ديربورن، هامترامك – «صدى الوطن»
فـي إطار ردود الفعل على موجة الإسلاموفوبيا التي عصفت بالولايات المتحدة بعد هجمات باريس وسان برناردينو، لجأ نشطاء حقوقيون ورجال دين الى تنظيم تظاهرات منددة بالإرهاب فـي مدينتي ديربورن وهامترامك.
تظاهرة ديربورن أمام مكتبة هنري فورد. |
واحتشد يوم السبت الماضي حوالي مئتي شخص أمام مكتبة هنري فورد المئوية على شارع ميشيغن أفنيو للتنديد بتنظيم «داعش» والتأكيد على براءة الإسلام من تهمة الإرهاب، كما صب البعض انتقاداتهم على المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب بسبب موقفه العنصري الداعي الى منع دخول المسلمين الى الولايات المتحدة.
جانب من تظاهرة هامترامك. (فري برس) |
وشارك عدد من النشطاء الحقوقيين فـي الجالية العربية والإسلامية بتنظيم التظاهرة.
وقال داوود وليد، مدير مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) – فرع ميشيغن، بأن خطاب ترامب المعادي للمسلمين والدفعة التي حصل عليها فـي مقابل ذلك فـي إستطلاعات الرأي لهي ظاهرة تقليدية، وهي بحاجة للرد من جانبنا كأميركيين، وأضاف «علينا أن نجعل أميركا ترقى الى مرتبة قيمها ومثلها العالية».
من جانبها قالت مارثا واشنطن وهي متقاعدة فـي سلاح الجو الأميركي منذ العام 1999 «لا يمكننا الوقوف مكتوفـي الأيدي حين تصبح المشاعر المعادية للمسلمين قوية جدا»، وقالت واشنطن والتي سبق لها الخدمة فـي تركيا واليابان وإنكلترا بأن لها إبنة مسلمة ومحجبة وأخرى مسيحية، وكلتاهما كانت الى جانبها فـي التظاهرة.
وتخلل التظاهرة كلمات لعدد من النشطاء، بينهم مديرة «أي دي سي»-ميشيغن، المحامية فاتنة عبد ربه، كما تم رفع صور وشعارات منددة بالملك السعودي تتهمه بدعم الإرهاب.
تظاهرة هامترامك
وفـي هامترامك، تجمع العشرات من مختلف أطياف المدينة فـي حديقة عامة أمام مبنى البلدية، مرددين شعارات تندد بتنظيم «داعش» الإرهابي ومؤكدين وحدتهم وحبهم وولاءهم لأميركا. وقال الناشط دوان أكمول شاودري «هؤلاء لا يمثلون الإسلام على الإطلاق» فـي إشارة الى منفذي هجمات سان برناردينو وباريس وقال «الإسلام دين محبة وسلام».
وقد تناوب 20 ناشطا من مختلف الإثنيات المتنوعة التي تشكل نسيج هامترامك، فـي إلقاء كلماتهم أمام حشد من حوالي 100 شخص من أبناء المدينة تجمعوا فـي منتزه وينفـيلد بارك، حيث حمل البعض أعلاما أميركية بينما رفع آخرون يافطات منددة بـ«داعش» والإرهاب بكل أنواعه وأشكاله.
وأجمع المتحدثون على شجب الأعمال الإرهابية التي تقوم بها «داعش» مؤكدين رغبة المسلمين فـي العيش بسلام فـي أميركا والمساهمة فـي إزدهار البلاد، وقال إمام أحد المساجد فـي المدينة وهو عبد اللطيف عزوم «الإسلام لا يسمح بالقتل وكراهية الآخرين، وأنا أصلي من أجل أسر الضحايا كما لو أنهم أهلي».
كما شجب عدد من المتحدثين تصريحات ترامب ووصفوها بالعنصرية والنفاق.
وقد إنضم للمتحدثين المسلمين نشطاء من الجالية البولندية أكدوا على رفضهم للكراهية فـي مجتمعنا، وقال أحد النشطاء «إننا نشجب هذه الدعوات ونعلن وقوفنا الى جانب جيراننا وأصدقائنا، كلنا مواطنون فـي هامترامك».
وكانت هامترامك وضعت مؤخرا تحت الأضواء كونها أول مدينة يشكل المسلمون غالبية مجلسها البلدي بعد إنتخابات الخريف الماضي، ويشار الى أن 24 بالمئة من سكان المدينة حاليا من أصول عربية يمنية، 19 بالمئة من السود، 15 بالمئة من بنغلاديش، 12 بالمئة من بولندا، 6 بالمئة من البوسنة، ولا يعرف تحديداً ما نسبة المسلمين فـي المدينة بسبب عدم تضمين الإحصاء الوطني سؤالاً عن الدين، لكن نسبتهم تقدر بحوالي النصف.
2015 يسجل أكبر عدد من الاعتداءات على المسلمين في أميركا
أكد موقع «مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية» (كير) أن المساجد والمراكز الإسلامية فـي الولايات المتحدة تعرضت لأكثر من ٦٥ اعتداءً خلال العام الحالي، فـيما من المتوقع أن يسجل عام ٢٠١٥ أكبر عدد من الحوادث المعادية للإسلام فـي أميركا منذ هجمات ١١ أيلول (سبتمبر) عام 2001.
وتؤكد مديرة «كير» فـي نيويورك، سعدية خاليق، أن الاعتداء على المساجد والمراكز الإسلامية هو رقم بسيط بالنسبة لما يواجهه المسلمون «هذا الرقم بالكاد يعادل ١٠ بالمئة مما يحدث لهم فـي شوارع أميركا».
أحد أبز الاعتداءات التي تعرضت لها المراكز الإسلامية، وقعت فـي مدينة كوتشيلا (كاليفورنيا) حيث قام شاب أميركي أبيض برمي قنبلة حارقة على المصلين فـي المسجد أثناء صلاة الجمعة، إلا أنهم تمسكوا بصلاتهم، وأقاموها بجانب المسجد على الرصيف.
وعلقت خاليق بالقول «الصلاة ركن من أركان ديننا، وهذا ما سنفعله، سنصلي، حتى ولو قمنا بذلك على الرصيف». واعتقل كارل جايمس دايل، البالغ من العمر ٢٣ سنة، بتهمة ارتكاب جريمة الكراهية هذه.
«صدى الوطن» رصدت أبرز الاعتدءات التي تعرض لها المسلمون الأميركيون خلال النصف الأول من كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وتستعرضها فـي «إينفوغرافيك» على (الصفحة 9)
وتشير بيانات مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، إلى أن جرائم الكراهية ضد الاميركيين المسلمين بلغت ذروتها فـي عام 2001، حين سُجلت 481 جريمة، وفـي عام 2014 سُجلت 154 جريمة كراهية كان اميركيون مسلمون ضحيتها، وقال مكتب التحقيقات الفدرالي ان الاحصاءات لا تتوفر لديه حتى الآن عن جرائم الكراهية ضد المسلمين خلال العام الحالي. ولكن الأسابيع الأخيرة من عام 2015 شهدت تصاعد اعمال العنف والترهيب ضدهم، وخاصة ضد المحجبات والأطفال المسلمين، بالإضافة إلى اطلاق النار على مساجد، أو رمي قاذروات عليها.
مسلمو أميركا يتبرعون لضحايا حادث سان برناردينو
بعد حادثة إطلاق النار فـي سان برناردينو، سارع عدد من المسلمين الأميركيين، إلى إطلاق حملة لجمع تبرعات لأسر الضحايا، وفاقت تبرعاتهم ٢٠٠ ألف دولار.
ويسعى القائمون على الحملة إلى تغيير الصورة النمطية للمسلمين فـي الولايات المتحدة، من خلال وسائل عدة، أبرزها هذه الفعالية، التي تظهر التضامن مع محيطهم المجتمعي. وتمكن المئات من مسلمي الولايات المتحدة خلال أيام، من جمع التبرعات عبر صفحة على الإنترنت عنوانها «مسلمون متحدون من أجل سان برناردينو».
وقد انهالت التبرعات على الصفحة، وذلك فـي محاولة «للرد على الشر بالخير»، كما يقول القائمون على المشروع، وسط تنامي ظاهرة العداء للإسلام فـي ظل السباق على الترشح للرئاسة الأميركية.
وتجاوزت جهود الجاليات المسلمة الجانب المادي، إلى تنظيم حملات عبر صفحات التواصل الاجتماعي لإزالة الصورة السلبية، التي تسبب بها هجوم سان بيرناردينو.
كما يشارك العديد من قادة الرأي فـي البرامج والتغطيات التي تجريها وسائل الإعلام، للتعريف بدورهم فـي بناء أميركا، وتصحيح الصورة التي باتت نمطية عن المسلمين.
Leave a Reply