زهراء فرحات، وكالات – «صدى الوطن»
أبدت منظمات حقوقية مخاوفها من أن يكون انتخاب دونالد ترامب قد أطلق العنان لتفشي الخطاب العنصري أو ذلك الذي يستهدف المثليين واحتمال وقوع أعمال عنف لا يمكن التغاضي عنها.
ومنذ الثلاثاء الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) حين أعلنت نتائج الانتخابات الرئاسية بفوز المرشح الجمهوري، تصاعدت الحوادث العنصرية في أنحاء البلاد فيما ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي في تأجيج المشاعر.
وكتبت الصحافية مهرين كازانا في تغريدة على تويتر «أرتدي حجاباً. تجاوزني أحدهم اليوم على الرصيف قائلا دقت ساعتك يا صغيرتي».
ولم تقتصر الاعتداءات على المسلمين بل يبدو أن الأقلية الأميركية اللاتينية، مهددة بشكل خاص، كما لاحظ «المركز القانوني للفقر في الجنوب» الذي باشر بإحصاء الحوادث العنصرية الأخيرة.
وفي مدينة سيلفر سبرينغس في ولاية ماريلاند، لطخت كنيسة يؤمها المتحدرون من أميركا اللاتينية بشعارات «للبيض فقط» و«أمة ترامب».
وردا على سؤال حول هذه التهجمات التي تستهدف الأجانب منذ فوزه، أدان ترامب الاعتداءات التي وصفها بـ«المحدودة» مؤكداً أنها «يجب أن تتوقف»، غير أن الكثير من المراقبين يحملون خطاب الرئيس المنتخب مسؤولية تصاعد الحوادث العنصرية. ومن الثلاثاء إلى الجمعة، أحصى «المركز القانوني للفقر في الجنوب» أكثر من 200 تصرف حفزته الكراهية ضد الأقليات، لأن الضحايا كانوا من السود والنساء ومثليين جنسيين ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسياً.
وفي ما يلي على سبيل المثال شهادة مدرس في ولاية واشنطن. قال «بينما كنت اتناول الغداء الاربعاء الماضي في الكافيتيريا هتف أشخاص: شيدوا الجدار. وفي صفي ردد تلامذة اذا لم تكونوا مولودين هنا، أعدوا حقائبكم».
وفي تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز»، قال ريتشارد كوهين رئيس المركز القانوني للفقر في الجنوب «لا يمكن مقارنة ما يحصل بما حصل خلال فترة الفصل العنصري وحركة الحقوق المدينة. لم يحرق أحد كنيسة، لكن ثمة بداية بالتأكيد». من جهته، أصدر مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي أي) الاثنين الماضي تقريرا يتحدث عن زيادة نسبتها 67 بالمئة للأعمال المعادية للمسلمين في 2015.
حوادث متفرقة
وفي كل أنحاء الولايات المتحدة، شهدت مؤسسات تربوية (مدارس وجامعات) وبعضها يتمتع بسمعة تقدمية جداً، أحداث مقلقة في الأيام الأخيرة، وبعثت اداراتها برسائل الكترونية أكدت فيها أنها اتخذت تدابير. وقد تكون تلك الأحداث أحيانا مجرد شعارات في المراحيض وشعار حملة ترامب «استعادة أميركا عظمتها» الذي تم تغييره إلى «استعادة أميركا بياضها». وتتفشى أيضا أسوأ المفردات المعادية للأجانب التي تلمح إلى السود أو إلى اللاتينيين وكذلك الكلمات المشينة لمثليي الجنس.
وفي نيويورك، رسمت صلبان معقوفة في حي بروكلين الذي يعج باليهود، ما دفع بالشرطة الى فتح تحقيق.
ونبهت بلدية نيويورك الى «أننا لن نتساهل مع أعمال العنف في مدينتنا الشهيرة بتنوعها».
وفي مناسبات أخرى، لا تقتصر أعمال الكراهية على المستوى اللفظي. وقالت طالبة مسلمة في جامعة سان خوسيه إن رجلا أبيض حاول أن ينزع حجابها.
وذكرت طالبة أخرى في جامعة آناربر في ميشيغن أن رجلا اقترب منها وهدد بإحراقها بقداحته اذا لم تنزع حجابها.
وفي مدينة ميسولا بولاية مونتانا، وزعت منشورات للحزب النازي الأميركي في مناطق سكنية، تتهم اليهود بالسيطرة على وسائل الاعلام. وطلبت ادارة الكنيس المحلي من الشرطة تعزيزات أمنية.
وفي هذه الأجواء المقلقة، عيّن ترامب مستشارا كبيرا في البيت الأبيض هو ستيف بانون، المحافظ جدا والمعروف بصلاته مع دعاة نظرية «تفوق العرق الأبيض».
وخلص أورين سيغال، مدير جمعية «مكافحة التشهير» اليهودية إلى أن هذا الخيار «لا يؤدي سوى إلى زيادة حماسة الشرائح المتطرفة في هذه الفترة المتوترة جداً».
وجهاً لوجه
دانا محمد (٢١ عاماً)، شابة عربية مسلمة من منطقة ديترويت، روت لـ«صدى الوطن» تجربها وجهاً لوجه مع العنصرية، وقالت إنها فيما كانت تملأ خزان سيارتها بالوقود اقترب منها رجل يقود سيارة من نوع «بيك أب» وأنزل زجاج نافذته قائلاً «اخلعي هذا الهراء عن رأسك» في إشارة الى حجابها وأضاف بعنصرية مقيتة «هذه بلادي الآن يا سافلة».
وقاالت إنها جلست في سيارتها تبكي لمدة ثماني دقائق تقريباً وهي تحاول أن تفهم ماذا جرى لها للتو. وأضافت أنها لم تكن مستعدة لمواجهة تلك اللحظة رغم أنها تجيد الألعاب القتالية وتحمل دائماً معها رذاذ الفلفل، ولكن «لحسن الحظ لم يتطور الأمر معي الى درجة العنف كما حصل مع أخريات».
وقالت دانا إن الحجاب يعبر عن أميركا الحقيقية التي تحترم كافة الديانات والمعتقدات على عكس التعصب والتمييز ضد النساء والإسلاموفوبيا التي وصفتها بأنها «غير أميركية»، داعية أبناء الأقليات الى الوحدة فيما بينهم لمواجهة تصاعد الكراهية ضد الملونين.
وبدوره، قال مدير مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) في ميشيغن، داوود وليد، إن العنصرية والكراهية في تصاعد مستمر، وتابع حديثه لـ«صدى الوطن» قائلاً إنه «ما من شك بأن هناك طفرة لحوادث الكراهية على المستوى الوطني منذ يوم الانتخابات» في إشارة الى فوز ترامب.
وأضاف أنه في هذا الوقت على أبناء الأقليات أن يشعروا بالحذر حيث يتم استهداف السود واللاتينيين واليهود والمسلمين وتحديداً النساء المحجبات.
وحث وليد الأفراد الذين يتعرضون للتحرش العنصري على الاتصال بالشرطة أو تسجيل الحوادث عبر هواتفهم المحمولة، وعدم التنقل بشكل انفرادي.
ولكنه استدرك بالقول أن ليس هناك أماكن أكثر أمناً من أخرى داعياً المسلمين الى التفاعل الإيجابي مع جميع أبناء الأقليات وكذلك البيض.
وأسهب وليد قائلاً «على المسلمين في ديربورن كما في خارجها أن ينخرطوا أكثر بالمجتمعات الملونة تحديداً وكذلك مع البيض الجيدين لأنه لا يمكننا حماية أنفسنا جميعاً بمفردنا».
ويشار الى أن منظمة «كير» هي أكبر المنظمات الحقوقية المدافعة عن المسلمين في الولايات المتحدة.
«أف بي آي»: ازدياد الجرائم ضد المسلمين خلال ٢٠١٥
ارتفع عدد جرائم الكراهية بشكل عام في الولايات المتحدة بنسبة 6.7 بالمئة في عام 2015، مدفوعا بزيادة عدد هذا النوع من الجرائم تجاه المسلمين بنسبة 67 بالمئة، حسب إحصائيات نشرها مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) الاثنين الماضي.
وكانت جماعات حقوقية قد أبدت قلقها بشأن الاعتداءات على المسلمين في الولايات المتحدة حتى قبل الهجمات الإرهابية، التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس، وحادث سان برناردينو في كاليفورنيا.
ووفقا للتقرير، حدث نحو 257 حالة اعتداء على مسلمين عام 2015، مقارنة بنحو 184 حالة في 2014.
Leave a Reply