بيروت –
طغت إطلالة امين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله على ما سواها من احداث هذا الاسبوع في لبنان، حيث وجهّ السيد مجموعة رسائل خارجية وداخلية شغلت الرأي العام ورسمت مسار المشهد السياسي للفترة المقبلة، في مقابلة تلفزيونية استمرت 3 ساعات، وعكست هدوءا لافتا وطمأنينة في النبرة.
خطاب السيد المتنوع المحاور المح بداية الى احتمال “حصول حرب اقليمية” في حال المس بسوريا، على الرغم من استبعاده وقوع مثل هذه الحرب مخافة “أن يؤدي الهجوم على سوريا الى تطورات اقليمية تؤذي اسرائيل وتضر بها او قد تتدحرج المنطقة الى حرب اقليمية كبيرة جداً”، في رسالة هي الأوضح التي يُدلي بها احد اقطاب محور الممانعة في المنطقة ازاء الأنباء عن ترتيبات على الساحة الاقليمية لفتح جبهة ما في جدار “الستاتيكو” القائم بعد صمود النظام السوري.
وأفرد السيد مساحة خاصة من مقابلته للحديث عن الثورات في العالم العربي، مخصصا وقتا طويلا، في موقف لافت يحمل دلالات عميقة، للمرة الأولى عن موضوع “الجماعات التكفيرية” في معرض حديثه عن عناصر الانقسام في المنطقة والمصلحة الاميركية بالتقسيم، رافضا في الوقت نفسه الحديث عن تحالف الأقليات في مواجهة الطائفة السنية، مع دعوته الى تحالف اسلامي-مسيحي عريض في مواجهة التهديدات التي حددها بالمشروع الاسرائيلي، مشروع الشرق الأوسط الجديد والتيارات التكفيرية.
في الملف السوري، لم يخفِ السيد اطمئنانه الى استقرار الأوضاع قياسا الى ما كانت عليه قبل أشهر، منتقدا رهان قوى الرابع عشر من آذار على سقوط النظام السوري موضحا ان “الذي يبني حساباته على إسقاط النظام في سوريا هو مشتبه ومخطئ لا بل هو مغامر”.
وفي أبرز مواقفه الداخلية، وبعد الكثير من التحليلات في الآونة الأخيرة حول موقف “حزب الله” من موضوع تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أعلن نصرالله الموقف الصريح والواضح برفض الحزب تمويل المحكمة، مشيرا في الوقت نفسه الى ان البت النهائي بهذا الملف يكون في مجلس الوزراء.
واستبعد نصر الله أي ترددات سلبية دولية على لبنان في حال عدم تمرير تمويل المحكمة في مجلس الوزراء، واضعا الكلام حول عقوبات قد يتعرض لها لبنان في حال رفض التمويل في خانة التهويل، علما ان موقف السيد من هذا الملف جاء بعد ساعات قليلة على لقاء السفيرة الأميركية في بيروت برئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وتحذيرها في بيان تلا الاجتماع من “عواقب جدية إذا لم يف لبنان بالتزاماته ازاء المحكمة الدولية”، وهو التحذير نفسه الذي روّج له وزير الدفاع السابق الياس المر من السرايا الكبيرة بعد لقائه الرئيس نجيب ميقاتي.
يُشار الى أن الجنرال عون لاقى نصر الله في الموقف من تمويل المحكمة بعد لقائه السفيرة كونيللي.
وعلى الرغم من رفضه التمويل، الا ان نصر الله شدد في كلمته على تجنب اي انتقاد ضد الرئيس ميقاتي، متحدثا عن ضغوط دائمة ومحاولات احراج يتعرض لها الاخير من قبل فريق الرابع عشر من آذار. وفي هذا السياق، أعاد السيد التلويح بورقة التسوية القطرية-التركية التي التزم بها سعد الحريري سابقا.
وفيما يخص العلاقات الداخلية، نفى نصر الله وجود اي خلافات مع التيار الوطني الحر والنائب وليد جنبلاط.
كلام السيد حاز على اهتمام المراقبين طوال الأيام الماضية، غير أن ابرز الردود غير المباشرة على محاوره جاءت من السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين الذي شدد، بعد لقائه وزير الداخلية مروان شربل، على ضرورة تمويل المحكمة الدولية “حفاظاً على الشرعية والحصانة التي يتمتع بها لبنان”، في حين شنّت كتلة “المستقبل” هجوما عنيفا على نصر الله معتبرة أن “هذا الموقف المستهجن لـ”حزب الله” يؤكد إصراره على مواجهة اللبنانيين ومنعهم من الوصول إلى الحقيقة، وكذلك على مواجهة المجتمع الدولي وإقحام لبنان في معارك تعرّضه إلى مخاطر غير محمودة على أكثر من صعيد”. وأضاف بيان كتلة المستقبل ان موقف “حزب الله” من تمويل المحكمة “يؤكد مجدداً عمق خطورة ظاهرة حزب السلاح والمسلحين الذي يفرض بالقوة العسكرية علاقته مع الآخرين محكماً سيطرته على الدولة اللبنانية بمؤسساتها وأجهزتها”.
في هذا الوقت، كان مكتب الدفاع في مقر المحكمة في لاهاي يعيّن ثمانية محامين لتولي الدفاع عن المتهمين الاربعة. ومن المقرر ان يحضر هؤلاء المحامون الجلسة المقررة في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل والمتعلقة ببحث إجراءات وآلية المحاكمة الغيابية، حيث يدلي المدعي العام القاضي دانيال بيلمار أو من ينوب عنه من مكتبه برأيه القانوني، وكذلك الأمر بالنسبة للمحامين.
وواكب هذا الاجراء، حركة ناشطة قام بها نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشــرق الأدنى جايك والاس الذي التقى الرؤساء الثلاثة في بيروت، مؤكداً أمامهم “حاجة لبنان لتلبية جميع التــزاماته الدولية بما فيها تمويل المحكمة والتعاون معها”.
كذلك، أعربت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت أنجيلينا إيخهورست، خلال مؤتمر صحافي، أن “الاتحاد الاوروبي يتوقع من لبنان الإيفاء بالتزاماته الدولية ومتابعة تمويل المحكمة الدولية الخاصة، وإذا لم يفعل ذلك فسيكون موقف للاتحاد هو حالياً قيد الدراسة والتداول بين الدول الأعضاء”.
الهم المعيشي تحت رحمة السياسيين
أصدرت الغرفة الادارية في مجلس شورى الدولة قرارا قضى بعدم الموافقة على مشروع المرسوم الرامي الى تعيين الحد الادنى الرسمي لاجور المستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل ونسبة غلاء المعيشة وكيفية تطبيقها. وأشار القرار الى “أن إعادة النظر في الحد الادنى الرسمي للاجور يجب ان تتم قانونا بصورة سنوية على الاقل”، حاملا على المرسوم أنه يستثني فئة العمال والمستخدمين الذين تزيد أجورهم الشهرية على مليون وثمانمئة الف ليرة من أي زيادة، “في حين أن غلاء المعيشة هو مسألة واقعية يفترض أنها تطال جميع المستخدمين”.
وزير العمل شربل نحاس رفض التعليق على قرار مجلس شورى الدولة، في حين لفت رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن الى أن الاتحاد كان قد نبه الحكومة ووزير العمل الى ضرورة أن يشمل مرسوم تصحيح الأجور من يتقاضون اجرا يفوق مليون و800 الف ليرة لبنانية.
وعلى اثر صدور القرار، قرر مجلس الوزراء اعادة درس المشروع الرامي الى تعيين الحد الادنى للاجور وغلاء المعيشة، وكلف لجنة لدرس الملاحظات الواردة في قرار مجلس الشورى. كما وافق على مشروع قانون تعديل سلسلة رواتب افراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية.
Leave a Reply