عمان – بعد عام على انطلاق “الربيع العربي”، واستمرار حالة الجمود في مسار التفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لم تقتنع تل أبيب، حتى الآن، بضرورة تقديم أي تنازلات للطرف الفلسطيني مع مواصلة سياساتها الإستيطانية التي وصلت الى مستويات غير مسبوقة خلال عام ٢٠١١.
وفي دلالة مباشرة على أنّ محادثات عمّان لم تكن بالنسبة إليها غير محاولة لإهدار الوقت ومحاولة لتمييع الموقف الفلسطيني، أحجمت تل أبيب عن تسليم الوفد الفلسطيني الوثيقة التي يفترض أن تتضمن مواقفها بشأن قضيتي الحدود والأمن، وفقاً لما ينص عليه بيان الرباعية الدولية الذي يحدّد 26 من الشهر الجاري موعداً أخيراً بهذا الخصوص.
وذكرت صحيفة “هآرتس”، أن رئيس الوفد الإسرائيلي، إسحاق مولخو، أعرض خلال اللقاء الثاني الذي جرى الاثنين الماضي مع الوفد الفلسطيني في العاصمة الأردنية عن تقديم الوثيقة المذكورة، مبلغاً رئيس الوفد، صائب عريقات، أن السادس والعشرين من كانون الثاني (يناير) ليس الموعد الأخير بالنسبة إلى إسرائيل. وأوضح مولخو أنّ الفهم الإسرائيلي لمقررات الرباعية يعتبر أن على الطرفين أن يقدّما مواقفهما بشأن الحدود والأمن خلال شهرين من تاريخ أول لقاء بينهما، وبما أن اللقاء الأول عُقد في 3 كانون الثاني، فإن الموعد المفترض لتقديم هذه المواقف هو الأسبوع الأخير من شهر آذار (مارس).
واقتصرت المشاركة في لقاء عمان على الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني، مع حضور جزئي لوزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، وغياب موفدي الرباعية الدولية.
ولم يتحدد موعد اللقاء الثالث، فيما تشير تقديرات الصحف إلى أنه سينعقد الأسبوع المقبل. وفيما لم تستبعد مصادر إسرائيلية إجراء لقاءات سرّية قبل السادس والعشرين من الجاري، أشارت “هآرتس” إلى أن الفلسطينيين يدرسون خيار الانسحاب من اللقاءات حتى ذلك التاريخ والشروع في هجوم دبلوماسي وقضائي على إسرائيل في المؤسسات الدولية.
وتجدر الإشارة إلى أن الوفد الفلسطيني سلم نظيره الإسرائيلي خلال اللقاء الأول اقتراحاته بشأن الحدود والأمن. وقالت تقارير إعلامية صحافية إن هذه الاقتراحات هي نسخة مطابقة لتلك التي كان الفلسطينيون قد تقدموا بها إلى اللجنة الرباعية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وتتضمن انسحاباً إسرائيلياً حتى حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 مع تبادل للأراضي. من جهته، قدّم الوفد الإسرائيلي وثيقة من 21 بنداً تعرض النقاط التي ينبغي التوصل بشأنها إلى اتفاق وتمثّل إطاراً تأسيسياً للمفاوضات.
الاستيطان يحطم الرقم القياسي في 2011
وفي سياق آخر، كشفت منظمة إسرائيلية معنية بمراقبة البناء الاستيطاني، الثلاثاء الماضي، أن حكومة إسرائيل حطمت جميع أرقامها القياسية المتعلقة بالبناء الاستيطاني في 2011 مما يقلص من احتمالات إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في الضفة الغربية المحتلة.
وأظهر التقرير السنوي لمنظمة “السلام الآن” الإسرائيلية بشأن البناء في القدس الشرقية العربية والضفة الغربية أنه على الرغم من الدعوات الدولية لوقف البناء يجري بناء الآلاف من المنازل الجديدة. وقالت المنظمة إن إسرائيل بدأت خلال عام 2011 بناء 1850 وحدة سكنية في الضفة الغربية بزيادة 19 بالمئة عن 2010، مضيفة أن وزارة الإسكان الإسرائيلية طرحت مناقصات لبناء 1577 وحدة سكنية أخرى. وأكدت أن هذه الأرقام لا تشمل القدس الشرقية التي شهدت العام الماضي أعلى معدل في خطط البناء منذ عشر سنوات، موضحة أن هناك نحو 6350 وحدة في “المناطق اليهودية في القدس الشرقية” مرت عبر المراحل المختلفة للموافقة.
وتعليقا على التقرير، قال مارك ريجيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إن الحكومة الحالية تعرضت لانتقادات من قادة المستوطنين لأن فترتها شهدت تراجعا في النشاط الاستيطاني عن الحكومة السابقة. ودافع عن حكومته بالتأكيد أن نتنياهو أكد أكثر من مرة أنه مستعد لاستئناف محادثات السلام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس دون شروط مسبقة. وقال “سيتم بحث وضع المستوطنات في نهاية المطاف في محادثات السلام”.
وكان عباس قد علق محادثات السلام المباشرة مع إسرائيل في تشرين الأول (أكتوبر) 2010 بعدما رفض نتنياهو مد فترة وقف النشاط الاستيطاني، والتقى المفاوضون الإسرائيليون والفلسطينيون هذا الشهر في الأردن للمرة الأولى منذ ما يزيد على عام لكن دون إحراز أي تقدم. ومنذ استيلاء إسرائيل على الضفة الغربية، التي يقطنها نحو 2,6 مليون فلسطيني، استوطن حوالي نصف مليون يهودي في المنطقة. وتعتبر إسرائيل القدس، بما فيها القدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المستقبلية، عاصمتها “الأبدية” والموحدة، وهي الخطوة التي لا يعترف بها المجتمع الدولي بعد.
تحذير عربي
من ناحية أخرى، حذرت جامعة الدول العربية، الثلاثاء الماضي، من استمرار تدفق المال القادم من أوروبا والولايات المتحدة الأميركية والموجه لمنظمات إسرائيلية متطرفة تعمل على تعزيز الاستيطان في الأراضي الفلسطينية والجولان السوري المحتل.
ووفق تقرير لقطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة في الجامعة، فإن منظمات عديدة تنشط في الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا وعدد آخر من الدول الأوروبية لغرض جمع التبرعات لصالح المنظمات اليهودية المتطرفة المشرفة على عدد من المشاريع الاستيطانية في القدس وغيرها. وشدد التقرير على أن ما تقوم به المنظمات من جمع أموال لغرض دعم الاستيطان والمنظمات المتطرفة التي تنتهك القانون الدولي أمر مناف للقانون الدولي، لأن تغيير معالم المناطق المحتلة وطرد سكانها أمر مرفوض في القانون الدولي واتفاقات جنيف.
وأفاد التقرير بأن المنظمات التي تجمع التبرعات لصالح المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة تتمتع بمزايا وإعفاءات ضريبية في دول الاتحاد الأوروبي.
Leave a Reply