خاص «صدى الوطن»
واصل إقتصاد ولاية ميشيغن تحسنه في العامين 2010 و2011 حيث حقق نسبة نمو 4,9 بالمئة و2,3 بالمئة على التوالي ليصبح الإقتصاد الـ13 على مستوى الولايات الأميركية، وذلك بعد فترة الركود في العامين 2008 و2009. مع العلم أنه كان الإقتصاد التاسع في العام 2000.
ولكن النمو الإقتصادي في ميشيغن، الذي كان سادس أسرع نمو بين الولايات الأميركية في العام 2011، لم يُعد لإقتصاد الولاية كامل عافيته والحجم الذي كان لديه مطلع عام 2008، حيث بلغ حينها 345 مليار دولار مقابل 337,4 في العام 2011، ما يعني أن طريق التعافي من الأزمة المالية لم ينته بعد، ويبدو أن العام 2012 لن يحقق النمو المطلوب لذلك، لاسيما مع عودة معدلات البطالة الى الإرتفاع مجدداً وتراجع وتيرة التوظيف.
وفي ظل التوقعات بتعثر نسبي في العام 2012، يواجه اقتصاد ميشيغن وسياسات الحاكم ريك سنايدر تحدياً كبيراً في الإنتخابات القادمة، قد يؤدي الى تباطؤ إقتصاد الولاية وقدرته على خلق الوظائف.
وتتركز المعركة الإنتخابية بين سنايدر والجمهوريين من جهة والنقابات والديمقراطيين من جهة أخرى على المقترحات الإنتخابية التي تخص النقابات ولاسيما مقترحي «حماية حقوق التفاوض الجماعي» و«قانون الطوارئ المالية»، حيث يسعى الجمهوريون الى مواصلة تجريد النقابات من الكثير من امتيازاتها لتحرير الشركات الصناعية والبلديات والمدارس من أعباء العقود التي تثقل ميزانياتها وتمنعها من خلق الوظائف، في حين تسعى النقابات مدعومة من الديمقراطيين الى إلغاء قانون الطوارئ المالية (المقترح الأول) الذي يسمح لمدير الطوارئ المالية المعين من قبل حكومة الولاية بتعديل أو إلغاء العقود البلدية والتربوية مع العمال والموظفين. وكذلك تسعى النقابات الى إنجاح المقترح الإنتخابي الثاني الذي يؤمن حماية قانونية لحقوق التفاوض الجماعي ما يعني حماية العقود النقابية دستورياً.
حال الولاية
أظهر الإستطلاع الدوري للرأي الذي تجريه «جامعة ميشيغن ستايت» (إستطلاع حال الولاية) أن سكان ميشيغن أصبحوا خلال الربع الثالث من العام 2012 أكثر رضاً عن الوضع الاقتصادي، وكذلك تميزت آراؤهم بالإيجابية تجاه الحاكم ريك سنايدر وكذلك الرئيس باراك أوباما.
ولكن البيانات الإقتصادية المتعثرة نسبياً التي صدرت في الأشهر الأخيرة كان لها انعكاساً كبيراً على توقعات المستطلعين فقد كشف الإستطلاع أن 48,7 بالمئة من المستطلعين يعتقدون أن الوضع الإقتصادي سيكون أفضل حالاً بعد سنة من الآن، بعد أن كانت النسبة في الربع السابق ٦١ بالمئة.
وقال بروفسور الإقتصاد في الجامعة شارلز بلارد الذي أشرف على الاستطلاع الذي يجرى أربع مرات سنوياً (لكل ربع) إن نسبة الرضى على أداء سنايدر ارتفعت من 33 الى 38 بالمئة مقارنة بالربع الثاني في مقابل استقرار الرضا على سياسات أوباما الإقتصادية عند نسبة 41 بالمئة. وهو ما قد يترجم إنتخابياً لصالح الجمهوريين في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، ولكن جاء أيضاً في الاستطلاع الذي شمل الربع الثالث من العام ٢٠١٢ أن أوباما لا يزال يتقدم على منافسه الجمهوري ميت رومني في السباق الرئاسي، لكن تظل نسبة المترددين عالية جداً ما سيجعل من ميشيغن واحدة من أبرز الولايات المتأرجحة في المعركة الإنتخابية.
وبالعودة الى الإقتصاد، فقد بين الإستطلاع أن 54,4 بالمئة من المستطلعين البالغ عددهم 1015 قالوا إن وضع الإقتصاد في ميشيغن في وضع «جيد أو ممتاز» هذا الصيف، وهي النسبة الأعلى منذ العام 2005. وكان إستطلاع الربع السابق كشف عن نسبة مماثلة عند 54,١ بالمئة. ولكن تبقى أعلى النسب المسجلة في تاريخ الإستطلاع عند 64 بالمئة، وذلك عامي 1998 و1999 في حين أدناها كان عند 43,4 بالمئة في الربع الأخير من عام 2008.
ويشبه البروفسور بلارد الاقتصاد في ميشيغن حاياً بسيارة تسير ببطئ بعد أن كانت تسير الى الخلف قبل ثلاث سنوات فيما كانت تسير بسرعة فائقة قبل 13 عاماً.
انخفاض التوقعات
ويعود تراجع مستوى التفاؤل حول الإقتصاد للعام القادم، الى سلسلة من البيانات السلبية، فحسب بيان صادر عن «دائرة التكنولوجيا والإدارة والميزانية» في لانسنغ شهدت معدلات البطالة في الولاية الشهر الماضي ارتفاعاً للشهر الرابع على التوالي لتبلغ ٩,٤ بالمئة. وكشف البيان أن ١٦ ألف شخص انضموا خلال آب (أغسطس) الماضي الى جيش العاطلين عن العمل في الولاية. ويأتي هذا التراجع بعد أن شهدت الولاية تحسناً كبيراً في سوق العمل على مدى العامين الماضيين عقب بلوغ معدلات البطالة في العام ٢٠٠٨ نسبة ١٤,٦ بالمئة. ويرجع المراقبون تصاعد البطالة الى فشل الشركات في خلق المزيد من الوظائف وهو ما يبرر موقف الجمهوريين بضرورة الحد من إمتيازات النقابات.
ومن جهة أخرى، كشفت بيانات مكتب الإحصاء الوطني انخفاض مستوى دخل العائلة (المنزل) في الولاية بنسبة ١ بالمئة مقارنة عما كان عليه في العام ٢٠١١ ليصبح ٤٥٩٨١ دولار سنوياً. كما كشفت الإحصاءات الوطنية عن زيادة معدلات الفقر في ميشيغن حيث أصبح ١٧,٥ بالمئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر (١,٦٩ مليون نسمة) وهو أعلى من المتوسط الوطني عند ١٥,٩ بالمئة، وهذا ما يستند عليه الديمقراطيون في تمسكهم في سياساتهم الإقتصادية الداعية الى دعم الفقراء بالأموال والبرامج الحكومية بدل إعفاء الأثرياء والشركات الكبرى من الضرائب.
تفاؤل
لا شك أن إقتصاد ميشيغن يستعيد عافيته وإن كانت تعرقله تحديات كثيرة، فالناتج المحلي للولاية يشهد تحسناً متواصلاً وكذلك سوق المساكن في حين يعجز القطاع الصناعي من استعادة حجمه وينعكس ذلك سلباً على سوق العمل، إلا أن تقريراً صادراً عن مصرف «كوميريكا» يؤكد أن ميشيغن تتجه الى الإستفادة من نمو قطاعات أخرى وتصاعد النشاط الإستهلاكي في الولاية.
وكشف تقرير المصرف إن اقتصاد ميشيغن يتعافى خارج نطاق المجال الصناعي، حيث أكد روبرت داي وهو كبير الخبراء الإقتصاديين في «كوميركا» أن مؤشر النشاط الإقتصادي في الولاية يشير الى تحسن في الاقتصاد لم تشهده الولاية منذ العام 2002 (لم يبلغ قمة العام 2000). ويستند مؤشر النشاط الإقتصادي على عدة بيانات منها الرواتب غير الزراعية والصادرات وضرائب المبيعات وأذونات البناء ومؤشرات أخرى.
وقال داي إن تراجع الإقتصاديات في أوروبا والصين هي التي تؤثر سلباً على تحسن الإقتصاد في ميشيغن، مثلما «أن خفض الموازنات الفدرالية وزيادة الضرائب تلحق الضرر في اقتصادنا». ولكن كلام داي هذا هو بالتحديد ما يعارضه الجمهوريون وعلى رأسهم سنايدر الذين يعتبرون أن لا مجال لنهضة الإقتصاديات المحلية والإقتصاد الأميركي بشكل عام، إلا بتقليص المساعدات والبرامج الحكومية وتشجيع القطاع الخاص عبر دعم الشركات الكبرى لخلق المزيد من الوظائف مما يسمح بتحسين القدرة الشرائية لدى السكان ويدفعه الى الإنفاق (إنفاق المستهلك يشكل 70 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الأميركي).
Leave a Reply