ديترويت – رفضت قيادة شرطة ديترويت بشدة تقريراً إحصائياً صدر الأسبوع الماضي عن مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) وضع ديترويت على رأس قائمة المدن الأميركية الأكثر عنفاً لعام ٢٠١٦.
وعقد قائد شرطة المدينة جيمس كريغ يوم الاثنين الماضي مؤتمراً صحفياً للرد على تقرير الـ«أف بي آي»، الذي وصفه بأنه «ببساطة، خاطئ ومرفوض»، مؤكداً أن المعطيات المتوفرة لديه استناداً إلى برمجيات حديثة لتتبع معدلات الجريمة، تظهر أن الجرائم العنفية في ديترويت انخفضت بنسبة 5 بالمئة في العام 2016 مقارنة بالعام السابق، على عكس ما أورد التقرير الفدرالي الذي عكس زيادة فاقت ١٥ بالمئة.
وأصر كريغ على أن معدلات الجريمة في المدينة آخذة بالانخفاض تدريجياً منذ العام 2013.
وأضاف أنَّ صدور المعلومات عن مكتب التحقيقات الفدرالي لا يعني أنها دقيقة، مؤكداً ثقته بدقة الاحصائيات المتوفرة لدى شرطة ديترويت، واصفاً إياها بأنها «دقيقة جدَّاً».
ومن جانبه، أعرب رئيس لجنة مكافحة الجريمة في الدائرة، أندروا أرينا، وهو مدير سابق لـ«أف بي آي»-فرع ديترويت، عن شكوكه في امكانية قيام بعض المدن بالتلاعب ببيانات الجرائم المبلغ عنها وذلك لكي تحصل على مرتبة أفضل في القائمة.
ومن بين الأرقام التي استهجنها كريغ قضايا الاعتداء البدني التي ادَّعى انها مضخمة في التقرير الحكومي بأكثر من ألف حادثة. فوفقاً لتقرير «أف بي آي»، وقعت في ديترويت ٩٨٨٢ جريمة اعتداء في عام 2016، إلا أن بيانات شرطة ديترويت تفيد بوقوع ٨٩١٦ جريمة فقط».
أسباب التفاوت
وعزا كريغ الخطأ في ارقام مكتب التحقيقات الفدرالي إلى استخدام نظام كمبيوتر قديم يسمى «كريسنت» والذي استعيض عنه ببرنامج جديد في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. اما كيفية عمل النظام القديم فتتلخص بإدخال شرطة ديترويت للبيانات عبر نظام «كريسنت» ثم تقوم شرطة ولاية ميشيغن بتسجيلها ونقلها إلى الـ«أف بي آي».
وشرح كريغ انه «لسوء الحظ، بعض الجرائم كان يجري التبليغ عنها مرَّتين بموجب النظام القديم – إما عن طريق الخطأ البشري أو بسبب جريمة لم توصف بشكل صحيح. على سبيل المثال، جريمة تشبه جناية القتل، ولكن يتبين فيما بعد أنها مجرَّد انتحار، أو عندما يجري الإبلاغ عن حادثة سرقة ولكن عنصر شرطة آخر يصفها بعملية سطو، فتسجل مرةً كسطو ومرة أخرى كسرقة».
واستطرد كريغ «في الماضي، نبهت الشرطة مكتب التحقيقات الفدرالي إلى هذا الأمر عندما رصدت تناقضاً، حتى عندما لم تكن الأرقام في صالح ديترويت. وعلى سبيل المثال، وكالة «أف بي آي» أصدرت تقريراً مرَّتين عن انخفاض حوادث الاعتداء في ديترويت في حين ان العدد حقيقة كان يزداد وقد كنا شفافين وصادقين عندما كانت الأرقام المبلغ عنها غير صحيحة والآن نحن نريد أن نفعل الشيء نفسه».
ومضى يقول «إن شرطة ديترويت حاولت تنبيه المكتب الفدرالي حول الخطأ في ارقام قضايا الاعتداء عام 2016، ولكن قيل لها إن الموعد النهائي للتقرير قد مر»، مؤكداً أن التقرير الجديد الذي يصف ديترويت بأكثر المدن الأميركية عنفاً «مثير للقلق جدَّاً جدَّاً».
ولم يعترض كريغ على ارقام جرائم القتل الواردة في التقرير والبالغة 303 جريمة قتل في 2016، مقارنة بـ295 في ٢٠١٥، وذكَّر في هذا المضمار «لقد قلت في كثير من الأحيان أن 300 جريمة قتل هو عدد كبير جداً مع هذا الحجم من السكان، لكن المفتاح هو أنه منذ 2013، والمعدل يتجه نحو الانخفاض التدريجي» لافتاً إلى أنه منذ مطلع العام الجاري تم تسجيل ٢١٢ جريمة قتل في المدينة، حتى الاثنين الماضي، مقارنة بـ219 في الفترة نفسها من العام ٢٠١٦.
أما سرقة السيارات فهي أيضاً إنخفضت خلال نفس الفترة الزمنية، كذلك عمليات السطو، وحوادث اطلاق النَّار غير المميتة وجرائم الممتلكات، بحسب قائد الشرطة الذي خلص إلى القول إن الجريمة عموماً انخفضت بنسبة 7 بالمئة في ديترويت حتى الآن مقارنة بالعام الماضي، مشيراً إلى أن دائرته تهدف إلى خفض معدلات الجرائم كافة بنسبة 5 بالمئة.
وأفاد أنَّ نظام الإبلاغ عن الجريمة في ديترويت كان ولا يزال شوكة في خاصرته منذ توليه قيادة الشرطة في عام 2013. لكنَّه استدرك قائلاً «لحسن الحظ، هناك نظام جديد» يشرف عليه الخبير في احصائيات الجرائم في «جامعة وين ستايت»، ديفيد مارتن.
من ناحيته، شارك أرينا، كريغ في تشكيكه بأرقام «أف بي آي»، معرباً عن اعتقاده «أن بعض المدن لا تبلغ عن كل الجرائم التي تقع فيها».
وأضاف «أعتقد أن هناك مدناً تعرف كيف تدير اللعبة»، مستهولاً رؤية شيكاغو تحصل على المرتبة 24 على القائمة، «بالرغم من مشاكلها المزمنة مع جرائم العنف».
اما رئيس بلدية ديترويت مايك داغن فقد رفض الإدلاء بأي تعليق.
معطيات «أف بي آي»
تتناقض ارقام مكتب التحقيقات الفدرالي التي صدرت مؤخراً مع معطيات شرطة ديترويت، حيث تبين أن عدد جرائم العنف ازدادت بنسبة 15.7 بالمئة في ديترويت بين عامي 2015 و2016، حيث أورد التقرير الفدرالي وقوع ١١٣٤٦ جريمة و١٣٧٠٥ على التوالي.
وتشمل جرائم العنف القتل والاغتصاب والاعتداءات وعمليات السطو وخطف السيارات.
وكانت ديترويت قد شهدت جرائم قتل في شوارعها العام الماضي اكثر من مدينة لوس أنجلوس، التي يقطنها ست أضعاف عدد سكان ديترويت حسب تقرير مكتب التحقيقات الفدرالي حول إحصاء الجرائم.
هذه القفزة في معدل الجريمة منحت مدينة السيارات المرتبة رقم واحد على لائحة أعنف المدن الأميركية التي يتجاوز عدد سكانها ١٠٠ ألف نسمة.
وتأتي وراء ديترويت في هذه اللائحة خمس مدن هي سانت لويس (رقم 2 وكانت رقم 1 في العام الماضي بينما ديترويت كانت رقم 2)، تليها ممفيس وبالتيمور وروكفورد، وفقاً لتقرير «أف بي آي» لعام 2016.
وبالمقارنة، شيكاغو، التي احتلت المرتبة رقم 24 على القائمة. شهدت 763 جريمة قتل في 2016 -أي أكثر من ضعف الجرائم التي وقعت في ديترويت (٣٠٣ قتلى)- إضافة إلى تسجيل ٣٠ ألف جريمة عنف. ولكن شيكاغو تحوي على أكثر من 2.7 مليون شخص، اي أربعة أضعاف عدد سكان ديترويت، فبلغ معدل الجريمة ١١٠٥ جرائم لكل ١٠٠ ألف نسمة.
في حين بلغ معدل جرائم العنف في ديترويت ما يقرب من ضعف شيكاغو، أي ٢٠٤٧ جريمة لكل مئة ألف نسمة لتتصدر المدينة لائحة أخطر المدن في أميركا.
وعلى الصعيد الوطني، شهدت الولايات المتحدة -بحسب «أف بي آي»- ١.٢ مليون جريمة عنف خلال العام ٢٠١٦، وحوالي ثمانية ملايين جريمة تتعلق بالممتلكات.
وارتفعت جرائم القتل بنسبة 8.6 بالمئة مقارنة بالعام 2015، في حين ارتفعت حوادث الاعتداء الجسدي والاغتصاب 5.1 بالمئة و4.9 بالمئة على التوالي، أما السطو المسلح فارتفع بنسبة 1.2 بالمئة.
من ناحية اخرى، انخفضت جرائم الممتلكات بنسبة 1.3 بالمئة في 2016، وذلك للعام الرابع عشر على التوالي، وقد انخفضت عمليات السرقة بنسبة 4.6 بالمئة، وسرقة محتويات السيارات بنسبة 1.5 بالمئة، لكن سرقة السيارات ازدادت 7.4 بالمئة.
كما تم تسجيل 10.7 مليون عملية اعتقال عام 2016 باستثناء الاعتقالات المتعلقة بالمخالفات المرورية. أما على مستوى ميشيغن، فحلت ماسكيغون هايتس في المركز الثاني تلتها بنتون هاربر وهايلاند بارك وفلنت وماكينو ثم فلنت في المركز السابع، بحسب بيانات «أف بي آي».
Leave a Reply