خاص – «صدى الوطن»
لقد قررت أن أصبح شرطياً بسبب الطريقة التي كان يعامل بها عناصر شرطة ديربورن أبناء جيلي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، مع تأكيدي الشديد على أن الأوضاع في السنوات الأخيرة قد تغيرت نحو الأفضل بما لا يقاس مقارنة بتلك الفترة.
مايك جعفر مع شريف مقاطعة وين بيني نابوليون وقائد شرطة ديربورن رونالد حداد خلال حفل تكريمه. |
تلخص هذه الكلمات فصلاً طويلاً من مسيرة العربي الأميركي ماهر (مايك) جعفر الحياتية والمهنية في سلك الشرطة، والتي توجت مؤخراً بترفيعه إلى منصب قائد قسم العمليات في شرطة مقاطعة وين، بقيادة الشريف بيني نابوليون.
جعفر الذي ولد وترعرع في مدينة ديربورن، كان يطمح بعد تخرجه من ثانوية فوردسون أن يتابع تعليمه الجامعي في دراسة الطب البشري، لكن شقيقه الأكبر سامر كان قد سبقه إلى الانتساب إلى سلك الشرطة، مما أتاح له خياراً آخر لشق مستقبله في الحياة، فتقدم بطلب للانتساب إلى قوى الشرطة وتم قبوله خلال فترة قصيرة.
المهنة: شرطي
بعد تخرجه من الأكاديمية في العام 1994، انتسب جعفر إلى شرطة مدينة ديترويت وعمل فيها لمدة 16 عاماً، وقبل قرابة سبع سنوات انتقل للعمل في دائرة شريف مقاطعة وين، بيني نابوليون، حيث خضع لعدد من الدورات التدريبية وبنى سمعة مهنية ومجتمعية حسنة أهلته لتولي منصب رفيع في دائرة الشريف.
آخر دوراته التدريبية كانت بمجال التحقيق في جرائم القتل في مدرسة تابعة لشرطة مدينة نيويورك، تدرب خلالها جعفر ولمدة أسبوعين على دراسة الأدلة الجنائية في حوادث القتل والتفجيرات واختبار شهادات الشهود إضافة إلى غيرها من الأمور التي تتعلق بالمخالفات الجنائية. وحول هذه التجربة، يقول: إنني في مجال عملي غالباً ما يتم استدعائي عند حدوث جرائم قتل وإطلاق رصاص، ولاشك أن الخبرة التي خرجت بها من «مدرسة التعامل مع جرائم القتل» التابعة لشرطة نيويورك، قد أفادتني كثيراً، ومكّنتني من أن أكون قادراً بشكل أفضل على وضع استراتيجيات خلال التحقيق، وكذلك تحديد أدوار عناصرنا الذين يقومون بالتحقيق في مختلف الجرائم.
والمفارقة في حياة الشرطي الذي تقع في صلب أولوياته مهمة حفظ النظام وإحلال الأمن والقبض على مرتكبي المخالفات والجرائم، أنه قد يتحول هو نفسه الى ضحية للخارجين عن القانون وهدفا لهم، ولهذا فإن حياة الشرطي غالباً ما تكون معرضة للخطر، وهو أمر يؤكده جعفر بالقول إن ما بين 8 إلى 10 من زملائه الـ40 خلال دراسته في أكاديمية الشرطة، سبق أن تعرضوا للهجوم وإطلاق النار، فيما لقي زملاء لهم مصرعهم بالفعل.
العائلة.. وطريق النجاح
العمل المحفوف بالمخاطر كان عاملاً من عوامل القلق في أسرة جعفر، بداية من والدته التي تأقلمت مع الوضع إلى حد ما، ومروراً بزوجته أنجيلا التي بدورها تواظب على الاتصال به على مدار اليوم للاطمئنان على حاله.
«الآن تعودت على الأمر» يقول جعفر، الذي أكد أنه لا يترك فرصة لأي من المخاطر التي قد تهدد حياته أن تكون عائقاً في أداء مهمته على أكمل وجه، مشيراً إلى أن واجبه هو القيام بما ينبغي فعله مهما كانت الظروف والتحديات والعوائق، ويقول: «عليك أن تكون شخصاً واثقاً من نفسك ومن عملك، وعليك أن لا تدع للظروف أو الأشخاص الآخرين أن يعيقوا مهمتك أو يعترضوا طريقك». السير قدماً.. هو أولوية في برنامج جعفر اليومي!
لا يخفي جعفر سعادته بالترفيع الأخير إلى رتبة شريف فهو يعتبره نوعاً من التشريف الذي يزيد المسؤوليات الملقاة على عاتقه، فقد أصبح رئيس قسم العمليات في مقاطعة وين التي تضم 43 مدينة وبلدة، والتي تعتبر بين كبريات المقاطعات في الولايات المتحدة.
ويضيف: «أشعر بالامتنان، وبكل تواضع، لمجتمعي وللشريف نابوليون الذي تعرفت إليه منذ أيام خدمتي في شرطة ديترويت، وأفهم تماماً أن الترفيع ليس مجرد مكافأة وإنما هو مسؤولية إضافية علي أن أثبت أنني قادر على القيام بأعبائها وأنني جدير بها».
في منصبه الجديد، يقوم رئيس قسم العمليات مايك جعفر في شرطة الشريف بالتنسيق المستمر مع دائرة السجون في المقاطعة، إضافة إلى إدارة المهمات المترتبة على القسم والتي تضم نطاقات متعددة بينها مراقبة الطرق ومتابعة الحالات المتعلقة بالمخدرات والاعتداءات وغيرها، إضافة إلى حماية التجمعات والمنشآت، كما هو الحال عند مرافقة التظاهرات والفعاليات المجتمعية.
ويزيد عدد عناصر الشرطة الذين يشرف جعفر على إدراتهم على 300 عنصر، وفي حال ضم العناصر العاملين في دائرة السجون فإن العدد الإجمالي يكاد يقارب الألف شخص.
العلاقة مع الشرطة
وفي ضوء العلاقة الملتبسة بين الشرطة والملونين من أبناء الأقليات الملونة، والتي تطورت في كثير من الحالات إلى مواجهات وقتل لبعض المواطنين العزل في عدد من المدن الأميركية بما فيها مدينة ديربورن التي أردت شرطتها شخصين أسودين خلال الشهور القليلة الماضية، حثّ جعفر أبناء الجالية العربية على الاستجابة الإيجابية والتعامل بلطف مع عناصر الشرطة، وقال: «عندما يوقفك شرطي مع أنك لم ترتكب خطأ، فهذا لا يعني أن يستقصدك، فقد يكون لديه أوامر بالبحث عن شخص يقود سيارة من لون معين، ولهذا يقوم بتوقيفك واستجوابك، ليعرف في ما إذا كنت أنت الشخص المطلوب أم لا». وشدد على أن إيقاف السائقين يجب أن لا يثير حفيظة الناس الذين يسارع بعضهم إلى اتهام الشرطي بالعنصرية أو العداء غير المبرر.
كما دعا الشباب العرب والمسلمين إلى الانضمام إلى سلك الشرطة لما لذلك من نتائج تخدم مصالح تلك المجتمعات، فهي من جهة تساهم في تعددية القوى الشرطية من الناحية العرقية والثقافية، ومن جهة أخرى تساعد تلك المجتمعات على فهم الآليات التي تتبعها الوكالات الأمنية لضمان حفظ الأمن وحقوق الأفراد. وشدد على ضرورة عدم إهمال مثل هذا النوع من الاندماجات التي لا غنى لتمكين الجماعات الإثنية، وقال «إذا كنت لا تستطيع أن تهزمهم، فانضم لهم».
وكانت الجالية العربية قد احتفلت بترفيع جعفر من رتبة نائب شريف الى رئيس قسم العمليات في شرطة المقاطعة، في حفل حضره الشريف بيني نابوليون في نادي بنت جبيل الثقافي الاجتماعي بمدينة ديربورن، يوم الخامس من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وذلك بمشاركة عائلة جعفر وحشد من العرب الأميركيين وعدد كبير من المسؤولين بينهم النائبة في الكونغرس الأميركي ديبي دينغل، ومدير مكتب «أف بي آي» في ديترويت ديفيد جيليوس، الى جانب القضاة تشارلين الدر (محكمة مقاطعة وين) سالم سلامة (محكمة ديربورن) وديفيد طرفة (محكمة ديربورن هايتس)، إضافة الى رئيس بلدية ديربورن هايتس دان باليتكو، وقائد شرطة ديربورن رونالد حداد وآخرين.
Leave a Reply