تبرئة إيران من التدخل.. ووعود ملكية بالإصلاح
المنامة – فضح التقرير الذي قدمته لجنة تقصي الحقائق المستقلة في أحداث البحرين، الأسبوع الماضي، تعامل السلطة مع التظاهرات السلمية في البحرين، حيث تبين زيف ادعاء السلطة باتهام قوى الثورة المعارضة بالعمالة لايران، وادعاءاتها الالتزام بالقوانين العالمية والمحلية في تعاملها مع هذه القوى، مؤكدا استخدام السلطة للتعذيب و”العنف المفرط”، ومنتقدا لجوءها إلى القضاء العسكري، وهدمها لدور العبادة وتنكيلها وترويعها للمواطنين.
السلطات البحرينية التي واصلت استخدامها العنف ضد المتظاهرين السلميين، ولم يعد من الممكن لها التراجع عن القبول بتقرير اللجنة التي شكلتها ومولتها، وعدت بـ”إصلاحات” وتعديلات قانونية، رحبت بها واشنطن، وأصرت على اتهام ايران بدعم المعارضين بالتزامن مع تصريحات لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، عن “تدخل ايران في شؤون المنطقة”. أما المعارضة متمثلة بفريقها الأساسي، جمعية “الوفاق”، فدعت إثر صدور التقرير إلى إقالة الحكومة الحالية واستبدالها بحكومة “إنقاذ وطني”، وتشكيل لجنة دولية لتنفيذ توصيات التقرير.
وقدم رئيس لجنة تقصي الحقائق في أحداث البحرين محمود شريف بسيوني ملخصا للملك حمد بن عيسى آل خليفة، عن التقرير الذي أعدته اللجنة في 500 صفحة. وأشار بسيوني في التقرير إلى “الغارات في منتصف الليل لبث الرعب” في قلوب المواطنين، وأعمال الطرد التعسفي من المؤسسات والجامعات،
والانتهاكات في السجون مثل استخدام الصدمات الكهربائية والضرب، إضافة إلى تدمير 30 دارا للعبادة منها خمس فقط غير مرخص لها، ما “اعطى انطباعا بوجود عقاب جماعي”. كما أكد التقرير سقوط 35 قتيلا منذ اندلاع الثورة في شباط الماضي، بينهم خمسة رجال أمن.
واكد التقرير ان التعذيب مورس على المعتقلين بشكل “متعمد” بهدف “انتزاع الاعترافات” او “للعقاب والانتقام”، مشيرا الى ان خمسة اشخاص قتلوا تحت التعذيب. وقال بسيوني إن “عددا من المعتقلين تعرض للتعذيب… ما يثبت وجود ممارسة متبعة (بذلك) لدى البعض”، كما وجه التقرير انتقادا للمحاكم الأمنية الخاصة التي “سيطرت على النظام القضائي الوطني”، و”حرمت معظم المتهمين من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة”، داعيا إلى إعادة النظر في الاحكام الصادرة. كما أشارت الوثيقة إلى الانتهاكات في مستشفى السلمانية، وقال التقرير “كل المعطيات تشير إلى وجود تظاهرات وفوضى في المستشفى.. (لكن) المستشفى واصل عمله بشكل طبيعي”.
وقال بسيوني ان الادلة التي قدمت الى لجنته في ما يتعلق بدور ايران في الاحداث الداخلية بالبحرين لم تكشف عن صلة واضحة بينها وبين تلك الاحداث.
ووعد الملك حمد بمحاسبة واستبدال المسؤولين عن الانتهاكات. ونقلت وكالة انباء البحرين (بنا) عنه قوله ان هذا التقرير “يمنح بلادنا فرصة تاريخية للتعامل مع أهم المسائل وأشدها إلحاحا”، مؤكدا ان “المسؤولين الذين لم يقوموا بواجبهم سيكونون عرضة للمحاسبة والاستبدال”. وتقدم الملك “بالشكر لرئيس واعضاء اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وموظفيها على جهودهم الجليلة والتي نقدرها كثيرا لما لهذا التقرير من قيمة عظيمة ومكانة عالية في نفوسنا، وان شعب البحرين باستفادته من مرئياتكم وتوصياتكم سيجعل من هذا اليوم يوما تاريخيا في حياة الوطن”. وحول ما توصل إليه التقرير عن عدم وجود أدلة لضلوع إيران في أحداث البحرين، قال حمد ان “حكومة البحرين ليست في وضع يمكنها من تقديم أدلة على الصلات بين إيران واحداث معينة في بلدنا هذا العام”، لكنه ندد بـ”الهجمة الاعلامية” من قبل قنوات ايرانية. واعتبر ملك البحرين ان هذه “الهجمة حقيقة موضوعية يلاحظها كل من يفهم اللغة العربية، وهي تشكل تحديا مباشرا ليس فقط لاستقرار وسيادة وطننا فحسب بل تهديدا لأمن واستقرار كافة دول مجلس التعاون”.
لكن ناشطين قالوا انه قبل ساعات من صدور التقرير طاردت قوات امن بحرينية شبانا في بلدة عالي وقتل رجل عندما اصطدمت سيارته بعربة تابعة للشرطة. وقال شهود ان عربات شرطة رباعية الدفع سارت مسرعة في شوارع بلدة عالي التي تقع خارج المنامة لملاحقة عشرات الشبان قبل الامساك بأحدهم وضربه بالهراوات بينما حلقت مروحيات فوق المكان. وكتبت عبارات في المنطقة منها “الموت لآل خليفة”.
واستخدمت قوات الامن الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة سارت في شوارع وسط البلدة رددت عبارة “يسقط حمد” في اشارة الى الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين. وتصاعد دخان اسود من اطارات سيارات محترقة.
من جهتها، اعتبرت “الوفاق” أن التقرير “كشف بما لا مجال للشك في وطنية الثورة البحرينية وأن لا دخل لإيران أو غيرها في تحريك هذه الثورة في انطلاقتها أو في استمرارها”. وشددت على أن “التقرير أثبت صحة خطاب ومعلومات المعارضة والمنظمات الحقوقية العالمية التي قدمتها على مدى العشرة أشهر الماضية من انتهاكات جسيمة وقمع للحريات في التجمعات وأساليب التعبير عن الرأي والصحافة ووسائل الإعلام الرسمية والمقربة منها”.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر “نحن نرحب بصدوره (التقرير) ونشيد بما أبداه الملك حمد من مبادرة وقيادة بمنح اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق تفويضا واسعا فضلا عن اطلاق يدها لاجراء تحقيقها”. واضاف “نحن نعتقد انه يتيح للبحرين شعبا وملكا فرصة تاريخية لضم الصفوف لايجاد سبيل لتنفيذ هذه التوصيات والقيام بالاصلاحات اللازمة”.
في المقابل، قال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل، الذي أرسلت بلاده قوات للمساهمة في قمع الاحتجاجات في البحرين، ان تدخلات ايران في الشؤون الداخلية لدول الخليج ما تزال مستمرة كما اتهمها بالسعي لامتلاك سلاح نووي ما يشكل “تهديدا صريحا لامن واستقرار” المنطقة.
Leave a Reply