت بأن المخبر كان مصراً على دفع حمدان إلى الإدلاء بتصريحات تؤدي الى تجريمه. «لقد كانت مجرد كلمات.. مجرد حديث».
عمل مهم!
ومن جانبها، قالت المدعي العام الفدرالي لشرق ميشيغن باربرا ماكويد «إن الكذب على العملاء الفدراليين أمر غير قانوني» لأنه يتسبب في تضليل التحقيقات، وتابعت في بيان لها بأن حمدان كذب للتغطية على نيته السفر إلى الخارج للقتال مع «حزب الله»، وهي مجموعة تم تصنيفها من قبل حكومة الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية».
كما ذكر مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) أن القضية تدل على «أهمية» عمل الوكالة.
«فهذه القضية تسلط الضوء على أهمية التحقيقات التي تجريها دائرة مكافحة الإرهاب في مكتب ديترويت» بحسب بيان صادر عن العميل الخاص المشرف على فرع ديترويت ديفيد غيليوس.
وكان قد تم اعتقال عربي أميركي آخر من ديربورن هايتس في شهر شباط (فبراير) الماضي بعد قوله لعميل سري انه يريد تفجير كنيسة في ديترويت. وترافع محاميه أيضاً بالقول أن مكتب التحقيقات الفدرالي استدرجه ليقول ذلك بواسطة عميلة سرية قامت بإغوائه وادعت بأنها متعاطفة مع تنظيم «داعش» الإرهابي.
Leave a Reply