ديربورن – طارق عبدالواحد
احتفالاً بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا، شهدت مدينة ديربورن، يوم الأحد الماضي، تظاهرة شعبية حاشدة ومهرجاناً خطابياً أمام «مكتبه هنري فورد»، لشكر الرئيس الأميركي وقادة الدول الذين ساهموا في منح سوريا فرصة جديدة للتعافي من آثار الحرب الدامية، وفي مقدمتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر تميم بن حمد، بحسب المنظمين.
وتميزت الفعالية التي ضمت المئات من أبناء الجالية السورية والجاليات العربية الأخرى في منطقة ديترويت الكبرى، بمشاعر البهجة والسعادة الغامرة، حيث لوّح المحتفلون بالعلم السوري الجديد إلى جانب الأعلام الأميركية والسعودية والتركية، كما عقدوا حلقات الدبكة الشعبية على أنغام الأغاني والأناشيد التي تميزت بها الثورة السورية منذ انطلاقها في ربيع عام 2011، لتتحول المناسبة إلى ما يشبه الإعلان عن «بداية مرحلة جديدة في تاريخ سوريا الحديث»، بحسب عديد المتحدثين في المهرجان الخطابي الذي رافق الاحتفالية.
وكان الرئيس ترامب قد أمر برفع العقوبات المفروضة على سوريا خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في الثالث عشر من شهر أيار (مايو) الجاري، بعدما صرّح بأن «الشعب السوري عانى بما فيه الكفاية من الكوارث والحروب والقتل»، مؤكداً بأن الوقت قد حان لمنح سوريا «فرصة جديدة للعظمة»، على حد تعبيره.
وجاء قرار رفع العقوبات الأميركية بعد زهاء خمسة أشهر من التحول السياسي الكبير الذي شهدته سوريا إثر سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول (ديسمبر) الفائت، وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة أحمد الشرع، ما أعاد الأمل للسوريين في الداخل والخارج بإمكانية استعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد بعد أكثر من عقد من الحرب والدمار.
وعكست احتفالية ديربورن التي تم تنظيمها من قبل نشطاء محليين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشاعر الابتهاج والتفاؤل التي تسود أوساط السوريين في الولايات المتحدة بعد سنوات طويلة من الألم والغربة والانقسام السياسي، إذ عبّر الناشط المجتمعي محمد الزعبي، في كلمة ألقاها أمام الحضور، عن سعادته الغامرة برفع العقوبات عن سوريا، قائلاً: «لقد عادت الشام، وعادت جميع المدن إلى أهلها، واندحر الطغاة خاسئين إلى يوم القيامة»، مضيفاً بأن قرار الرئيس الأميركي بالوقوف إلى جانب سوريا يمثل لحظة تاريخية يستحقها الشعب السوري بعد سنوات من القهر والاستبداد.
ووجّه الزعبي رسالة شكر وامتنان إلى الرئيس الأميركي مشيداً بشجاعته في اتخاذ هذا القرار، وخصّ بالشكر أيضاً ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي لعب دوراً أساسياً في إقناع الرئيس الجمهوري بضرورة رفع العقوبات عن وطنه الأم، داعياً المحتفلين إلى تصليب أذرعهم على صدورهم للتعبير عن شكرهم للولايات المتحدة، تيمّناً بردة فعل ولي العهد السعودي على إعلان ترامب في الرياض.
من جانبه، أعرب المحامي والناشط السياسي، واصل يوسف، عن أمله في أن يكون قرار الرئيس ترامب برفع العقوبات عن سوريا خطوة أولى نحو إعادة الإعمار والانتعاش الاقتصادي في جميع المدن والقرى السورية وعودتها إلى الحياة الطبيعية، مشيداً بالجهود التي بذلتها الجاليات السورية الأميركية لـ«تحقيق هذا الإنجاز الكبير».
وقال يوسف إن المؤسسات والفعاليات السورية الأميركية دأبت منذ إسقاط نظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي على التواصل مع الإدارة الأميركية والكونغرس لرفع العقوبات «التي طال أمدها»، والتي أثقلت كاهل الشعب السوري، وتحول دون عودته إلى الحياة الطبيعية، مشيداً بما أسماه السياسات المتوازنة التي يتبنّاها الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، والتي أسهمت في بناء جسور ثقة مع المجتمع الدولي ودفعت الإدارة الأميركية إلى اتخاذ هذه الخطوة المهمة.
كذلك، اعتبر زكريا خلف، رئيس المجلس السوري الاغترابي العالمي، أن قرار رفع العقوبات يمثل تحولاً تاريخياً في مسار القضية السورية، وقال إن هذا القرار هو «بمثابة اعتراف دولي بأن الشعب السوري يستحق أن يعيش بحرية وكرامة»، معبراً عن تقديره العميق لكل من ساهم في قرار رفع العقوبات عن بلاده.
وأبرق خلف رسائل شكر وامتنان إلى الرئيس ترامب، وولي العهد السعودي، والرئيس التركي، والأمير القطري، الذين وقفوا مع تطلعات الشعب السوري، مؤكداً بأن هذه الخطوة «تفتح آفاقاً جديدة أمام التعاون الدولي في عملية إعادة إعمار سوريا، وإرساء قواعد دولة ديمقراطية تتسع لجميع السوريين».
كما شاركت في الاحتفالية، المرشحة في سباق رئاسة بلدية ديربورن هايتس، لينا أرزوني، التي ألقت كلمة نيابة عن رئيس البلدية بيل بزي، الذي تعذر عليه الحضور لأسباب طارئة.
وأكدت أرزوني أن هذه السعادة برفع العقوبات عن سوريا لا تخص السوريين وحدهم، بل تعبّر عن انتصار جميع الشعوب التواقة للحرية.
وقالت أرزوني: «اليوم نشهد بداية جديدة، ليس فقط لسوريا، وإنما لكل من آمن بأن صوت الشعوب لا يُقهر، وأن للعدالة موعداً مهما طال الزمن». كما أشادت بدور الجالية السورية في دعم نضال شعبها، مؤكدة أن ديربورن ستبقى دائماً مكاناً يحتضن طموحات المهاجرين والمظلومين.
وأعرب الشيخ أيهم مشمشاني عن امتنانه للإدارة الأميركية والشعب الأميركي، قائلاً: «نحن سوريون، ونحن أميركيون أيضاً، ونشعر بالفخر لما تحقق، وسوف يتحقق من جراء رفع العقوبات الاقتصادية عن شعبنا»، مضيفاً بأن الوقت قد حان لتوحيد الجهود من أجل بناء سوريا جديدة، يتساوى فيها جميع أبنائها في الحقوق والواجبات.
في ختام الاحتفال، دعا المشاركون إلى تعزيز التضامن بين أبناء الجالية السورية في المهجر الأميركي، والعمل على دعم السوريين في الداخل على مختلف الأصعدة، سواء من خلال المبادرات الإنسانية أو الاستثمارات الاقتصادية، أو المساهمة في بناء مؤسسات الدولة الجديدة. كما تم التأكيد على أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه السوريون الأميركيون في التأثير على القرار السياسي الأميركي في قادم الأيام، «من أجل ضمان استمرار الدعم لسوريا في مرحلة ما بعد الحرب».
Leave a Reply