لانسنغ – تحت شعار «إنقاذ الأرواح» قررت حاكمة ولاية ميشيغن، غريتشن ويتمر، المضي قدماً في سياسة الإغلاق الجزئي لمكافحة وباء كورونا، على الرغم من المعارضة المتزايدة لهذه السياسة لاسيما من قطاع المطاعم والحانات المهدد بمزيد من الخسائر الفادحة في موسم الأعياد.
وأعلنت ويتمر، في مؤتمر صحفي عقدته الاثنين الماضي عن تمديد الإغلاق الجزئي لمدة 12 يوماً إضافياً تستمر لغاية 20 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وذلك قبل يوم واحد من انتهاء الإغلاق المؤقت الذي أعلنته ويتمر منتصف الشهر الماضي لمدة ثلاثة أسابيع.
وبررت الحاكمة قرارها بالقول إنه يأتي في إطار جهود إدارتها لإعادة فتح الولاية بـ«حذر»، تمهيداً للقضاء على الوباء تماماً عبر الاعتماد على «العلم» و«خبراء الصحة العامة» وتوفير لقاحات مضادة لفيروس «كوفيد–19».
ويشمل القرار الصادر عن وزارة الصحة في إدارة ويتمر، منع المطاعم والحانات من خدمة الزبائن في الأماكن المغلقة، واقتصار الخدمة على الطلبيات الخارجية أو الأماكن المفتوحة.
كذلك يشمل القرار إغلاق الكازينوهات والمسارح ودور السينما وصالات البينغو وألعاب الفيديو وجميع الأعمال التجارية التي يمكن إنجازها عن بُعد، فضلاً عن إغلاق المدارس الثانوية والكليات والجامعات والتحول كلياً إلى التعليم عبر الإنترنت.
وتُستثنى من الإغلاق صالونات الحلاقة والتجميل والخدمات الشخصية ومراكز رعاية الأطفال ومحلات البيع بالتجزئة والمدارس تحت الصف الثامن بشرط اعتماد إجراءات وقائية مشددة لمنع انتشار «كوفيد–19».
كذلك، يستثني قرار الوزارة المهن والأعمال التي لا يمكن إنجازها عن بعد، مثل البناء والتصنيع.
كما سمحت الوزارة أيضاً بإبقاء النوادي الرياضية والمسابح مفتوحة للتدريب الفردي حصراً. لكنها منعت تنظيم أية تجمعات رياضية باستثناء نشاطات الأندية المحترفة والفرق الجامعية، بشرط الالتزام بقيود التباعد الاجتماعي والحظر الكلي لحضور المتفرجين.
ورغم أن وزارة الصحة لم تحظر ممارسة الأنشطة الترفيهية في الهواء الطلق مثل المشي والاستجمام في المنتزهات، لكنها وضعت حداً أقصى للتجمعات الخارجية في الهواء الطلق عند 25 شخصاً، وذلك في حالات محددة مثل إقامة الجنازات.
وكان لافتاً عدم ذكر قرارات وزارة الصحة للكنائس ودور العبادة، سواء في قائمة الممنوعات أو المسموحات.
وأرجعت الحاكمة الديمقراطية قرار التمديد إلى الكم الهائل من سكان الولاية الذين قرروا السفر خلال عطلة عيد الشكر، لافتة إلى أن فترة الإغلاق الإضافية ستتيح للمسؤولين تحديد مدى تأثير ذلك على جهود الولاية لاحتواء وباء «كوفيد–19»، حيث ستكون قد ظهرت أعراض المرض على الأفراد الذين أصيبوا بالفيروس خلال هذه الفترة.
وقالت ويتمر: «الأمل يلوح في الأفق، لكننا نحتاج إلى 12 يوماً إضافياً لتحديد التأثير الكامل لعطلة عيد الشكر على جهودنا للتخفيف من انتشار الفيروس»، مؤكدة أن قرارها يرمي إلى «حماية عائلاتنا وعمال الخطوط الأمامية حتى نقضي على هذا الفيروس مرة واحدة وإلى الأبد».
وأضافت أنه «في ظل ارتفاع وتيرة الإصابات اليومية إلى أكثر من ستة آلاف حالة يومياً وبلوغ معدل الوفيات اليومي مستويات تنذر بالخطر، إضافة إلى خطر اكتظاظ المستشفيات، يجب علينا –كميشيغندريين– العمل معاً والاستماع إلى خبراء الصحة لدينا»، لافتة إلى أن هذه الفترة قد تكون «الأصعب حتى الآن في صراعنا مع كوفيد–19، لكن هناك ضوء في نهاية النفق».
وحول جهودها لتوفير حزمة مساعدات اقتصادية للقطاعات الأكثر تضرراً بالإغلاقات، أعربت ويتمر عن أملها في أن يدفع قرار وزارة الصحة بتمديد الإغلاق المؤقت، كلاً من المجلس التشريعي في ميشيغن والحكومة الفدرالية نحو توفير «المساعدة للعمال العاطلين عن العمل والشركات التي تعاني» من تبعات الإغلاق.
وبحلول يوم الخميس 10 ديسمبر الجاري، بلغ إجمالي عدد إصابات كورونا في ميشيغن، 421,137 حالة، من بينها 10,395 حالة وفاة.
حزمة مساعدات
وكانت ويتمر قد دعت مؤخراً، المشرعين في ميشيغن إلى إقرار حزمة مساعدة بقيمة 400 مليون دولار للتصدي لوباء كورونا، قبل نهاية العام الحالي.
وقال كيرت وايس، من مكتب الموازنة في إدارة ويتمر، إن المبلغ المقترح سيتم رصده للمساعدة في توزيع لقاحات «كوفيد–19» ودعم عمال الرعاية الصحية وتتبع الإصابات فضلاً عن توفير تمويل إضافي للمستشفيات والشركات والعائلات المتأثرة بالوباء.
وأوضح وايس أن المبلغ متوفر لدى الولاية بعد تحصيل الضرائب بحجم أكبر مما كان متوقعاً خلال العام الحالي.
لكن في المقابل، لم يبد الجمهوريون الذين يسيطرون على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ أية استجابة لطلب الحاكمة المستمرة بتجاهل السلطة التشريعية في القرارات المتعلقة بمكافحة الجائحة الصحية.
ويقول الجمهوريون إن الحاكمة تجاهلت حكم المحكمة العليا في ميشيغن، بعدم دستورية أوامر ويتمر التنفيذية المتعلقة بمكافحة الوباء بسبب إعلانها لحالة الطوارئ بشكل أحادي دون موافقة السلطة التشريعية. وقد التفت ويتمر على قرار المحكمة العليا بإعادة فرض معظم القيود السابقة عبر وزارة الصحة والخدمات الاجتماعية دون استشارة مجلسي النواب أو الشيوخ.
وبعد قرار تمديد الإغلاق لمدة 12 يوماً، أصدرت رئيسة الحزب الجمهوري في ميشيغن، لورا كوكس، بياناً لاذعاً انتقدت فيه إدارة ويتمر، مطالبة بإنهاء الإغلاقات فوراً. وقالت إن قرار إعادة فتح المطاعم جزئياً، كفيل بإنهاء الحاجة إلى حزمة المساعدات المطلوبة أو على الأقل تخفيضها بنسبة كبيرة.
صمود المطاعم
من جهة أخرى، أعربت «جمعية المطاعم والفنادق في ميشيغن» عن خيبة أملها من قرار تمديد الإغلاق، في الوقت الذي يعاني فيه القطاع من خطر الإفلاس.
وكان العشرات من مالكي المطاعم قد تداعوا مؤخراً إلى تباحث سبل الرد على قرار وزارة الصحة، وسط دعوات لتحدي القرار بإبقاء أعمالهم التجارية مفتوحة لاستقبال الزبائن.
لكن المجتمعين وجدوا أن خطوة من هذا النوع من شأنها أن تزيد أوضاعهم تعقيداً في ظل الغرامات والعقوبات القاسية التي قد تصدر بحقهم.
وقال جو فيكاري، الذي يملك 22 مطعماً في منطقة ديترويت الكبرى، وهو أحد الداعين إلى الاجتماع الذي عقد عبر تطبيق «زووم»، إن تحدي الأوامر الحكومية «قضية خاسرة»، مشيراً إلى أن السلطات قد تقوم بتجريد المطاعم والحانات من تراخيص بيع الكحول والطعام، كما يمكنها إلغاء التراخيص التجارية، فضلاً عن فرض غرامات بآلاف الدولارات مما سيضاعف من خسائرها المالية ويزيد الوضع تعقيداً بالنسبة لأصحاب المطاعم المهددين بالإفلاس أصلاً.
وأضاف أن أصحاب المطاعم ليس بوسعهم تحدي الحكومة و«ليس أمامنا سوى الصمود للبقاء على قيد الحياة».
وكان عدد من أصحاب المطاعم والحانات في أنحاء ميشيغن قد رفضوا الانصياع لقرار وزارة الصحة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، فصدرت بحقهم مخالفات وغرامات مالية، إضافة إلى تجريد بعضهم من التراخيص.
ويشكو هؤلاء من أن الإغلاق قد يؤدي إلى إفلاس مصالحهم التجارية التي تعتمد على المبيعات يوماً بيوم لسداد الفواتير المترتبة عليها، فضلاً عن اضطرارهم إلى تسريح موظفيهم مجدداً بعد فترة وجيزة من استعادتهم عقب الإغلاق الأولي الذي فرضته الحاكمة ويتمر لعدة أشهر في آذار (مارس) الماضي لمنع انتشار وباء كورونا.
وبحسب «جمعية المطاعم والفنادق في ميشيغن»، أدت أزمة وباء كورونا إلى إغلاق حوالي 2,000 مطعم منذ بداية الجائحة، محذرة من أن استمرار الإغلاق لفترة أطول، فقد يؤدى إلى إغلاق 4,000 مطعم آخر نهائياً.
وقد أعرب فيكاري عن استيائه من قرار تمديد الإغلاق حتى 20 ديسمبر، مؤكداً أنه اضطر إلى صرف أكثر من 700 موظف حتى الآن، وهو عدد قابل للزيادة في حال استمر الإغلاق خلال موسم الأعياد القادم، داعياً حاكمة الولاية إلى «حل وسط» يمكن أصحاب المطاعم من إعادة فتح أعمالهم «قبل فوات الأوان».
وعرض فيكاري تقديم تنازلات إضافية للسماح للمطاعم بالعودة إلى خدمة الزبائن في الأماكن المغلقة، وقال: «سنخفض ساعات العمل، أو نخفض نسبة الإشغال من 50 بالمئة إلى 40 بالمئة»، مبدياً استغرابه من التصلب في التعامل مع المطاعم في ميشيغن، بينما يمكن لسكان منطقة ديترويت مثلاً قيادة سياراتهم «40 ميلاً جنوباً حيث يمكنهم تناول العشاء في المطاعم بمنطقة توليدو» في ولاية أوهايو المجاورة.
وأضاف «هناك المطاعم مفتوحة، ونحن لسنا كذلك، وهذا أمر غير منطقي».
Leave a Reply