المجلس المجتمعي الأميركي ACC يحتفل بعيد تأسيسه السادس والأربعين:
منجَزات جديدة من بينها «قرية هيفاء» بديترويت .. وتطلُّع نحو توسيع الشراكات والخدمات
ديترويت
أقام «المجلس المجتمعي الأميركي» ACC –الذي كان يُعرف سابقاً باسم «المجلس العربي والكلداني الأميركي»– حفله السنوي السادس والأربعين في وسط مدينة ديترويت، 28 آب (أغسطس) المنصرم، حيث تم تكريم عدد من القيادات المحلية البارزة من بينهم ناشر صحيفة «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني، إلى جانب تقديم الرئيس التنفيذي الجديد للمنظمة الخيرية، عدي فاخوري، الذي سيتولى مهامه بدءاً من مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، خلفاً للرئيسة المؤسِّسة الدكتورة هيفاء فاخوري.
وخلال الحفل الذي أقيم في فندق «أم جي أم» بالداونتاون، وقدمته المذيعة التلفزيونية في قناة «فوكس» المحلية، تارين آشر، تم تسليط الضوء على الإنجازات التاريخية للدكتورة فاخوري التي قامت بتأسيس ACC عام 1979 ونجحت في تحويلها من مكتب متواضع لخدمة المهاجرين الجدد إلى مؤسسة عملاقة تخدم آلاف العائلات محدودة الدخل، بغض النظر عن خلفياتهم ومعتقداتهم وأصولهم الإثنية، حتى باتت واحدة من العلامات الفارقة في تاريخ العمل المجتمعي بولاية البحيرات العظمى.
وكانت فاخوري التي هاجرت من الأردن إلى الولايات المتحدة في عام 1968 قد سعت فور تخرجها من جامعة «وين ستايت» إلى تحقيق حلمها بتوفير الاكتفاء الذاتي في أوساط المهاجرين العرب الأميركيين من خلال مكتب صغير لا تتجاوز ميزانيته السنوية 20 ألف دولار. وتمكنت عبر العقود الأربعة التالية في حشد الدعم والتمويل اللازم لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمجتمعات العربية والكلدانية الأميركية في منطقة ديترويت، حيث تطورت الوكالة الإنسانية إلى شبكة ضخمة تتبنى نهجاً شاملاً للرعاية من خلال توفير برامج الصحة والتعليم والتوظيف والشباب وتنمية المجتمع عبر 40 مركزاً في مقاطعات وين وأوكلاند وماكومب.
وتظهر بيانات «أي سي سي» بأن المؤسسة غير الربحية قدمت خلال العام المنصرم –عبر طاقمها المكون من 142 موظفاً يتحدر معظمهم من خلفيات إثنية متنوعة– أكثر من 410 آلاف خدمة لأكثر من 63 ألف مراجع، من بينها حوالي 400 ساعة تدريب و32 شهادة مهنية، بالإضافة إلى 60 ألف باوند أسبوعياً من السلال الغذائية المقدمّة للعائلات المحتاجة.
«قرية هيفاء»
وعرض مقطع مصوّر، أبرز المحطات في مسيرة المنظمة التي تعمل كـ«عائلة» متماسكة تتشارك المسؤوليات والرؤى، من المبادرات المجتمعية إلى الابتكارات المتميزة التي جسّدت قدرتها على الصمود والازدهار رغم التحديات، والتي كان أبرزها إنشاء قرية سكنية باسم الدكتورة هيفاء فاخوري في منطقة الميل السابع بمدينة ديترويت، مؤكداً بأن القوة الحقيقية لـ«أي سي سي» تكمن في تفاني موظفيها وعملهم الجماعي الذي يجعل من كل تحدٍ فرصة جديدة للنمو والتألق.
وبخصائص شرق أوسطية تحتفي بالتراث الغني للثقافة العربية، تم إنشاء «قرية هيفاء» الكائنة عند تقاطع شارعي جون آر والميل السابع، بالشراكة مع بلدية ديترويت، على مساحة تقارب 15 آيكر، وبميزانية تقارب 36 مليون دولار، بهدف إنعاش الأحياء المتداعية وتحويلها إلى منطقة مزدهرة ونابضة بالحياة من خلال تطوير الإسكان والبنية التحتية وتعزيز الخدمات الأساسية للمقيمين.
القرية الفريدة من نوعها في مدينة ديترويت تضمّ خمسة مبانٍ إدارية بينها مركز تسوق كبير وآخر للتطوير المجتمعي، وتوفر زهاء مئتي وحدة سكنية بأسعار معقولة، مع التركيز على الهدف الأسمى للمشروع، والمتمثل –بحسب «أي سي سي»– في تعزيز التواصل المجتمعي وخلق بيئة معيشية متكاملة ومستدامة لسكان المنطقة.
ووسط تصفيق حماسي من الحضور الحاشد الذي ضمّ عديد الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، قدّم رئيس بلدية ديترويت مايك داغن نيابة عن المدينة، لافتة تكريمية باسم «د. هيفاء فاخوري أفنيو»، والتي من المقرر نصبها على تقاطع الميل السابع وشارع ديربي ضمن «قرية هيفاء».
تكريم قيادات ومسؤولين
شهد الحفل الذي ضمّ حشداً كبيراً ومتنوعاً من الضيوف، تكريم كل من رئيس بلدية ديترويت مايك داغن بجائزة «رؤية ميشيغن» السنوية، والرئيس التنفيذي لشبكة الصحة المتكاملة لمقاطعة وين بديترويت، وقائد شرطة المدينة السابق، جيمس وايت بجائزة «القيادة في الشمولية»، ورئيس مؤسسة «الحصاد المنسي» أدريان لويس بجائزة «مبتكر العام»، وناشر صحيفة «صدى الوطن» أسامة السبلاني بجائزة «صوت العدالة»، ورئيس مصرف «هانتينغتون بنك» غاري تورغو بجائزة «راعي الرؤية العالمية».
وأثنى المكرّمون خلال كلماتهم على القيادة الاستثنائية لرئيسة «أي سي سي»، الدكتورة هيفاء فاخوري، في دعم الكثير من مبادرات التنوع والشمول في مجالات التعليم والصحة والخدمات الإنسانية على مدار العقود الماضية، والتي لم تقتصر إنجازاتها على إلهام القادة المحليين فحسب، وإنما ساهمت كذلك في إرساء مجتمعات أكثر إنصافاً وتنوعاً في ولاية البحيرات العظمى.
وفيما أشاد داغن المرشح لمنصب حاكم الولاية في انتخابات ٢٠٢٦ بالدور المحوري الذي لعبته «أي سي سي» بوقف النزيف السكاني في ديترويت من خلال مساندة العائلات الفقيرة في المدينة عبر العقود المتتالية، أعرب تورغو عن اعتزازه بدعم المؤسسة المجتمعية التي باتت من المعالم الأساسية في ولاية ميشيغن.
من جانبه، قدّم السبلاني، الذي «كان شاهداً على المسيرة المتألقة لـ«أي سي سي» منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي»، نبذة على تطور المنظمة غير الربحية من «مكتب صغير… إلى مؤسسة تنتشر فروعها في جميع أنحاء منطقة ديترويت»، مؤكداً بأن ذلك التطور المثير للإعجاب «لم يأت بالصدفة»، وإنما جاء تتويجاً لجهود «فريق عظيم وقائدة عظيمة»، في إشارة إلى الدكتورة فاخوري التي دخلت قاعة مشاهير النساء بولاية ميشيغن في العام 2007.
ولفت السبلاني إلى أهمية مشروع «قرية هيفاء» الذي يعكس التزامها الشخصي والتزام «أي سي سي» بتنمية المجتمعات المهمشة، معرباً عن ثقته في صوابية القرار الذي اتخذته بنقل مسؤوليات الرئاسة التنفيذية إلى مدير العمليات الحالي لدى «أي سي سي» عدي فاخوري، وقال: «أنا واثق من أنه سيقود المؤسسة في الاتجاه الصحيح، وسوف يكون قائداً عظيماً كما كنتِ قائدة عظيمة»، في إشارة إلى الدكتورة فاخوري.
وفي معرض تكريمه بـ«جائزة العدالة»، تمت الإشادة بالدور الريادي الذي اضطلع به السبلاني –وعلى مدار أكثر من أربعة عقود– في الدفاع عن الحق والإنصاف والتمثيل عبر صحيفة «صدى الوطن» الناطقة باللغتين العربية والإنكليزية، معززاً مكانة العرب الأميركيين في منطقة ديترويت وعموم ولاية ميشيغن، حيث لم يسهم التزامه الراسخ بالقضايا العادلة في تمكين المجتمع العربي الأميركي فحسب، وإنما عزّز أيضاً، المساعي الأوسع نحو العدالة والشمول في أميركا، بحسب «أي سي سي».
رئيس تنفيذي جديد
في كلمتها، تطرقت الدكتورة فاخوري إلى حيثيات نقل مهام الإدارة والإشراف لدى «أي سي سي» إلى مدير العمليات الحالي عدي فاخوري، موضحة بأن خيارها ينطلق من قاعدة «الشخص المناسب في المكان المناسب»، بعدما أثبت القيادي الشاب جدارته وقدرته على تحمل المسؤوليات الجسيمة، وتنفيذ المشاريع المبتكرة لدى المؤسسة المجتمعية.
وأعرب عدي عن تشرّفه بقبول المنصب الجديد، لافتاً إلى أنه بدأ العمل لدى «أي سي سي» منذ عام 2019 بناءً على رغبة وإصرار الرائدة الأردنية الأصل، وقال: «إن اختياري لمنصب الرئيس التنفيذي هو شرف حياتي»، مؤكداً التزامه بالمهام النبيلة التي اضطلعت بها المنظمة منذ تأسيسها عام 1979.
وتطرق عدي في كلمته إلى التحديات المالية التي تواجه المؤسسات غير الربحية في ولاية ميشيغن «بسبب التنافس بين المنظمات الكثيرة»، واعداً ببذل أقصى جهوده لاستكمال مسيرة الدكتورة هيفاء في خدمة جميع الناس في المنطقة بغض النظر عن أصولهم الثقافية والإثنية والدينية، وقال: «بالإضافة إلى الخدمات الكثيرة التي نقدمها لآلاف العائلات سنوياً، نحن ملتزمون بالحفاظ على كرامة الأفراد والأسر واستقرارهم».
وقال عدي إن المؤسسة التي أنشئت باسم «المجلس العربي والكلداني الأميركي» عمدت في 2023 إلى تبني الاسم الجديد، «المجلس المجتمعي الأميركي»، للتأكيد على «الشمولية». وتناول فاخوري الأوضاع الكارثية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، لافتاً إلى أن «أي سي سي» ملتزمة بأن تكون «قوة تدخل إنسانية في ميشيغن وكامل أنحاء أميركا وحول العالم، بما في ذلك، غزة، من منطلق أن لا روح أغلى من الأخرى»، مختتماً كلمته بالتأكيد على أن «أي سي سي» ستوسع شراكاتها المستقبلية لتوسيع خدماتها لأكبر عدد ممكن من المحتاجين.
Leave a Reply