صالح يتوعد بالقضاء على الحوثيين.. والكونغرس قلق
صنعاء – توعد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح جماعة الحوثيين بالحسم و”تطهير” محافظة صعدة شمال البلاد خلال أسابيع، وذلك بعد ساعات من التوصل إلى اتفاق تهدئة شفهي، منتصف الأسبوع الماضي لم يصمد سوى ساعات بعد أسبوعين من المعارك المستمرة بين الجانبين، فيما تقاذف الحوثيون وصنعاء التهم حول المسؤول عن انهيار “اتفاق الدوحة”.
لكنه من غير المرجح أن يسفر أحدث هجوم لليمن على المتمردين الحوثيين في شمال البلاد عن انهاء صراع ظل قائماً بشكل متقطع لخمس سنوات وأسقط آلاف الضحايا.
ويقول محللون ان هذا الهجوم ربما لن يؤدي سوى الى تعميق الاضطرابات في البلد الذي يحارب أيضاً انفصاليين في الجنوب ومقاتلي تنظيم القاعدة وعدم توافق تام بين موارد النفط والمياه التي تنضب سريعاً وانفجار سكاني. ويقود عبد الملك الحوثي المتمردين المسلحين بشكل جيد ويعملون في المناطق الجبلية الوعرة وهم يجسدون نزعة لاحياء الطائفة الزيدية.
وقال صالح أثناء زيارته لمعسكر للجيش الأربعاء الماضي إنه على ثقة بتطهير المناطق في صعدة في الأسابيع القادمة “فلدينا تجربة من العام 1978 في المناطق الوسطى وحتى العام 1982 وحسمناها عسكريا ولدينا تجربة أخرى مع عناصر الردة والانفصال وحسمناها خلال 67 يوما ونحن على ثقة أننا سنخمد هذه الفتنة”. وأضاف مخاطبا ثلة من العسكر “مهما قدمنا من خسائر فهو من أجل الوطن ونصرة الحق وضد عناصر التخريب والتمرد والإرهاب الذين يريدون أن تعود عقارب الساعة إلى الخلف”.
لكن الرئيس اليمني أشار إلى صعوبة المعركة مع الحوثيين، وقال “صحيح أنها لو كانت المواجهات مع قوة نظامية لحسمت في الأشهر الأولى أو في الأسابيع الأولى، لكننا نواجه حرب عصابات وليس حربا نظامية”.
وقد أجرى الرئيس اليمني مساء الأربعاء الماضي اتصالا هاتفيا بأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بعد ساعات من التوصل إلى اتفاق تهدئة بين الجيش اليمني والحوثيين.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إن الرئيس اليمني وأمير قطر بحثا العلاقات الأخوية ومجالات التعاون المشترك وسبل تعزيزها وتطويرها بين البلدين “لما فيه خير ومصلحة الشعبين اليمني والقطري”.
وكانت قطر رعت عام 2007 اتفاقا بين القوات الحكومية اليمنية والحوثيين، لكنه لم ينفذ وتبادل طرفا الاتفاق الاتهامات بإفشاله.
وكان وزير الإعلام اليمني حسن اللوزي قال إن اتفاقية الدوحة المبرمة بين الحوثيين والحكومة اليمنية بشأن الوضع في صعدة انتهت, واتهم ما وصفها بعناصر تخريبية بخرقها. من جانبه قال الناطق الإعلامي باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام إن الجماعة متمسكة باتفاق الدوحة، واتهم الحكومة اليمنية بمحاولة التهرب من التوصل لحل جذري للنزاع بين الجانبين.
تهدئة مؤقتة
وجاءت هذه التطورات بعدما توصلت لجنة وساطة إلى اتفاق تهدئة مؤقت بين الجانبين من أجل وصول المساعدات للنازحين والعالقين جراء الحرب المندلعة منذ 12 آب (أغسطس) الجاري.
والاتفاق يلزم الحوثيين بفتح الطرقات وإزالة التمترس في الجبال مقابل وقف الدولة عملياتها العسكرية. وهو اتفاق تهدئة وليس لحل مشكلة صعدة، أخذا بالاعتبار تفاقم أزمة النازحين.
وكانت منظمات الإغاثة الدولية قد أشارت في بيانات لها إلى صعوبات متزايدة في محاولتها لمساعدة المدنيين في محافظة صعدة بشمال البلاد إثر تجدد القتال بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين.
وقالت المنظمات الدولية إن القصف الجوي لمعاقل الحوثيين أدى إلى فرار السكان إلى الدول المجاورة، فيما أشارت وكالات دولية إلى أن عدد الفارين من مناطق المعارك في صعدة وصل إلى 150 ألفاً.
وفي الأثناء سحبت الهيئات الدولية طواقمها وموظفيها الأجانب ومعظم الموظفين اليمنيين العاملين معها من مناطق القتال، وذلك بعد تعرض ثلاثة من موظفيها الأجانب للاختطاف، فيما عثر على أحدهم مقتولاً في صعدة.
وتأتي هذه التطورات وسط استمرار الاشتباكات بين الجانبين، ونقلت وكالة “رويترز” عن بيان لجماعة الحوثي صدهم هجوما للجيش اليمني في منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران ومنطقة المنزلة بمحافظة صعدة الأربعاء.
لكن مصدرا حكوميا نفى تلك المزاعم، وأشار إلى أن الجيش انتزع السيطرة على أحد الأودية بعد وقوع خسائر على الجانبين في قتال شرس.
وأوضح المصدر أن الطريق الرئيس الذي يربط صعدة بالعاصمة صنعاء ما زال مغلقا أمام الإمدادات والتعزيزات العسكرية بسبب الألغام وحرب العصابات التي يتبعها الحوثيون. ويصعب الوصول الى محافظة صعدة في الشمال قرب الحدود مع السعودية الا بواسطة هيئات الاغاثة ولكن سكان صعدة البالغ تعدادهم مليونا نسمة يرون كل يوم تجسيدا للحرب مع تحليق مقاتلات من طراز ميغ عالياً للقيام بعمليات قصف وشاحنات مكتظة بالمجندين متجهة شمالاً. وأدى التعتيم الاعلامي الى جعل تقييم عدد القتلى أو النازحين أو حجم الدمار مستحيلاً ولكن وردت أنباء تفيد بمقتل واصابة المئات من كلا الجانبين منذ أن اشتدت الاشتباكات وتحولت لمعارك حامية الوطيس في أواخر الشهر الماضي. وقالت أجهزة الامم المتحدة يوم الجمعة ان أكثر من 100 ألف شخص فروا من ديارهم وان هناك أزمة انسانية تحوم في الافق.
الكونغرس
ومن ناحية أخرى، حذر تقرير صادر عن الكونغرس الأميركي من تجاهل صناع القرار الأميركيين خطورة عدم الاستقرار في اليمن على المصالح الأميركية في المنطقة، وسوق الطاقة العالمي، بسبب موقع اليمن الإستراتيجي المشرف على مضيق باب المندب.
وجاء في التقرير الصادر عن مركز أبحاث الكونغرس أن “على الولايات المتحدة أن تركز قدرا أكبر من الاهتمام على ما يحدث في اليمن، بسبب المخاطر التي يمثلها فشل الدولة هناك على الأمن القومي الأميركي”.
ونبه التقرير إلى أن ما يقع في اليمن من ارتفاع متسارع لعدد السكان، مع انخفاض الموارد، وتجذر الجماعات الإرهابية في المحافظات النائية، سيجعل إدارة أوباما وأعضاء الكونغرس مضطرين في النهاية إلى التصارع مع عواقب عدم الاستقرار هناك.
ويرجح خبراء -حسب التقرير- أن “حالة انعدام القانون في اليمن سوف تقود إلى المزيد من النشاط الإرهابي، مشيرين إلى أن الانخراط الأميركي في اليمن ينبغي أن ينبع من بواعث إنسانية بشأن السكان الذين يعانون من الفقر ويحتاجون إلى مساعدات تنموية”.
Leave a Reply