لانسنغ
تواجه ولاية ميشيغن معضلة متفاقمة جراء النقص المتزايد في أعداد المعلمين المدرسيين، وهي مشكلة آخذة في التصاعد في ظل أزمة وباء كورونا التي دفعت أعداداً متزايدة من المعلمين إلى التقاعد المبكر خلال العام الدراسي الجاري.
وتشير أحدث البيانات الرسمية إلى أن 749 معلماً في ميشيغن قد تقاعدوا خلال الفترة الممتدة من آب (أغسطس) 2020 إلى شباط (فبراير) 2021، بزيادة تقدر بنحو 44 بالمئة مقارنة بالعام الدراسي الماضي حيث تقاعد 519 معلماً خلال الفترة نفسها.
ولا ينفي المسؤولون في مجال التعليم في ميشيغن أن جائحة «كوفيد–19» قد لعبت دوراً رئيسياً في زيادة أعداد المتقاعدين خلال الأشهر الماضية، لكنهم يؤكدون على أن أزمة نقص المعلمين هي في الواقع مشكلة تعاني منها الولاية منذ سنوات عديدة.
ويقول دوغ برات، من «جمعية التعليم في ميشيغن» –وهي أكبر نقابة للمعلمين في الولاية– إن الضغوط الناجمة عن وباء كورونا كان لها تأثير بالغ على المهنة بشكل عام، سواء بسبب المخاوف المتعلقة بالمخاطر الصحية أو بسبب صعوبة تعامل المعلمين مع التحولات المستمرة في العملية التدريسية، التي انتقلت من التعليم الحضوري إلى الافتراضي عبر الإنترنت ثم إلى الهجين وصولاً إلى العودة المنشودة للتعليم الحضوري، وفقاً للإذاعة الوطنية في ميشيغن (أن پي آر).
وأضاف: «نسمع كل يوم من أعضائنا عن الإرهاق الذي يحدث، ومستوى التوتر الذي ينجم عن هذه التحولات المستمرة». واستدرك بأن تبعات الوباء ليست سوى جانب واحد من مشكلة النقص المتزايد في كوادر التدريس، مشيراً إلى أن أعداداً متزايدة من المعلمين اختاروا التقاعد أو ترك المهنة مبكراً خلال السنوات التي سبقت انتشار «كوفيد–19»، لأسباب متعددة.
وأوضح برات بالقول: «لقد عانينا من عدم احترام مهنة التعليم لفترة طويلة وعدم معاملة الخبراء في تعليم أطفالنا كما يستحقون، فضلاً عن الجمود في أجور المعلمين وتعويضاتهم»، مؤكداً أن هذه العوامل مجتمعة –إضافة إلى أزمة كورونا– ساهمت في تعقيد الأزمة أكثر من أي وقت مضى، لاسيما على المعلمين في بداية حياتهم المهنية، الذين غالباً ما يتقاضون رواتب ابتدائية منخفضة ويكونون مثقلين بالقروض الجامعية.
ويلفت برات أيضاً إلى أن مشكلة تزايد أعداد المعلمين المتقاعدين، تزداد تعقيداً بسبب تراجع عدد الأشخاص الذين يختارون التدريس كمهنة في ميشيغن، موضحاً أنه عندما بدأ العمل في مدارس الولاية قبل 20 عاماً، كان هناك طلب كبير على المعلمين وأعداد أكبر من المتقدمين لشغل الوظائف الشاغرة.
وأضاف: «كنت ترى 20 أو 30 أو 40 متقدماً لوظيفة واحدة. أما الآن، فهذا الرقم لا يتجاوز خانة الآحاد».
من جانبه، يتفق بيتر سبادافور من «جمعية ميشيغن للمشرفين العامين ومدراء المدارس»، مع برات، على أن وباء كورونا أدى فقط إلى تفاقم مشكلة موجودة بالفعل.
ويقول: «هذا ليس شيئاً جديداً، لكننا نعتقد أن الوباء والضغوط الإضافية الناجمة عن أساليب التعليم المتعددة، زادت من رغبة المعلمين في التقاعد المبكر»، مؤكداً أنه من المحتمل جداً أن تواجه مدارس الولاية خلال الأعوام القادمة، صعوبة متزايدة في العثور على الأعداد اللازمة من المعلمين.
وأضاف في تصريح لـ«أن پي آر» أن النقص في المعلمين والإداريين وجميع أنواع تصنيفات موظفي المدارس، «إلى تزايد»، و«لقد رأينا النقص لسنوات في هذه المجالات، ولن يتحسن الأمر بين عشية وضحاها»، لافتاً إلى أن العام الدراسي المقبل «سيثبت أنه من الصعب جداً الحصول على مرشحين مؤهلين لملء الوظائف بالأعداد التي نحتاجها».
وفي السياق، يرى برات أنه لا بد من تغيير حقيقي ومنهجي للحفاظ على المعلمين في ميشيغن، وذلك بدءاً من زيادة تمويل المدارس وتحسين أجور ومزايا المعلمين والموظفين بشكل عادل، في كل مرحلة من مراحل مسيرتهم المهنية.
Leave a Reply