عجز قياسي في الميزانية.. وتراجع وتيرة إضافة الوظائف
واشنطن – بعد أشهر من مواصلة الاقتصاد الأميركي تحسنه، أظهرت بيانات حكومية، الأسبوع الماضي، أنه ما زال أمامه شوط طويل حتى يتعافى بشكل كامل وذلك بعد ان اصدرت وزارة العمل أرقاماً للوظائف الجديدة جاءت أضعف من المتوقع
وفي مفاجأة غير متوقعة أضاف الاقتصاد الأميركي 120 ألف وظيفة جديدة فقط في آذار (مارس)، وهو الأمر الذي يؤكد مخاوف رئيس البنك الاحتياطي الفدرالي بن برنانكي بأن التحسن في سوق العمل قد لا يستمر دون دفع وتيرة النمو الاقتصادي.
وكانت قراءات معظم المحللين قد توقعت إضافة أكثر من 200 ألف وظيفة في آذار، في أعقاب زيادة 240 ألفا في شباط (فبراير)، ويعتبر العدد المضاف خلال الشهر الماضي هو الأدنى منذ تشرين الأول (أكتوبر).
لكن الأمر الإيجابي، حسب بيانات الحكومة الأميركية فقد كان معدل البطالة الذي ظل عند أدنى مستوياته في ثلاث سنوات اعتبارا من كانون الأول (ديسمبر) الماضي حتى شباط الماضي، وقد تراجع في آذار، على غير المتوقع، إلى 8,2 بالمئة، وهو أدنى مستوى له منذ مطلع عام 2009.
وبهذا فإن تقرير وزارة العمل حمل إشارة ضعف غير مرغوب فيها، وهي دلالة على أن الحصول على وظيفة بات أمراً صعباً، لكن في ذات الوقت، فإن رأيا آخر يشير إلى أن تحسن البيانات الاقتصادية في الفترة الأخيرة يعني استعداد الشركات لتعيين موظفين جدد، وأن ما حدث خلال آذار يعد أمراً مؤقتاً.
وقد كشف تقرير وزارة العمل عن إضافة القطاع الخاص 121 ألف وظيفة في آذار، بعد مكاسب قوية بحوالي 233 ألفاً في شباط، وبأقل كثيرا من التوقعات عند 215 ألفاً. أما القطاع الصناعي فقد استطاع خلق 37 ألف وظيفة جديدة متجاوزا توقعات المحللين عند 20 ألفا فقط، بعد إضافة 31 ألفا في الشهر السابق.
وقد أوضحت البيانات أيضاً تراجعاً طفيفاً في معدل الدخل الأسبوعي إلى 806,96 دولار في آذار، بالمقارنة مع 807,56 دولار في شباط. أما متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية فتراجع أيضا بشكل طفيف إلى 34,5 ساعة، بالمقارنة مع 34,6 ساعة في الشهر السابق.
ويظل ارتفاع معدل البطالة هو الهاجس الأكبر المقلق للبنك الاحتياطي الفدرالي، فعلى الرغم من ترحيب برنانكي بهذا التحسن الذي تشهده الوظائف في أكثر من موضع خلال الشهر الماضي، إلا أنه لا يزال قلقا على ارتفاع معدلها على المدى الطويل.
صعوبات تواجه التعافي
ومن ناحيته، أقر وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايثنر بمواجهة اقتصاد بلاده مخاطرَ اقتصادية عدة، أبرزها أزمة الديون السيادية الأوروبية والمخاوف من ارتفاع أسعار النفط جراء فرض عقوبات على إيران. إلا أنه طالب الأميركيين بالاطمئنان، مشيرا إلى اتخاذ الحكومة إجراءات من شأنها تخفيف الآثار المترتبة على ذلك.
وأوضح غايثنر أن أوروبا رغم إجراءاتها العديدة ما زالت تواجه مرحلة شديدة الصعوبة وحافلة بالتحديات، ومن المرجح أن تعاني من ضعف النمو في اقتصاداتها، وأن من شأن ذلك أن يؤثر على الاقتصاد الأميركي ولكن ليس بشكل كبير. وعن المخاوف بشأن إيران وأسعار النفط، حرص غايثنر على طمأنة الأميركيين بأن تأثير العقوبات المفروضة على إيران قليلة على الاقتصاد الأميركي من ناحية ارتفاع أسعار النفط، مشيرا إلى توجه الإدارة الأميركية إلى اتخاذ إجراءات من شأنها تهدئة أسعار الخام.
ووجه انتقادا شديدا للجمهوريين الذين يتهمون إدارة الرئيس باراك أوباما بالإفراط في الإنفاق. وأضاف أنه لا ينبغي للأميركيين أن يدعوا الخوف من العجز في الموازنة يوقف الإنفاق الحكومي الضروري لأن ذلك سيضعف وتيرة النمو.
جاء ذلك خلال حديث أمام النادي الاقتصادي لشيكاغو أعلن فيه البرنامج الاقتصادي للإدارة الأميركية قبل حملة انتخابات الرئاسة التي ستجري في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وقال غايثنر إنه “ليس هناك من الناحية الاقتصادية أو المالية ما يبرر استغلال الخوف من العجز في المستقبل لإجراء خفض حاد في الوظائف الأساسية للحكومة أو لإضعاف شبكة الضمان أو إجراء تعديلات جوهرية في مزايا الرعاية الصحية كما يقترح الجمهوريون”. واتهم غايثنر الجمهوريين بأنهم يريدون الإنقلاب على “إصلاحات وول ستريت” التي أقرتها إدارة أوباما وخفض الاستثمارات الحكومية في التعليم والبنية التحتية وإلغاء إعفاءات ممنوحة للأميركيين أصحاب الدخل المنخفض.
وفي الشهر الماضي كشف أعضاء جمهوريون في مجلس النواب عن مقترح لخفض العجز في الميزانية للعام 2013 يتضمن عدة نقاط من بينها تعديل برنامج الإنفاق على التأمين الصحي، الأمر الذي سيؤدي إلى تفكيك قانون أوباما لإصلاح الرعاية الصحية الذي اعتمد عام 2010. وفي الختام أكد غايثنر أن الاقتصاد الأميركي يكتسب مزيدا من القوة تدريجيا رغم أنه لا يزال يواجه تحديات صعبة للغاية، من أبرزها البطالة المرتفعة والحاجة إلى رفع معدل التصدير.
ومن جانبه، قال جين سبرلينغ المستشار الاقتصادي للبيت الابيض “ما نراه في الاقتصاد الآن هو إننا نحقق تقدماً لكن ما زال أمامنا طريق طويل”. لكنه ألقى باللوم على الجمهوريين في الكونغرس في عرقلة اجراءات لخلق الوظائف قائلا “التعصب الحزبي.. يمنعننا من أن يكون لدينا سوق أقوى للوظائف”.
“موديز”: الإقتصاد الأميركي
سينمو 2,5 بالمئة منتصف عام 2013
وفي سياق آخر، قالت “موديز أناليتكس”، وهي شركة شقيقة لـ”موديز انفستورز” ان اقتصاد الولايات المتحدة سوف ينمو بنسبة 2,5 بالمئة خلال منتصف العام القادم، وذلك قبل تسارع وتيرة هذا النمو إلى 4 بالمئة منتصف عام 2014. وتتوقع “موديز أناليتكس” أن ينخفض معدل البطالة إلى أقل من 8 بالمئة هذا العام، مع ضرورة تراجعه دون مستوى 6 بالمئة عام 2015.
ونوه التقرير إلى أنه على الرغم من ارتفاع أسعار النفط والبنزين، وأزمة ديون أوروبا السيادية، وحالة عدم اليقين تجاه الإنفاق الحكومي الأميركي، إلا ان تأثير تلك العوامل يبقى أقل خطراً بالمقارنة مع الشهور القليلة الماضية. كما يرى التقرير ان قطاع الإسكان يبدو بالقرب من القاع، ومن المنتظر ان يساهم في النمو الإقتصادي خلال العام المقبل.
عجز الميزانية
وفي إطار آخر، سجلت الميزانية الفدرالية الأميركية تقلصاً في عجزها خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، الذي بدأ في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام السابق، وذلك بالتزامن مع ارتفاع ايرادات الضرائب وتقلص الإنفاق.
وقد أشارت وزارة الخزانة في تقريرها الصادر الأسبوع الماضي إلى أن العجز جاء عند 778,99 مليار دولار خلال الشهور الستة الأولى من العام المالي 2012، وذلك بالمقارنة مع عجز قدره 829,42 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي السابق.
أما خلال شهر آذار الماضي فقد جاء العجز عند 198,16 مليار دولار، أي أعلى بما يقارب عشرة مليارات دولار بالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، في حين أشارت وزارة الخزانة إلى ان عجز الشهر الماضي هو الأعلى لشهر آذار على الإطلاق.
يشار إلى ان تباطؤ وتيرة تحرك العجز خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، سيقلل من حاجة الكونغرس إلى رفع سقف الدين الحكومي قبل الإنتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل.
ومن المعلوم ان سقف الدين الحكومي القانوني الذي لا يمكن تجاوزه يقف عند 16,394 تريليون دولار، في الوقت الذي بلغ فيه حجم الدين حتى الإثنين الماضي 15,578 تريليون دولار.
Leave a Reply