فـي الأسبوع الماضي، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة من ٨٢ منظمة صنَّفتْها على أنها إرهابية. والمستغرب أنه إلى جانب المجموعات التكفـيرية المتطرفة، أدرَجَتْ الإمارات على اللائحة أيضاً المنظمات الإسلامية الغربية الحقوقية السلمية الدعوية، بما فـي ذلك «مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية» «كير» و«الجمعية الأميركية المسلمة» «ماس».
وباعتقادنا نحن العرب الأميركيين والمسلمين الملسوعين من اللوائح الحكومية السيئة الذكر، أنَّ توصيف المؤسسات الأميركية المسلمة العريقة بأنها إرهابية هو أمرٌ أقل ما يقال فـيه أنه مستهجَن ومرفوض.
وفـي معرض تعليلهم، الأقبح من الذنب، زعم بعض زبانية «إعلام النفط» أنَّ الهدف من وراء هذا التصنيف هو توجيه ضربة لجماعة «الإخوان المسلمين»، التي تعتبرها دولة الإمارات تهديداً للسلالة الحاكمة فـيها. ويُلاحظ هنا على الهامش أنَّ «الإخوان» لا يُعتبرون جماعة إرهابية فـي الولايات المتحدة.
وقد أفلح داوود وليد، المدير التنفـيذي لـ«مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية فـي ميشيغن» «كير – ميشيغن» بتوضيحه فـي الأسبوع الماضي أنه لا توجد صلات بين المؤسسات الأميركية المسلمة وجماعة «الإخوان» كما أنَّ «كير» و«ماس» هما منظمتان مستقلتان متنوعتان عرقياً ودينياً، فـي حين أن جماعة «الإخوان المسلمين» هي حركة عربية إسلامية سنية.
لائحة الإرهاب الصادرة عن دولة الإمارات تنقصها المصداقية والموضوعية أيضاً، و«مجلس العلاقات الاسلامية الاميركية» و«الجمعية الاميركية المسلمة» لا تمتان للإرهاب بصلة لأنهما لا يستوفيان أحد أهم شروط الإرهاب وهو العنف. حتى وزارة الخارجية الأميركية المولعة بالتصنيفات واللوائح رفضت قرار دولة الإمارات ووصفته بـ«الغريب».
فـ«المجلس» و«الجمعية» هما مجموعتان تحظيان باحترام كبير وسط الجاليات والمجتمعات الداعية للحقوق المدنية ومجمع الأديان وقد بذلتا جهوداً جبارة للتقريب بين الناس من جميع الأديان والأعراق.
أما على الصعيد المحلي، فمنظمة «كير» هي رأس حربة فـي المعارك التي تناهض التمييز العنصري أو الاستبدادالحكومي. و«المجلس» مع موظفـيه يعمل بلا هوادة وبشكلٍ ظاهر ويشارك فـي الإحتجاجات والدعاوى القضائية ويدعو إلى العدالة فـي القضايا التي تمسّ جميع الأميركيين وخاصة المسلمين منهم.
فـي الآونة الأخيرة، وقف وليد مع المناضلة الفلسطينية المظلومة رسمية عودة، التي حوكمت محاكمة انتقائية سياسية منحازة وأُدينَتْ مؤخراً بتهمة الكذب على طلب التجنيس. لم يدخر جهداً ولم يتورع من المجاهرة بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على الدول العربية. وهذا الصيف ساعد فـي تنظيم احتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، وقطع المياه عن الفقراء فـي مدينة ديترويت. كما أنَّه أيضاً صوتٌ تقدمي بارزٌ فـي الوقوف ضد وحشية الشرطة ضد الملونين والمستضعفـين.
وغني عن القول، أنَّ النشاط السياسي لمنظمة «كير» لم يتم إلاَّ من خلال الوسائل السلمية والحضارية، ويقتصر عملها داخل نطاق أراضي الولايات المتحدة لا فـي رأس الخيمة أو أم القيوين ولا أي أرضٍ من أراضي المرجّفـين.
وفـي حين أننا يمكننا فقط مجرد التكهن بدوافع معينة وراء هذه الخطوة غير المنطقية لحكام الإمارات، فمن الواضح أنهم خلقوا هذه القائمة لتعزيز مصالحهم الخاصة من خلال خلط الأوراق وليس لمحاربة التطرف والإرهاب.
ذلك أنَّ قرار دولة الإمارات العربية المتحدة يستعصي على المنطق السليم. غير أننا يمكننا الاستفادة منه لننأى بأنفسنا عن هذه الأنظمة الفظيعة فـي الشرق الأوسط التي، كما قال داوود، لا تُعرَف بأنها منارة للعدالة وحقوق الانسان خصوصاً فـي دبي حيث انتهاكات حقوق الانسان ضد العمال الأجانب، وآخرها بحق الموظفـين اللبنانيين الذين جرى طردهم وتجريدهم فجأةً من حقوقهم المالية والمهنية، وهي معروفة وموثَّقة.
للأسف غالباً ما تتم «شيطنة» العرب الأميركيين والمسلمين من قبل المتعصبين الحاقدين من خارج أميركا بسبب سياسات بعض الحكومات فـي الدول ذات الأغلبية المسلمة. ولطالما استُخدمتْ النظم السلالية المعادية للديمقراطية فـي دول الخليج كفزَّاعة وكذريعة لقمع دعوات العدالة للمسلمين فـي أمكنة أخرى.
على سبيل المثال، عندما يطالب أحدنا بالحرية فـي فلسطين، يسارع أنصار الفصل العنصري إلى التدليل على انتهاكات حقوق الإنسان والقوانين المتخلفة فـي المملكة السعودية، فـي ما يوصف فـي الجدل السياسي بـ «التفت حواليك». وقبل أسابيع قليلة، بعد أن تم القبض على ناشطة محلية من أصل لبناني فـي تظاهرة حاشدة للمطالبة بتحقيق العدالة لمايكل براون فـي سانت لويس، انبرى أحد عناصر الشرطة بالقول لها بلهجة عنصرية إنها لا يمكنها أنْ تقوم بما تقوم به من احتجاج فـي الدول الإسلامية.
لا جدال فـي أن مشيخات الخليج هي أنظمة ديكتاتورية وتعسفـية، لذلك نحن كعرب أميركيين ومسلمين نحن نعارضها. كما أنَّ هذه المشيخات تعارضنا أكثر، مثلما يتضح
من تصنيفها لمنظماتنا السلمية الأهلية الحقوقية وتصفها ظلماً وعدواناً بأنها إرهابية!
Leave a Reply