النتائج الايجابية لزيارته وعودة التنسيق مع الجيش السوري أقلق 14 آذارالعماد قهوجي زار دمشق تحت سقف قمة سليمان-الاسد
مع كل زيارة يقوم بها مسؤؤل لبناني الى سوريا، تتوتر قوى «14 آذار»، وتعتبر ان سوريا تتسلل تدريجياً الى الداخل اللبناني، وعودة «الوصاية» اليه، وقد ظهر الهلع على النائب وليد جنبلاط العائد من الولايات المتحدة الاميركية، بان التطبيع الاميركي-السوري سيعود الى سابق عهده مع الادارة الاميركية الجديدة برئاسة باراك اوباما، يضاف اليه انتقال التطبيع اللبناني-السوري سريعاً الى المرحلة التي كان الوجود السوري عسكرياً وامنياً في لبنان، وقد ارتعب من ان يعود اللواء رستم غزالي الى فرض نفوذه من دمشق وريفها، اي عودة المخابرات السورية وفق تصريحه الأخير من بكركي، التي زارها ليحرض البطريرك الماروني نصرالله صفير على زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الى سوريا، وتحطيم صورته مسيحياً عشية الانتخابات النيابية، لاستعادة الكتلة النيابية المسيحية في جبل لبنان منه، وبذلك تضمن قوى 14 آذار الاغلبية في مجلس النواب.فتطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا، يعني انهاء الوصاية الاميركية على لبنان، التي بدأت في العام 2005، مع ما سمي بـ«ثورة الارز» التي اطلقها الرئيس الاميركي جورج بوش، من ضمن مشروعه زللشرق الاوسط الجديدس لتعميم الديمقراطية، ومع خروجه من البيت الابيض وخسارة الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية، فان مرحلة جديدة بدأت مع الحزب الديمقراطي، لمسها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اثناء لقاءاته في واشنطن مع مسؤولين اميركيين، بان لبنان لم يعد اولوية عند الإدارة الجديدة لجهة وضعه في مواجهة سوريا، او اتخاذه ساحة ضد قيادتها لفرض شروط عليها، ما دامت هناك قناعة، بأن الحل يمر عبر سوريا، وهو ما اكدت عليه رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي التي تنتمي الى الديمقراطيين.وفي هذا السياق يظهر القلق لدى قوى 41 آذار، عند كل زيارة يقوم بها وزير لبناني الى سوريا، وان داخل هذا الفريق من لم ينظر الى عقد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قمة مع نظيره السوري الرئيس الدكتور بشار الاسد بارتياح، بل انزعج منها وهي اول زيارة خارجية له بدأها من سوريا، بعد ان كان التقى الرئيس الاسد في باريس وشارك معه في قمة رباعية ضمته الى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وامير قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، وكان للاخيرين الدور الرئيسي في رعاية الاتفاق بين الاطراف اللبنانية في الدوحة ووضع آلية حل للازمة، بدأت مع انتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية، ووضع قانون للانتخابات النيابية، وقد فتح تطبيق اتفاق الدوحة باب استعادة فرنسا وسوريا لعلاقاتهما الطبيعية، والتي تكرست باتفاقات وولوج دمشق الى اتفاق الشراكة مع اوروبا واطلاع الرئيس ساركوزي بدور لاعادة العلاقات السورية-السعودية الى طبيعتها، بعد الانتكاسة التي رافقتها، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث اظهرت القيادة كل تجاوب مع لجنة التحقيق الدولية في جريمة الإغتيال، الى المساهمة في حل الازمة اللبنانية، ولم يعد هناك من سبب لإمتناع الرياض عن تحسين علاقتها مع دمشق، الارغبة لدى حكام السعودية، بان تقطع سوريا علاقتها مع ايران، وتوقف دعمها للمقاومة وتساند السنة في لبنان من خلال تسهيل السلطة لآل الحريري، كما كان الوضع ايام الرئيس رفيق الحريري.وتحت هذه العناوين، ترى السعودية وحلفاؤها في لبنان، ان العلاقات اللبنانية-السورية، تعود الى طبيعتها، بما يضمن للسعودية نفوذها في لبنان، وعدم وقوعه تحت «الهيمنة الإيرانية»، كما يؤكد المسؤولون في المملكة، ويعبر عنها حلفاؤهم في لبنان في «تيار المستقبل» وجنبلاط وآخرين، اذ تقف هي عقبة في تحسين العلاقات مع دمشق قبل ان يتم التطبيع معها، وهو ما يبقي الوضع الداخلي غير مستقراً، كما تم في المرحلة الاخيرة، وضع القوى السلفية والأصولية الاسلامية في الواجهة، في الشمال والبقاع، عند خاصرة سوريا للضغط عليها، وقد كان التفجير الذي وقع على طريق مطار دمشق بالقرب من مقام السيدة زينب، رسالة واضحة الى القيادة السورية، التي اعتقلت المجرمين، وكشفت التحقيقات عن تمويل لهم من دول خليجية و«تيار المستقبل» في لبنان، وفق ما ذكرت وفاء العبسي إبنه زعيم تنظيم «فتح الاسلام» شاكر العبسي.ولان الوضع الامني المتفجر والعمليات الارهابية التي تستهدف البلدين، استدعت الاسراع في حصول لقاءات امنية وعسكرية بين المسؤولين في البلدين، بعد ان تم الاتفاق على التنسيق بينهما في القمة التي جمعت الرئيسين الاسد وسليمان، حيث صدر في البيان المشترك على اهمية استعادة التعاون بين البلدين والتبادل الدبلوماسي، وترسيم الحدود، ومتابعة اوضاع المعتقلين والمفقودين من البلدين عبر اللجان المشتركة.وجاءت زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي تحت سقف ما صدر عن القمة اللبنانية-السورية، ولم تخرج عن اطار ما رسمه البيان الوزاري للحكومة، ولا عن التوجه العام عند اللبنانيين بان تكون العلاقة طبيعية.لكن زيارة قهوجي جوبهت بالانتقاد نفسه التي قوبلت بها زيارة وزير الداخلية زياد بارود، الذي ذهب الى دمشق بقرار من مجلس الوزراء، وسمى الوفد الرسمي الذي رافقه، لكن لم يكن يخطر ببال قوى 14 آذار، ان العلاقة ستعود سريعة بهذا الشكل، وكانوا ينتظرونها بعد تبادل السفراءحيث يبدأ الحديث عن زيارات، وكانوا يريدون أخذ فسحة من الوقت حتى اجراء الانتخابات النيابية في الربيع القادم، وعلى ضوء نتائجها يقررون اتجاه العلاقة مع سوريا، لان التطبيع المبكرمعها، سيؤثر برأي الاغلبية النيابية، على نتائج الانتخابات، لجهة تغيير المناخ الشعبي ضدها، بعد ان تم استثماره في الانتخابات الماضية، بعد توجيه الاتهامات الى نظامها الامني الذي كان موجوداً في لبنان، بانه قد يكون ضالعاً او مطلعاً على اغتيال الحريري، ولم تعد هذه الاتهامات تفيدهم، بعد ان أظهرت تقارير لجنة التحقيق الدولية، تعاون سوريا، وعدم تورط اي من مسؤوليها فيها، وانفتاح دولي عليها، وقد زاد من حذر قوى 14 آذار، هو الحشود العسكريسة السورية على الحدود مع لبنان في الشمال والبقاع، واعتبارها انها ستؤثر في الانتخابات النيابية، مع حملة اعلامية وسياسية، من ان القوات السورية ستعود الى لبنان، او هي ستدخل الحدود، لملاحقة اسلاميين اصوليين متهمين بأعمال ارهابية، او انها ستدخل الى الشمال، لمنع ابادة «العلويين» فيه من قبل قوى سلفية واسلامية لبنانية، كما حصل مع الدخول التركي الى شمال العراق لملاحقة «البشمركة».لذلك فان زيارتي بارود وقهوجي، خلقتا ارباكاً لدى «ثوار الارز»، الذين بدأت تتوارد معلومات اليهم عن ان سوريا مصممة على ان يكسب حلفاؤها الانتخابات النيابية، وتنتهي «الاكثرية الوهمية» التي تحدث عنها مرة الرئيس الاسد، وان تتحول الأكثرية الحقيقية الى المعارضة الان او 8 اذار، والامساك بالقرار داخل الحكومة.وجاءت النتائج التي خرج بها قائد الجيش من لقاءاته مع القيادة السورية، واستقبال الرئيس بشار الاسد له، ، ولم يمر شهران على تعيين قهوجي، حتى كان اللقاء في قصر المهاجرين، حيث نظرت اليه قوى 14 اذار، على انه اشارة مرور له الى رئاسة الجمهورية، وهو ما عبّرت عنه في بيانها تعليقا على الزيارة بالقول عن ترغيب له بالسلطة، وان دمشق كانت توحي لقادة الجيش في لبنان ان طريقهم من اليرزة (مقر وزارة الدفاع) الى قصر بعبدا (مقر رئاسة الجمهورية) سهلة ومؤمّنة، هذا ما حصل مع الرئيس اميل لحود ومع الرئيس ميشال سليمان، وانهما انصاعا الى «الوصاية السورية» فأمّنا وصولهما الى الرئاسة الاولى، وهذا ما يخشى منه فريق 14 اذار، وتحديدا الموارنة فيه من ان تتكرر تجربتي لحود وسليمان مع قهوجي، فحاصروه بحملة سياسية واعلامية، كما فعلوا مع بارود وهو وزير ماروني ايضاً، ولم يفعلوا ذلك مع الوزيرين طارق متري وتمام سلام اللذين زارا سوريا، كما ذهب اليها وزير الخارجية فوزي صلوخ ووقع مع نظيره وليد المعلم اتفاق تبادل السفارات، الذي توقع رئيس الجمهورية، ان يتم نهاية العام الحالي، او مطلع العام المقبل بحيث تخطو العلاقات خطوات الى الامام. اما تذرع القوى المناونة لسوريا، انه لا يجوز ان تحصل الزيارات قبل تعيين السفيرين، فهو لا يدخل في اطار القانون الدولي، لان هناك دول لا تقيم علاقات فيما بينها ويحصل تعاون اقتصادي وغيره معها.وكان رد وزير الدفاع الياس المر موضوعياً، عندما اشار الى ان زيارة قهوجي وقبله بارود، فرضتهما الظروف الامنية، والتي لا يمكن تأجيل عقد لقاءات امنية لبنانية-سورية، لمعالجة الوضع الامني الذي تفرضه الحدود المشتركة بين البلدين وضرورة ضبطها، لاسيما بعد صدور القرار 1071، وهذا ما اثاره الطرف اللبناني في اجتماعاته مع نظرائه السوريين.فالضرورة الامنية بعد العمليات الارهابية التي وقعت في لبنان وسوريا واكتشاف شبكاتها كانت الاولوية في استعادة التنسيق الامني، الذي حاولت قوى 14 اذار، ربطه بمجلس الوزراء، وهذا امر بته الاخير بعد الحملة على وزير الداخلية، الذي اقرّ له بما توصل اليه من نتائج اثناء زيارته الى دمشق، وتشكيل لجنة متابعة، او لجنة امنية مشتركة لمتابعة القضايا الامنية، وهو امر طبيعي، ان تقوم المؤسات بين الدولتين كل باختصاصها بعملهما المشترك.لكن ما اغضب قوى 14 اذار، هو البيان المشترك الذي صدر بعد زيارة قائد الجيش والذي اكد على تفعيل التعاون في مجالات التدريب واللوجستية، ومواجهة التهديدات الاسرائيلية ضد البلدين الشقيقين وتنسيق الاجراءات الميدانية، وهذا ما ترفضه هذه القوى رفضاً كاملاً، بان يبنى الجيش على عقيدة قتالية، وعلى قتال العدو الاسرائيلي، وان يتدرب في سوريا ويتسلح منها وهو امر غير مرغوب اميركياً، ويناقض خطها السياسي، برفض العداء لاسرائيل، كما اعلن اكثر من مسؤول فيها، وان اتفاق الهدنة يجب ان ينفذ عند الحدود وليس بناء جيش قوي مقاتل، بحيث لا تسمح اتفاقية الهدنة بذلك.فالضيق الذي ظهر فيه فريق 14 اذار، هو من النتائج التي خلصت اليها زيارة العماد قهوجي، وهي عودة التنسيق بين الجيشين، وفق معاهدة الاخوه والتعاون، والتي يجسدها المجلس الاعلى اللبناني-السوري، والاتفاقات المعقودة بين البلدين، وهذا ما ترفضه الاغلبية النيابية، وتطالب بالغاء المجلس، واعادة النظر بالاتفاقيات وعدم الاسراع في تطبيع العلاقات، التي تسقط كل مقولاتها ونهجها السياسي، فتفقد شعبيتها التي بنتها على العداء لسوريا، وعلى ان نظامها سيسقط، وان حلفاءها في لبنان سيضعفون وينقرضون، وسستثتأثر هي في الحكم، فبينت الوقائع عكس ذلك، فسوريا بقيت قوية ولم تضعف امام الضغوطات الاميركية، ولا نجح الحصار في عزلتها، لا بل عادت مرجعية عربية واقليمية، ورقماً في معادلات المنطقة، وحلفاؤها في لبنان، استعادوا المبادرة في ايار الماضي، وهم سيحققون انتصاراَ في الانتخابات النيابية، كما لم تتمكن الأغلبية الحالية من السيطرة على الجيش الذي بقي على مسافة واحدة من الجميع، ولم يخضع قائده الجديد لابتزازهم، كما لم يخضع سلفه ، وهذه اهمية زيارته الى سوريا.
Leave a Reply