غضب عربي أميركي على مجزرة إسرائيل ضد “أسطول الحرية”
ديربورن، ديترويت – خاص “صدى الوطن”
لبّى المئات من أبناء الجالية العربية في منطقة ديترويت دعوة “كونغرس المؤسسات العربية الأميركية في ميشيغن” للتظاهر والاعتصام احتجاجاً على الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية، على “أسطول الحرية” والذي أسفر عن مقتل ٩ نشطاء متضامنين مع فلسطينيي قطاع غزة المحاصرين منذ ما يزيد عن العامين، وجرح العشرات.
وكانت الاعتداءات قد حدثت فجر الاثنين الماضي في المياه الدولية، حين قامت زوراق بحرية اسرائيلية بتطويق السفن الثمانية التي يتكون منها الأسطول، وعلى متنها مساعدات طبية وإنسانية، يحملها 750 ناشطاً من 60 دولة في العالم، في محاولة لكسر الحصار المفروض على القطاع.
وكان الاعتداء قد أثار الكثير من ردود الفعل الغاضبة حول العالم، وكانت الجالية العربية في الولايات المتحدة سباقة إلى التعبير عن غضبها وتنديدها بالممارسات الوحشية الاسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني.
وقد احتشد قرابة 300 شخص من أبناء الجالية مساء الثلاثاء الماضي أمام مبنى بلدية ديربورن، يحملون الأعلام الفلسطينية، ويرفعون لافتات كتب عليها عبارات تندد بالاحتلال الاسرائيلي، والتواطؤ الدولي، وتدعو إلى إيقاف القرصنة الإسرائيلية والحرب المسعورة وتحقيق السلام العادل والشامل الذي يضمن استقلال وحرية الدولة الفلسطينية وكرامة أبنائها وفك الحصار عن قطاع غزة.
على مدى ساعتين، وبحضور إعلامي كثيف لمختلف الوسائل الإعلامية المرئية والمقروءة والمسموعة، رددت الجموع المتضامنة مع الفلسطينيين في محنتهم المستمرة، ومع شهداء أسطول الحرية شعارات: أوقفوا القتل، أوقفوا الحرب. اسرائيل دولة الإرهاب. باراك وهتلر متشابهان والفرق فقط في الأسماء. الحرية لفلسطين. فلسطين حرة.
وكان المتحدث باسم “كونغرس المؤسسات” الزميل أسامة السبلاني قد ألقى كلمة أدان فيها الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل، وطالب الرئيس باراك أوباما وإدارته بوقف المساعدات العسكرية والدعم السياسي للحكومة الإسرائيلية، والعمل من أجل دفع عملية السلام على أسس عادلة، وقال”إما السلام في الشرق الأوسط أو الحرب في كل مكان”.
وسخر السبلاني من ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين من أن الحادث جاء في سياق الدفاع عن النفس، وقال “إن ادعاءات كهذه تستخف بعقول الناس، فأي خطر يشكله ناشطون لا يحملون سلاحاً على عسكريين مدججين بالسلاح، خاصة وأن الاعتداء حصل في المياه الدولية”. واضاف”إن نتنياهو هو مجرم حرب وحكومته هي حكومة مجرمة”.
وقال: “يمكن للحكومة الاسرائيلية أن تجوعنا، وأن تحرمنا من الغذاء والدواء والماء، ويمكن لها أن تحاصرنا، ولكن لا يمكن لها أن تأخذ منا كرامتنا، أو حقنا في المقاومة”.
وندد السبلاني بانحياز بعض وسائل الإعلام إلى الرواية الإسرائيلية ومنها “ديترويت فري برس” وخاطب مراسليها ومراسلي الوسائل الإعلامية الأخرى بالقول: “ديترويت فري برس.. العار عليكم!”.
كما حيا السبلاني الحكومة التركية ورئيسها رجب طيب أردوغان على مواقفه الشجاعة في نصرة الفلسطينيين، وحيا الشهداء الأتراك الذين قضوا في حادثة أسطول الحرية على أيدي القوات البحرية الإسرائيلية. وندد في الوقت ذاته بمواقف النظام المصري التي تساهم في إحكام قبضة الحصار على قطاع غزة.
وبعث السبلاني برسالة شفهية إلى اليهود الأميركيين، وقال “نحن نؤمن بالهولوكست (المحرقة اليهودية) ولكنني أدعوكم إلى الانضمام إلينا لحماية الفلسطينيين من هلوكوست أخرى”.
وكان مفاجئاً للمعتصمين حضور مغنية الهيب الهوب الأميركية الإسرائيلية “انفينسبل”، التي ألقت كلمة قصيرة أدانت فيها الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني واعتبرت تلك الممارسات مضرة بالشعب اليهودي في الوقت نفسه، وغنت أغنية تدين الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني.
وألقى مدير مكتب فلسطين في ميشيغن حسن نعواش كلمة أدان فيها الاعتداء على أسطول الحرية، معتبراً أن ذلك لن يضعف من عزيمة الفلسطينيين، بل سيزيدهم إصراراً على مقاومة الاحتلال الغاصب. وطالب نعواش أبناء الجالية بالكتابة إلى المسؤولين والمرشحين الى المناصب الرسمية في الولاية ومطالبتهم باتخاذ مواقف تدين الاعتداء وكامل الممارسات اللأخلاقية التي تقوم بها اسرائيل بشكل شبه يومي.
كما ألقى كل من الناشطين سام سلامة رئيس النادي اللبناني الأميركي للتراث والشيخ هشام الحسيني كلمتين نددتا بالاعتداءات الإسرائيلية الوحشية، وطالبتا الإدارة الأميركية بوقف المساعدات العسكرية والضغط على الحكومة الاسرائيلية لدعم عملية السلام، واعتبرتا أن تلك الممارسات لن تزيد الشعوب العربية إلا تصميماً وإرادة على تحقيق كامل الحقوق والتطلعات.
اعتصام آخر في مدينة ديترويت
ومساء الأربعاء الماضي، تجمع أكثر من 150 شخصاً أمام المبنى الفدرالي في وسط مدينة ديترويت، شكل الأميركيون نسبة كبيرة منهم، نددوا بالعملية الإسرائيلية ضد سفن أسطول الحرية، ورفعوا الأعلام الفلسطينية، وهتفوا للحق الفلسطيني في الحياة والحرية والاستقلال.
وكانت “صدى الوطن” قد التقت بعض المعتصمين واستطلعت آراءهم ووقفت على دوافعم للحضور إلى التظاهر.
وقالت باربرا بيرفيلد الناشطة في “منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام”: “إنني كيهودية أشعر بحجم الكارثة. وأنا أدعو الجميع إلى زيارة موقعنا الرسمي والمشاركة في إرسال الرسائل إلى المسؤولين في الإدارة الأميركية وإلى الرئيس باراك أوباما ومطالبتهم بوقف الدعم العسكري لإسرائيل”.
وأضافت “على العالم وخاصة الأميركيين أن يعرفوا حقيقة ما يجري، فلقد تم الاعتداء في المياه الدولية على ناشطين غير مسلحين يحملون مساعدات لبشر محاصرين وممنوع عليه منذ سنوات الدواء والغذاء وكل مستلزمات الحياة الأخرى”.
وكان للأميركي كان ستاتشاك رأي آخر في الكتابة للمسؤولين الرسميين وقال: “لاشيء سوف يتغير في الكونغرس، والحزبان الديمقراطي والجمهوري يقفان خلف اسرائيل ويدعمان احتلالها اللاشرعي.. وهذا الدعم هو الذي يقوي من شوكة اسرائيل ويدفعها الى ارتكاب المزيد الجرائم”.
ورأى ستاتشاك أن الحل يكمن في ضرورة أن يتغير وعي المواطنين الأميركيين حول المسألة والوجود الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، وأن يحصل تغير في وعي الأشخاص الجالسين في الكونغرس وفي المناصب الرسمية الأخرى.
آرثر بومان قال “إن الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ليست جديدة، بل هي مستمرة منذ العام 1967، وأعتقد أنه لن يتغير شيء في القريب العاجل، لكننا كأميركيين نطالب الحكومة بإيقاف الدعم العسكري لإسرائيل”. “وعلى الأميركيين أن يكونوا أكثر فطنة”، أضاف.
عمر القصري قال إنه غير متفائل بما ستؤول إليه الأمور، ولكن برأيه يمكن صناعة التغيير خطوة خطوة وعلى العرب الأميركيين ألا يستخفوا بالتظاهر والاعتصام، لأن من شأن هذا أن يغير ولو قليلا. “ما يفعله الإسرائيليون جريمة كبيرة ضد الانسانية، والحصار على غزة ظالم وغيرمقبول وكذلك قتل المدنيين.. وكل ما بوسعنا أن نتظاهر وأن نراسل المسؤولين”.
الأختان ندا (15 سنة) وجمانة أبو صلاح (17 سنة) حملتا الأعلام الفلسطينية وهتفتا ضد إسرائيل، وطالبتا بمقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل وفي مقدمتها سلسلة “مقاهي ستاربكس”.
جمانة الفلسطينية (بيت حنينا) تحكي لزميلاتها في المدرسة عن فلسطين واحتلال إسرائيل لها، وقد استطاعت إقناع إحدى صديقاتها الأميركيات بعدالة القضية الفلسطينية على الرغم من اعتراض رأي والد الصديقة الأميركي.
لو نافاك، أحد الناشطين في “حزب الخضر” الأميركي، قال “الحكومة الأميركية تقدم دعما غير محدود لإسرائيل التي قامت بجريمة منكرة بهجومها على مراكب تحمل مساعدات إنسانية”. وأضاف “علينا أن نعمل كل ما بوسعنا لرفع الحصار على غزة”.
وحول انحياز بعض الإعلام الأميركي قال نافاك “الإعلام يقدم للناس ما يريد الناس أن يسمعونه وليس الحقيقة أو ما يحدث بالضبط، ولذلك فإن التغيير لا يأتي فقط من خلال الإعلام، بل من خلال معرفة ما يجري في الواقع”.
وكان ملاحظاً تواجد عائلتين تركيتين يحمل أفرادهما العلم التركي ولدى الحديث معهما قال أمير أغا أغلو “لقد جئت الى هنا للتضامن مع الفلسطينيين، ولأهتف ضد إسرائيل وجرائمها”. وقالت ابنته نوراي “نحن هنا للتضامن مع جميع الشهداء وضد الجرائم الإسرائيلية التي هي جرائم ضد الإنسانية”.
واستشهدت نوراي بكلمات للزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك تدين الاعتداء وقتل الناس الأبرياء، “إن قتل شخص بريء واحد هو بمثابة قتل جميع البشر”.
إضاءة شموع
وأقامت طلاب جامعيون مساء الخميس الماضي مسيرة شموع تضامنا مع شهداء “أسطول الحرية” أمام المجلس البلدي في مدينة ديربورن.
وشهدت المسيرة حضور الشابة فلسطين طمبورة (15 سنة) التي أصيبت خلال العدوان الأخير على غزة والتي تم استقدامها الى الولايات المتحدة لاستكمال علاجها الطبي.
وروت طمبورة بعض التفاصيل حول اصابتها خلال العدوان ورحلة علاجها التي مرت بعدة بلدان أوروبية خضعت خلالها لعمليات جراحية عدة في ساقها المهشمة جراء الإصابة البليغة.
وتحدثت في المسيرة مريم عراف، شقيقة الناشطة هويدا عراف التي كانت على متن أسطول الحرية. ونقلت عراف للحاضرين تحيات هويدا التي تكلمت معها هاتفيا فور الإفراج عنها من قبل السلطات الاسرائيلية.
وروت هويدا التي تعيش في منطقة ديترويت لشقيقتها تفاصيل الاعتداء الاسرائيلي ووحشيته وتجربتها خلال الاعتقال.
وتحدثت كل من سارة بازيتا ونور صقر وأندريو دلق، ثم قدم مغني الهيب هوب بيغ أي مجموعة من الأغنيات التي تروي وحشية الاحتلال وتخاذل الأنظمة العربية.
وختم الاعتصام بإضاءة شموع بعد أن سار المعتصمون حول مبنى البلدية رافعين الأعلام الفلسطينية وحاملين اليافطات الداعية الى وقف الدعم الأميركي الأعمى لإسرائيل، وفك الحصار عن قطاع غزة.
كونيورز في مكاتب “صدى الوطن”
عشية تظاهرة ديربورن زار النائب الديمقراطي عن ولاية ميشيغن جون كونيورز مكاتب “صدى الوطن” معرباً عن تضامنه مع الضحايا الذي سقطوا في الاعتداء الإسرائيلي على “أسطول الحرية”. وحمل كونيورز رسالة من “كونغرس المؤسسات العربية الأميركية في ميشيغن” الى الرئيس باراك أوباما تضمنت بياناً صادراً عنه. وتوجه كونيورز الى واشنطن للقاء أوباما عند السادسة من مساء الأربعاء الماضي.
لقاء تحضيري
وكان “كونغرس المؤسسات” قد دعا صباح الاثنين الماضي أبناء الجالية العربية عبر رسائل هاتفية الى عقد اجتماع لبحث التطورات واتخاذ أفضل السبل للتعبير عن غضب الجالية العربية في ميشيغن حيال الجرائم الاسرائيلية
وأدان المجتمعون الاعتداءات الاسرائيلية وصمت المجتمع الدولي الرسمي في الوقت الذي ينتشر فيه غضب شعبي حول العالم من الممارسات الاسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. ووافق المجتمعون على اقتراح بإرسال برقية تضامن وتعاطف وعزاء إلى السفارة التركية في الولايات المتحدة.
كما تم في الاجتماع، الاتفاق على التجمع والاعتصام أمام مبنى البلدية في مدينة ديربورن بين الساعتين(4 – 6) من مساء يوم الثلاثاء (الماضي) وتسيير مظاهرة أخرى في وسط مدينة ديترويت مساء الأربعاء (الماضي).
كما طالب المجتمعون بضرورة انتهاج كافة السبل التي من شأنها تعبئة المجتمع الأميركي من خلال فضح الادعاءات الإسرائيلية، عبر الإبراق والكتابة إلى المسؤولين الرسميين، من نواب وأعضاء كونغرس، ومطالبتهم باتخاذ مواقف واضحة ضد الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني على مدار الساعة.
وكان ملاحظاً الحماس الذي أبداه جميع الحاضرين، ورغبتهم السريعة في اتخاذ كافة التدابير التي من شأنها إنجاح تلك المظاهرة والحشد لها، من خلال مهاتفة ومراسلة المواطنين، وكذلك من خلال إعداد اللافتات وتحضير المكان بالتنسيق مع البلدية وشرطة ديربورن.
بيان كونغرس المؤسسات
وقد أصدر كونغرس المؤسسات العربية الأميركية بياناً صحفياً يدين القرصنة الإسرائيلية ويطالب الرئيس الأميركي باراك أوباماً برفع الحصار اللاشرعي عن غزة.
وطالب بيان “كونغرس المؤسسات” الرئيس باراك أوباما بتجميد كل أنواع المساعدات بما فيها المساعدات العسكرية لإسرائيل، ورفع الحصار اللاشرعي المضروب على قطاع غزة وسكانه البالغ عددهم أكثر من مليون ونصف المليون نسمة، وبإيقاف بناء المستوطنات، وتعويض الفلسطينيين الذين دمرت منازلهم، ودفع محادثات السلام فوراً تحت رعاية دولية.
واعتبر البيان أن الإنزال الإسرائيلي على إحدى سفن “أسطول الحرية” يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وأدان المجزرة التي ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية بدماء باردة ضد مجموعة من الأفراد المتضامنين على سكان القطاع المحاصر.
ونوه البيان بأن أسطول الحرية كان مؤلفا من ثمانية مراكب تحمل 750 شخصا في حوزتهم مساعدات طبية ولوازم مدرسية للفلسطينيين المحاصرين في غزة، عندما حاصرته 14 سفينة اسرائيلية اخترقت المياه الدولية وعلى متنها طواقم عسكرية مدججة بالسلاح، إضافة إلى طائرات عسكرية قامت بإنزال العسكريين على إحدى السفن وفتحوا النار على الناشطين.
وذكر البيان بأن قطاع غزة يعاني من حصار شامل منذ العام 2006 بدعم كامل من الحكومة الأميركية، وهو شكل وحشي من أشكال العقاب الجماعي الذي يهدف إلى خنق الفلسطينيين. ومنذ وصوله الى السلطة فان ادارة أوباما ماتزال تقدم عديد المساعدات لإسرائيل التي تسمح باستمرار الحصار على غزة، إضافة الى استمرار الاحتلال وزحف المستوطنات في الضفة الغربية، والحرب الاسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. ووعد أوباما بتقديم 30 مليون دولار على شكل مساعدات عسكرية خلال العشر السنوات القادمة.
وادعت الحكومة الاسرائيلية أن الإنزال الجوي الذي نفذته القوات الاسرائيلية ضد ركاب المركب كان “للدفاع عن النفس”، ولكن المتحدث باسم الكونغرس أسامة السبلاني رد بالقول “أي معنى لمثل هكذا ادعاء من قبل أقوى رابع دولة نووية في العالم تقوم بمهاجمة سفن محملة بالمساعدات الطبية والغذائية، وعلى متنها نشطاء عزل. هذا ادعاء فارغ”.
Leave a Reply