خديجة شمص – «صدى الوطن»
حسين (سام) سرعيني، ضابط قيادي في سلاح البحرية الأميركي، يستعد حالياً لقيادة سفينة حربية تحت إمرته بحلول العام ٢٠٢٠.
هذا الموقع الحساس يحتاج إلى تأهيل وخبرة طويلة، ولم يعد أمام «أبو محمد» لاستكمالها سوى بضعة أشهر، وذلك بعد خدمة تمتد لـ٢٣ عاماً تكللت بالعديد من النجاحات والأوسمة في سلاح البحرية.
ولد سرعيني وترعرع في ديربورن لوالدين لبنانيين بارزين في الجالية (توفيق وسوزان سرعيني)، وتخرج من ثانوية فوردسون في عام 1993، وسرعان ما قرر التطوع بسلاح البحرية الأميركي في سن الثامنة عشر.
عن تلك الفترة يقول سرعيني إنه كان قد بدأ الدراسة في الكلية، لكنه لم يجد طائلاً من ذلك، بل كان كل اهتمامه منصباً على العمل في الوكالات الأمنية مثل مكتب التحقيقات الفدرالي، وسرعان ما وجد في الانتساب لسلاح البحرية وسيلة لتحقيق أحلامه.
تجنّد سرعيني في البحرية وخدم لأول على متن المدمِّرة «يو أس أس فيكسبيرغ» التي انضمت إلى الأسطول الخامس في البحر الأدرياتيكي كجزء من عمليتي «تأمين الوعد» و«الحراسة اليقظة» في منتصف تسعينات القرن الماضي ضمن إطار حرب البوسنة.
خلال تلك المهمة تقدم سرعيني بطلب الانضمام إلى سلاح البحرية برتبة ضابط مفوض، وقد تحقق ذلك بعد حصوله على درجة البكالوريوس والماجستير في الكيمياء الحيوية من جامعة «أيوا ستايت» في عام 2002، وهو يعمل حالياً مهندساً نووياً في سلاح البحرية برتبة ضابط قيادي.
خلال سنوات خدمته، تلقى سرعيني ميداليات وأوسمة متعددة، بما في ذلك «وسام الخدمة الجليلة» ووسام «الثناء البحري» ووسام «الإنجاز البحري» ووسام «السلوك الجيد»، جنباً إلى جنب مع الجوائز المختلفة.
حملت الخدمة سرعيني إلى مناطق متفرقة حول العالم، على متن سفن وبوارج عديدة وبرتب مختلفة، لكن ذلك لم يدفعه يوماً إلى نسيان جذوره وعائلته في ديربورن التي ولد وترعرع فيها.
أمضى سرعيني حتى الآن، 23 عاماً في البحرية، وكونه عربياً أميركياً، لم تتأثر حياته المهنية بذلك، مؤكداً أنه على مر السنين لمس أن البلاد «أصبحت أكثر تسامحاً»، فكان قادراً على أن يشق طريقه بانسيابية ليحوز على منصب رفيع بعد أن بدأ مسيرته كبحار متدرب.
وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تم اختيار سرعيني ليتولى قيادة سفينة تحت إمرته. وقد بدأ التدريبات الخاصة من أجل الحصول على المزيد من المعرفة والخبرة لتولي القيادة.
مسيرة حافلة
خدم سرعيني لأول مرة بصفة ضابط على سفينة «يو أس أس هيو سيتي» كمسؤول عن الدفاع ومركز المعلومات القتالية. وبعد التدرب على خط أنابيب الدفع النووي في عام 2005، نقل سرعيني إلى سفينة «يو أس أس ثيودور روزفلت» أثناء خدمتها في نقطة بحرية في الخليج العربي. وشغل منصب ضابط قسم مختبرات المفاعل ثم تم اختياره كمساعد رئيسي للضوابط الكيميائية والإشعاعية ومسؤول الصحة الإشعاعية، وهو منصب يشغله عادة رئيس قسم. ونظراً لأدائه المميز، تم اختيار سرعيني كقائد الهندسة كومانافايرفور (قائد في القوات الجوية البحرية) ومهندس بحري مراقب لعام 2007.
بعد الانتهاء من الخدمات القيادية انتقل إلى مقر قيادة البحرية للتدريب على الطاقة النووية في تشارلستون (ساوث كارولاينا) حيث شغل منصب مدير قسم الكيمياء والمواد وأساسيات الإشعاع لتدريب الضباط.
بعدها انتقل إلى سفينة «أس أس هاري ترومان» كمساعد على تدريب المفاعل، حيث شغل منصب كبير ضباط المراقبة، وساهم في قيادة السفينة وتهيئة وضعيتها القتالية لمدة تسعة أشهر في الخليج العربي.
لاحقاً، شغل سرعيني منصب نائب رئيس وحدة «الحرب التكتيكية» على سطح الأطلسي، وتم اختياره من قبل القيادة كأفضل مدرب لعام 2015.
حالياً يشغل القائد البحري، منصب الضابط المسؤول عن دعم عمليات النقل البحري الأطلسي (أسوس) في قاعدة نورفولك، فيرجينيا، وهو متزوج من ويندي ويسند ولديهما أربعة أطفال، محمد (18 عاماً)، رينا (16 عاماً)، علي (14 عاماً) وياسمين (9 أعوام) ويقيمون حالياً في مدينة تشيزابيك بولاية فيرجينيا.
عائلة فخورة
يقول مايك سرعيني، عضو مجلس بلدية مدينة ديربورن عن شقيقه: «خلال تنشئتنا كان والدي يرسل حسين معي إلى كل مكان أذهب إليه، على الرغم من أنني كنت أكبر منه سناً وأحيانا أرغب في أن أفعل شيئاً لوحدي، لكني لم أمانع بتاتاً في قضاء الوقت مع كل إخواني مما جعلنا قريبين جدَّاً».
وتابع سرعيني «لقد أصبت بصدمة عندما اتصل بي حسين ليقول لي إنه تجند في البحرية»، وأضاف: «على مر السنين قمت بزيارة كل ولاية تم نقله إليها، في محاولة لمنحه الدعم الأسري الذي يحتاجه. اليوم أخي وصل إلى واحدة من أعلى المراتب في سلك البحرية».
واستذكر سرعيني جولة في سفينة من السفن التي خدم فيها أخوه ورد فعل والده على بروتوكولات البحرية. واستدرك «كم كان والدي يشعر بالفخر الكبير عندما كان يقف الطاقم البحري لينبه إلى وجود ضابط على متن السفينة ليؤدوا التحية لحسين توفيق سرعيني كلما مشينا بجانبهم».
وأردف: «لا داعي للقول إن والدي، وهو من الجيل الأول من المهاجرين من لبنان، كان يمتلئ وجهه بدموع الفرح. كذلك أمي سوزان وأخي علي وأنا.. كلنا فخورون جدَّاً به وبإنجازه الهائل».
Leave a Reply