كانساس - فـي الوسط الأميركي الذي يبعد ١٢ ألف كيلومتر تقريباً عن منطقة الدمام شرق السعودية، وقف يوم الأربعاء الماضي أعضاء مجلس النواب فـي ولاية كانساس، إجلالاً واحتراماً لطالب مسلم فـي الجزيرة العربية وجدوه يستحق منهم «شهادة الشجاعة والتضحية» الممنوحة عادة للباذلين جهداً استثنائياً، إلا أن عبدالجليل الأربش بذل أغلى ما عنده وهي حياته، التي أنهاها بعمر ٢٢ سنة، لينقذ آخرين من هجوم إرهابي «داعشي» بدأ على المساجد الإسلامية الشيعية فـي المنطقة.
عبدالجليل الأربش |
وكان الأربش قد منع انتحارياً من دخول مسجد وتفجير نفسه بين من فـيه من مصلين يوم ٥ من الجاري وضحى بحياته ثمناً لاهل مدينته فـي الدمام، لذلك دعا مجلس نواب ولاية كانساس، عبر مقره فـي مبنى الكابيتول فـي مدينة «توبيكا» عاصمة الولاية، عدداً من المبتعثين السعوديين بجامعة «ويتشيتا» الحكومية، ومعظمهم أقرباء وأصدقاء للأربش الذي كان يدرس فـيها الهندسة الكهربائية سنة ثالثة، ليبلغهم بتكريمه للشهيد. وذكر رئيس لجنة الطلاب السعوديين سعيد الغامدي أن التكريم «كان ببادرة من الهيئة التشريعية فـي الولاية أي مجلس النواب، الذين وصل إليهم صدى ما قام به الأربش ونال إعجابهم، بعد أن تأثروا بما فعل، وعلموا بتفاصيله من وسائل إعلام عالمية الانتشار تناولت قصته، فقاموا وكرموه وصفقوا لموقفه البطولي».
ومن المعروف أن الأربش استغل عطلته الصيفـية الجامعية وعاد إلى الدمام بهدف الزواج هذا الشهر بالذات، لكن ما كان بانتظاره اختلف كلياً عن العرس المنشود وشاءت الأقدار أنْ يفتدي أهله بنفسه، ففـي ٥ من الجاري كان يحرس مع آخرين مدخل «مسجد الإمام الحسين» بحي «العنود» فـي المدينة، حين اقترب أحدهم، ذكرت الداخلية السعودية فـيما بعد أن اسمه خالد الوهبي الشمري، وعمره ٢٠ سنة، متنكراً بعباءة نسائية وأراد الدخول.
ولأنه «كان ممنوعاً على النساء ارتياد المسجد تلك الجمعة»، طبقاً لما قال والد عبدالجليل الأربش، فإن ابنه الذي تطوع حال وصوله إلى الدمام مع اللجان الشعبية الحارسة فـي المسجد، استغرب رغبة «المرأة» بالدخول، من دون أن يعي بأنها «داعشية» النوايا، وحين تنبه لحقيقته، أمسك به سريعاً ليصده ويمنعه وعندها فجر الانتحاري نفسه بعبوة مدسوسة بزيه النسائي، فسقط الإثنان قتيلين فـي الحال.
محمد بو جبارة، ٢٤ عاماً، هو أيضاً تلميذ يتخصص فـي علم الهندسة الكهربائية كالشهيد الأربش حيث وصلا معاً إلى جامعة وتشيتا عام ٢٠١١ نشأت بينهما صداقة متينة.
«لقد كنَّا نقطن معاً فـي مبنى سكني وكان لطيفاً مع كل الذين التقوه» ذكر بو جبارة وأردف «كانت لديه هوايات متعددة مثل التمرين وألعاب الفـيديو على بلاي ستيشن وكان ذكياً جداً يتمتع بروح مرحة».
وبسبب تضحية الشهيد قام طلاب الجامعة بحمل شموع باسمه داخل حرم الجامعة يوم الجمعة ٥ حزيران (يونيو) الجاري كما أطلقوا حفل تبرع بالدم عن روحه يوم الأربعاء ١٠ حزيران (يونيو). ووصف الأربش بالبطل على صفحات التواصل الاجتماعي على الصعيد المحلي والوطني حيث افرد له هاشتاغ بشعار «البطل جليل»، ونشر أصحاب الصفحات الاجتماعية صوره وشاركوا فـي سرد قصته وبطولته.
Leave a Reply