حذر البيت الأبيض الأسبوع الماضي النواب الديموقراطيين في الكونغرس من رفض التسوية الضريبية التي عقدها الرئيس باراك اوباما مع الجمهوريين، مؤكداً أن ذلك سيزيد كثيرا من خطر عودة الركود الاقتصادي لأميركا. وأخبر لورنس سامرز المستشار الاقتصادي للرئيس أوباما الصحفيين “أن عدم تصويت الكونغرس على الاجراءات التي اتفق عليها أوباما والجمهوريون في الأسبوعين الماضيين سيزيد بصورة كبير من خطر حدوث (ركود مزدوج) في البلاد”.
وكان الرئيس باراك اوباما قد أعلن الاثنين الماضي انه وافق على تسوية فرضها الجمهوريون حول مسألة الضرائب تقضي بتمديد إعفاءات ضريبية أقرها الرئيس السابق جورج بوش لكل المكلفين لمدة عامين، لقاء الموافقة على تمديد مساعدات البطالة التي تقدم لمليوني عاطل عن العمل.
وانتهت مدة تلك المساعدات في تشرين الثاني (نوفمبر)، بعد رفض الجمهوريين لها في أعقاب فوزهم في الانتخابات التشريعية في منتصف الولاية، بالرغم من أن اللجان التي ستنبثق من الاستحقاق وستكون نواتها أكثر محافظة من سابقاتها لن تبدأ في الاجتماع قبل مطلع كانون الثاني (يناير).
وقال الرئيس “خلال العامين المقبلين، ستحتفظ كل عائلة اميركية بتخفيضاتها الضريبية” مبررا هذا القرار الذي كان يعترض عليه من قبل، برغبته في تجنيب الطبقة الوسطى الوقوع “ضحية جانبية للنزاع السياسي في واشنطن”. واضاف اوباما ان “مساعدات البطالة ستمدد 13 شهرا” بموجب الاتفاق الاطار الذي تم التوصل اليه بعد اسبوع من المفاوضات الشاقة بين الادارة الديموقراطية والجمهوريين في الكونغرس الذين حققوا انتصارا في الانتخابات التشريعية لمنتصف الولاية في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر). ولفت الرئيس الى ان استئناف دفع مساعدات البطالة التي يعرقلها الجمهوريون منذ نهاية تشرين الثاني سيشكل “ارتياحا لمليوني اميركي كانوا مهددين بانقطاع المدخول عنهم وسط فترة الاعياد”. وتابع انه “لقاء تمديد التخفيضات الضريبية للاميركيين الاكثر ثراء، سوف نحمي تخفيضات ضريبية مهمة جدا لعائلات الطبقة الوسطى”.
ومن التنازلات التي اضطر اوباما الى الموافقة عليها “تنظيمات اكثر سخاء بشان ضريبة انتقال الارث” قال اوباما انها “لم تكن مستحبة ولا مستحقة، لكننا شددنا على ان تكون مؤقتة”. وقال “لا شك ان الجميع سيجدون ما لا يعجبهم في هذه التسوية. ثمة امور لا تعجبني أنا وعلى الاخص تمديد التخفيضات الضريبية للاكثر ثراء”، مشيرا الى ان هذه التخفيضات ستنتهي بعد سنتين في محاولة للتخفيف من وطأتها.
لكنه اعرب عن ثقته بانه بحلول 2012 موعد الانتخابات الرئاسية “سيصبح جليا انه لا يمكننا الاستمرار في تمديد التخفيضات الضريبية” على ضوء ضرورة مكافحة العجز في الميزانية.
ورأى ان هذه الخطة التي ما زال يتعين اقرارها رسميا في الكونغرس “هي الخيار الصائب” مقرا في الوقت نفسه باحساسه “بالتعاطف مع الذين يفضلون المعارك على التسويات”
وراى المسؤول الجمهوري الثاني في مجلس الشيوخ جون كيل ان اعلان اوباما يشكل “مرحلة اولى مهمة لاعطاء جميع العائلات والشركات الاميركية الضمانة بان ضرائبها لن ترتفع في الاول من كانون الثاني (يناير)”.
اما زعيم الديموقراطيين في مجلس النواب هاري ريد، فاصدر بيانا اعرب فيه عن عدم ارتياح الحزب لخطة تمدد لسنتين اضافيتين تخفيضات اقرت في ظل الادارة السابقة في 2001 و2001. وقال مكتبه انه “بعدما قدم الرئيس اقتراحه، سوف يناقشه السناتور ريد مع كتلته”.
واعتبر بعض الديموقراطيين موقف الرئيس استسلاما، وأعربوا عن معارضتهم له. وقال نائب نيويورك أنتوني وينر “لماذا علينا أن نكون دومًا في موقف الدفاع؟ فلنتواجه في الميدان”، وذلك بعد تسرب بعض تفاصيل الاتفاق.
أما السناتور المستقل عن فرمونت بيرني ساندرز الذي يعتبر يساريا فرأى أن تمديد الإعفاءات الضريبية “كارثة كبرى وإهانة إلى أكثرية واسعة من الأميركيين”، فيما تلا رئيس الأكثرية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد بيانا باردا اكتفى بسرد الوقائع.
وتود ادارة اوباما من الكونغرس ان يدرس قبل نهاية السنة ملفات اخرى تعلق عليها اهمية كبرى وفي طليعتها ابرام معاهدة “ستارت” الجديدة لنزع السلاح النووي مع روسيا، غير ان مسؤولا في البيت الابيض افاد ان هذا الموضوع غير مدرج في الخطة التي جرى التفاوض بشانها في الايام الاخيرة.
لكن أوباما الذي شهد باعترافه “ضربة” في انتخابات الثاني من تشرين الثاني بات يحرز نسبة شعبية أدنى من 50 بالمئة، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة في تشرين الثاني (نوفمبر)، ما يجعله رئيسا ضعيفا اليوم، وما يزيد موقعه التفاوضي ضعفاً هو تضامن الجمهوريين.
ويرى المراقبون أن أوباما يبذل جهودا لتحقيق أهدافه في الكونغرس في الجلسة الأخيرة لهذا العام، قبل أن يجد نفسه في وضع أسوأ عند بدء الكونغرس الجديد مهامه.
Leave a Reply