جنيف، طهران، عواصم – يبدو أن الدقائق العشر التي استغرقتها مكالمة أوباما مع روحاني الهاتفية والتي جاءت قبيل اقلاع طائرة الرئيس الايراني من مطار نيويورك، كانت كافية لكسر الجليد في مفاوضات «النووي» الإيراني وربما سائر ملفات المنطقة المعقدة وعلى رأسها «جنيف ٢» حول سوريا.
![]() |
إيرانية ترفع صورة الرئيس حسن روحاني. |
فالتقارب الأميركي الإيراني أثار مخاوف اسرائيل التي طالما حذرت من انتهاج الدبلوماسية في التعاطي مع ملف «إيرانيوم»، فيما يبدو أن طهران بدأت الحديث عن تغيرات كبرى في العلاقات الإقليمية والدولية على خلفية المشهد الدبلوماسي الدولي.
وقال نائب الرئيس الايراني للشؤون البرلمانية إنّ ايران ستشهد خلال الأشهر القادمة نمواً في علاقاتها مع دول المنطقة والعالم، كاشفاً أن الرئيس روحاني أنجز خلال خمسين يوماً أعمال سنوات عدة في مجال السياسة الخارجية وخلق أجواء جديدة في الساحة الدولية.
وأكدّ الشيخ مجيد أنصاري، أن إيران ستشهد خلال الأشهر القادمة نموا في علاقاتها البناءة مع دول المنطقة والعالم «لاسيما دول الجوار الواقعة في الخليج الفارسي».
ويأتي التفاؤل الإيراني الواضح بعد أسبوع من التطورات المتسارعة، تخلله يومان من المفاوضات بين إيران ومجموعة «٥+١» وسط استعداد طهران لإخضاع منشآتها النووية للتفتيش المفاجىء.
وقد أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون الأربعاء الماضي في جنيف عن اتفاق القوى الكبرى وإيران على عقد الجولة الجديدة من المحادثات بشأن برنامج إيران النووي يومي 7 و8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وقالت أشتون في مؤتمر صحفي عقب إنتهاء اليوم الثاني من جولة المفاوضات التي عقدت في جنيف بين الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن زائداً ألمانيا، وإيران، إن «المحادثات مع إيران كانت مهمة جداً وحددنا موقفنا بشأن عدة مواضيع»، مضيفةً «تطرقنا إلى تفاصيل كثيرة مع المفاوضين الإيرانيين أكثر من السابق، واتفقنا على عدم الكشف عن تفاصيل المحادثات.
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنه تم تحقيق خطوة مهمة في هذه الجولة من المحادثات، مؤكداً أن الجانبين لديهما أرضية مشتركة، وإيران مستعدة لحل قضية البرنامج النووي، كما أمل أن تكون هذه المفاوضات «بداية مرحلة جديدة في علاقات إيران مع الدول الغربية».
وكشف ظريف خلال مؤتمر صحفي عقب إنتهاء المفاوضات أن الأجواء كانت إيجابية، وأنه من خلال المحادثات نستطيع الوصول إلى أهداف مشتركة ولقد وصلنا إلى مرحلة جدية في المحادثات.
ورغم الاهتمام الكبير بما جرى في مفاوضات جنيف، فإن المعلومات عن مجريات المحادثات ونتائجها بدت قليلة، وخصوصا في ضوء التكتم على «الورقة السرية» التي تقدّم بها المفاوضون الايرانيون، الذين ترأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، صاحب الخبرة في مفاوضة الغرب لدوره السابق في ما عُرف بـ«قناة جنيف» حول أفغانستان.
ورقة ايران السرية
كشفت معلومات صحفية أن «الورقة السرية» الإيرانية انطلقت من الحاجة إلى بناء ثقة متبادلة بين ايران والغرب، فإيران تريد تطمينات من الغرب وهي مستعدّة لمبادلته بتطمينات مماثلة، مشيرة إلى أن إيران قالت «نعم» في مسائل عد، وقالت «لا» حيال مسائل أخرى، في معرض عرضها لخريطة طريقٍ لبناء الثقة وايجاد حل للملف النووي. وكشفت الورقة عن أن طهران أبدت استعدادها للآتي:
1- فتْح كل المواقع النووية أمام مفتشي وكالة الطاقة.
2- وقف التخصيب في المرحلة الأولى كي لا يتجاوز الـ20 بالمئة.
3- الاستعداد للتعاون مع الغرب لاستكمال البرنامج السلمي للطاقة النووية.
4- تقديم كل الدلائل للتأكد من سلميّة البرنامج النووي الايراني.
وأعلن مصدر في الوفد الإيراني المفاوض في جنيف أن طهران تأمل في تسوية قضية برنامجها النووي خلال سنة واحدة كحد أقصى. وقال المصدر في حديث لوكالة «إيتار – تاس» يوم الثلاثاء 15 تشرين الأول (أكتوبر)، إن الخطة التي تطرحها طهران في هذه المفاوضات تقضي بحلّ القضية على مراحل، مؤكدا أنه يمكن خلال ستة أشهر أو سنة كحد أقصى تجاوز حدة المشكلة وتحويلها إلى المناقشات في إطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقط.
الى ذلك أعلنت ايران موافقتها على إخضاع منشآتها النووية لعمليات التفتيش المفاجئة، سعيا لحل أزمة الملف النووي الذي تعتقد الولايات المتحدة وإسرائيل وبلدان غربية أنه يطوّر برنامجا عسكريا تحت غطاء الطاقة السلمية.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الايراني قوله إن طهران ستسمح في ظروف خاصة للخبراء الدوليين بعمليات تفتيش مفاجئة في مواقعها الذرية. ووصف مسؤولون إيرانيون عرض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في جنيف أنه بمثابة خطوط عريضة لمرحلة نهائية في البرنامج النووي، تسعى طهران للوصول إليها في ختام المحادثات.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جنرال» الاميركية: «أنّ المسؤولين شددوا على أن إيران لن تتخلى عن قدرتها على إنتاج الوقود النووي من خلال تخصيب اليورانيوم، وأنها لن تلتزم بالمطالب الأميركية بشحن مخزونها».
وأضافت الصحيفة «أنّ طهران لمحّت أخيراً، إلى أنها مستعدة لاتخاذ خطوات هامة مقابل تخفيف العقوبات».
وفي موسكو، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الروسية يوم الخميس الماضي إن المحادثات الدولية حول برنامج إيران النووي «مبشرة للغاية» وإن اقتراحات إيران قد تسفر عن تقدم في سبيل إنهاء النزاع بينها وبين القوى العالمية.
وأضاف ألكسندر لوكاشفيتش «لن أقلل من أهمية هذه الجولة، في إشارة إلى المحادثات التي جرت في جنيف يومي الثلاثاء والأربعاء… وعلى الرغم من صعوبتها الشديدة، نرى أنها كانت مبشرة جداً جداً».
وبدورها وصفت الولايات المتحدة المحادثات في جنيف بأنها الأكثر جدية وصراحة حتى الآن لكن مسؤولاً أميركياً قال «انه لم يحدث فيما يبدو تضييق لفجوة الخلافات بين طهران والدول الست في المفاوضات بشأن برنامجها النووي. ومن المقرر عقد مباحثات للمتابعة في السابع والثامن من (نوفمبر) تشرين الثاني.
في القدس المحتلة، ردت اسرائيل على التقارير التي تفيد باستعداد ايران للتسوية برسالة من مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طالبت بإبقاء العقوبات الاقتصادية حتى تتخلى طهران عن برنامجها النووي الذي يشتبه بأنه يهدف لانتاج أسلحة نووية.
وفي رسالة ارسلت من مكتب نتنياهو قال مسؤول اسرائيلي كبير طالبا عدم نشر اسمه «يجب اختبار إيران بأفعالها وليس بمقترحاتها». وأضاف المسؤول «حتى اتخاذ خطوات مهمة تثبت أن إيران تفكك برنامجها النووي العسكري يجب ان يواصل المجتمع الدولي عقوباته عليها».
وكان نتنياهو قال إن إسرائيل لن تقبل أن تصبح ايران قوة نووية ولمح إلى أن بلاده قد تلجأ إلى القيام بعمل عسكري والتصرف بمفردها للحيولة دون حدوث ذلك.
Leave a Reply