تغيير وجه الصراع مع اسرائيل ووجه المنطقة.. هل يحصل؟

سوريا تسعى الى استعادة «حرب تشرين» المفاجأة في الحرب المقبلة: نقل المعارك الى داخل المستوطنات؟  قبل اكثر من شهرين اعلن الرئيس السوري بشار الاسد في خطاب القسم لولاية ثانية، «انه لن يمضي هذا العام وربما اشهر منه الا وقد يتبدل وجه المنطقة وربما العالم ايضاً». وفي ذكرى الانتصار على العدو الاسرائيلي في 14 آب (أغسطس) الماضي اكد الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عن «مفاجآت ستحصل قد تغير وجه المنطقة اذا ما حاولت اسرائيل الاعتداء على لبنان». واشار الامين العام لحركة «حماس» خالد مشعل «ان اسرائيل ستزول من الخارطة بعد سنوات قليلة بعون الله». هذه المواقف كان سبقها اعلان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد «ان اسرائيل قد لا تبقى في الوجود».

الرئيس السوري بشار الاسد

الى ماذا تؤشر هذه المواقف والى اين ستصل في الصراع مع اسرائيل، هل الى حرب يتصاعد الحديث عنها، بعد الصمود والانتصار الذي حققته المقاومة في لبنان، ولم تتمكن الدولة العبرية من هضمها وتجرعها، اذ تسعى المؤسسة العسكرية فيها الى استعادة قوة الردع التي كانت تتمتع بها، والتي فقدتها في خلال حربها السادسة التي استنزفتها فيها المقاومة على مدى 33 يوماً. الاستعداد للحرب هو ما تعمل له القيادة الاسرائيلية السياسية والعسكرية، بالرغم من التطمينات ورسائل التهدئة التي سعت الى ارسالها الى سوريا عبر بعض المسؤولين فيها لا سيما رئيس الحكومة ايهود اولمرت ووزير الدفاع ايهود باراك، وقد طلب من الوزراء «عدم الثرثرة» في موضوع الحرب مع سوريا، التي ابدت قلقها من المناورات العسكرية الاسرائيلية في الجولان، واعادة تأهيل جيشها وتجهيزه بالاعتدة وتأمين الجبهة الداخلية التي اصيبت بنكسة اثناء العدوان الاسرائيلي الصيف الماضي على لبنان وتساقط الصواريخ في عمق الكيان الصهيوني. فالقيادة السورية اكدت في اكثر من مناسبة ان اسرائيل تريد اي ذريعة لشن حرب على سوريا، وقد اشار الى ذلك مؤخراً نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بان تصريحات المسؤولين الاسرائيليين ليس اكثر من عمليات خداع وتمويه مدروسين، او تلك التي يحملها بعض الوسطاء الذين يظلون اقرب الى مشروع الهيمنة الاميركية الاسرائيلية. فسوريا التي لا يخدعها الكلام الاسرائيلي المعسول، ولا الدعوة الاميركية لعقد مؤتمر للسلام في الخريف المقبل، والتي استبعدتها ادارة الرئيس جورج بوش عنه، فانها تتحضر للرد على اي عدوان اسرائيلي قد يطالها هي، او حتى محاولة قيام اسرائيل بحرب جديدة على لبنان، لن تقف سوريا مكتوفة الايدي، فهي ووفق المعلومات كانت ستدخل في المواجهة مع العدو الاسرائيلي في الصيف الماضي اثناء عدوان تموز، الا ان ظروف المعركة التي خاضتها المقاومة ارجأت هذا التدخل. وداخل القيادة السورية من يستذكر حرب تشرين المجيدة قبل 34 عاماً في العام 1973، حيث اثبت الجندي السوري قدرة على التصدي واستخدام صواريخ ارض-جو (سام 6و7) الروسية الصنع، حيث حققت القوات السورية انتصاراً بالتقدم نحو الجولان والوصول من قرب بحيرة طبرية، الا ان وقف الرئيس المصري انور السادات للحرب على الجبهة المصرية، ترك الجيش الاسرائيلي يستفرد بالجيش السوري. وتعمل سوريا على استعادة حرب تشرين، ولكن بأسلوب عسكري مختلف، مستفيدة من تصدي المقاومة للعدوان الاسرائيلي، ونجاح حرب العصابات ضد الجيش النظامي، وفعالية القاذفة «كورنيت» ضد دبابة «ميركافا» التي دمرت المقاومة العشرات منها. فتحرير الجولان بات هدف سوري منذ ان نجحت المقاومة في تحرير جنوب لبنان في العام 2000 من دون مفاوضات او قيد، بل بإستخدام السلاح، وقد اعطت سوريا فرصة لحل سلمي لاستعادة الجولان بالطرق الدبلوماسية، ووفق القرارات الدولية، وما انتهت اليه مفاوضات السلام التي بدأت في مؤتمر مدريد، حيث تعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين بإعادة الجولان، واكد ان هذا الموضوع هو وديعة في عنقه، فتم اغتياله، لانه اعلن تنازله عن الضفة الغربية وهضبة الجولان. ولم يعد امام سوريا الوقت الكافي لتحرير الجولان سلمياً، وهي مضطرة الى اللجوء لاسلوب آخر، حيث تتحدث المعلومات عن ان فكرة قيام «جبهة مقاومة لتحرير الجولان» على غرار المقاومة اللبنانية جرى بحثه في القيادة السورية، وضمن اطر حزب البعث العربي الاشتراكي وفي مؤتمره الاخير، حيث كان الاتجاه الغالب الى اعتماد المقاومة وانشاء البنى التحتية لها.  وبدأت اسرائيل تقلق من التسلح السوري، لا سيما تلقي سوريا صواريخ ارض-جو المضادة للطائرات، والتي حصلت عليها مؤخراً من روسيا التي لم تنف بيعها لها في اطار الدفاع عن اي اعتداء تتعرض له، كما ان حصولها على صواريخ ارض- ارض من نوع« سكود» و«اس-اس» التي يصل مداها الى عمق 300 كلم، اربك القيادة العسكرية الاسرائيلية التي اكتوت من سقوط صواريخ المقاومة على المستوطنات الصهيونية وعمق الكيان في حيفا وما بعد حيفا، وان المناقشات تدور حول تغيير العقيدة العسكرية للجيش الاسرائيلي والتخفيف من استخدام سلاح الطيران، ونشر شبكة صواريخ دفاعية تتصدى للصواريخ التي تتساقط على المستوطنات. ويخشى قادة العدو من قيامهم بمغامرة عسكرية سواء ضد لبنان او سوريا او ايران او حتى قطاع غزة الذي تسيطر عليه «حماس»، لان الحرب ستكون مكلفة لاسرائيل، وستواجه برد لم تعرفه من قبل، وقد يغير وجهها ووجه المنطقة، وهو ما اكده الرئيس الاسد والسيد نصرالله ومشعل والرئيس الايراني، وهو ما دفع بالولايات المتحدة الى الاسراع لنجدة اسرائيل بتشكيل قوة دفاع لها مع الدول العربية التي تسميها واشنطن بالمعتدلة، في حين هي ترتبط بمعاهدات مع اسرائيل، وستلزمها الادارة الاميركية، بان تشكل معها حلفاً لمواجهة «محور الشر والارهاب» المتمثل بسوريا وايران و«حزب الله» و«حماس». لذلك فان محور المقاومة والممانعة، قد يفاجىء اسرائيل ومعها اميركا بحرب خاطفة مثل حرب تشرين، قد تغير وجه المنطقة، لان الدولة العبرية، لن تستطيع ان تحشد قواتها على كل الجبهات، وستكون هناك ثغرات في الجبهة الاسرائيلية ستستفيد منها سوريا وايران والمقاومة وستلقن العدو الاسرائيلي درساً، حيث تشير بعض المعلومات ان المفاجأة في الحرب قد تكون داخل المستوطنات سواء في القصف الصاروخي عليها، او في نقل المعارك اليها.