حسن عباس – «صدى الوطن»
أثارت رحلة حاكمة ولاية ميشيغن، غريتشن ويتمر، إلى إسرائيل، حفيظة العرب والمسلمين الأميركيين بمنطقة ديترويت، وسط تشكيك بتوقيت وضرورة الزيارة المفاجئة التي رُتّبت بشكل سري تحت عنوان «تمتين الروابط التجارية» بين ولاية ميشيغن والدولة العبرية.
الزيارة التي استغرقت خمسة أيام، كانت قد قوبلت ببيان استنكار موحد أصدرته عدة منظمات سياسية وحقوقية واجتماعية، عربية وإسلامية.
وشجب البيان زيارة الحاكمة الديمقراطية إلى تل أبيب واتهمها بالمساهمة في إضفاء الشرعية على حكومة الاحتلال المستمرة في قمع الشعب الفلسطيني واستلاب حقوقه الوطنية والمدنية، لاسيما وأن الزيارة جاءت عقب عدوان إسرائيلي سافر على قطاع غزة أدى إلى استشهاد 34 شخصاً، بينهم نساء وأطفال.
في الإطار ذاته، قالت المؤسِّسة المشاركة لمنظمة «حركة التضامن الدولية الداعمة لفلسطين»، هويدا عرّاف، إن زيارة ويتمر لإسرائيل تكتسب معاني أبعد بكثير من عقد الصفقات التجارية، مضيفة في حديث مع «صدى الوطن» بالقول: «ينبغي أن تكون رحلة ويتمر إلى إسرائيل مقلقة للغاية، ليس فقط بالنسبة للمجتمع العربي الأميركي في الولاية، وإنما لجميع دافعي الضرائب في ميشيغن، خاصة أولئك الذين يهتمون بحقوق الإنسان».
وتابعت: «دولارات ضرائبنا دفعت (لتأمين نفقات) رحلتها إلى بلد طالما انتقدته الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بسبب انتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ارتكابه جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بحق الشعب الفلسطيني، فضلاً عن ارتكابه انتهاكات ضد طالبي اللجوء الأفارقة، في السنوات الأخيرة».
وأشارت المحامية الفلسطينية الأصل إلى أن تل أبيب طردت –الأسبوع الماضي– مدير منظمة «هيومن رايتس ووتش» في إسرائيل وفلسطين، وقالت: «بذلك تكون إسرائيل قد انضمت إلى قائمة الدولة التي تمنع استضافة منظمات الحقوق المدنية، مثل إيران وكوريا الشمالية والسودان»، لافتة إلى أن الاستمرار في دعم الأعمال التجارية الإسرائيلية يساهم في تكريس الاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان.
وكان مكتب ويتمر قد أعلن عن أن الحاكمة الديمقراطية وقعت مذكرة تفاهم مع شركة «نيشن سنترال» الابتكارية، وهي مؤسسة تكنولوجية غير حكومية مقرها إسرائيل، لافتاً إلى أن هذه الشركة التقنية ستمهد الطريق أمام الولاية لإيجاد «حلول تكنولوجية لتحسين فرص وجودة الحياة في ميشيغن». إضافة لذلك، أعلن مكتب الحاكمية عن إقامة تعاون جديد بين ولاية ميشيغن وبين شركة «موبيل آي»، وهي شركة إسرائيلية متخصصة في تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة.
ووصفت عرّاف العلاقات التجارية التي تنشدها الحاكمة مع الدولة العبرية، بأنها تساهم في «قدرة إسرائيل على مواصلة انتهاكاتها دون عقاب»، مضيفة: «المعلومات حول الانتهاكات الإسرائيلية متاحة بسهولة، ولكن الحاكمة اختارات تجاهلها». وقالت: «إذا ادعت الحاكمة بأنها لا تعرف ذلك، فالناخبون سيكونون سعداء بتثقيفها حتى لا تستمر في جعل الميشيغندريين متورطين في انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان».
رولا عون، مديرة «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» (أي سي آر أل)، أعربت عن تأييدها للبيان الذي أصدرته المنظمات العربية والإسلامية، وأدانت تجاهل الحاكمة للمجتمع العربي الأميركي بمنطقة ديترويت، وتوقيت الزيارة التي استضافتها منظمة «الاتحاد اليهودي» (جويش فديريشن) بمنطقة ديترويت بالتعاون مع هيئة التطوير الاقتصادي بميشيغن.
وقالت إنها كانت تتمنى لو أن ويتمر قامت «بمقاربة أكثر توزاناً لكي تظهر تفهمها لشرائح واسعة من ناخبيها»، في إشارة للعرب والمسلمين الأميركيين، معربة عن أملها بأن تمتنع حاكمة ميشيغن عن زيارة إسرائيل مرة ثانية «لانخراطها المتكرر في انتهاكات حقوق الإنسان».
وأضافت الماجستريت في «المحكمة 19» بديربورن: «لقد كان أمراً صادماً بالنسبة لنا أن تذهب فجأة، دون المشاركة في أية نقاشات أو لقاءات، تظهر أنها تهتم فعلاً بهذا الصراع المستمر، وبشعورنا حياله».
من جانبه، وصف المدير التنفيذي لـ«مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير–فرع ديترويت)، داود وليد، رحلة ويتمر إلى الدولة العبرية بأنها «مخيبة للآمال»، مشيراً إلى أن «كير» كانت من بين المنظمات التي وقعت على البيان السالف الذكر. وقال: «إنه لمن المخيب للآمال، من وجهة نظرنا كمنظمة حقوق مدنية، أن تقوم الحاكمة ويتمر بأول رحلة خارجية لها إلى إسرائيل، خاصة عند النظر إلى ما قامت به الحكومة بقمع الحريات المدنية للمسلمين والعرب الأميركيين وكل من يريد التحدث علانية ضد الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع وفظائعه»، في إشارة إلى التشريع الذي أقرته ولاية ميشيغن عام 2016 لمكافحة «حركة مقاطعة إسرائيل» (بي دي أس)، بحظر التعاقد مع الشركات والأفراد الداعمين لمقاطعة دولة الاحتلال.
وأضاف: «إنه لأمر محزن حقاً أن تذهب حاكمتنا تحت ستار محاولة تحسين اقتصاد ميشيغن، دون التحدث مع مجتمعنا والتعرف على هواجسنا وما يقلقنا من الحكومة الإسرائيلية في معاملتها الجائرة للفلسطينيين»، مؤكداً على أن مكافحة «بي دي أس» هي انتهاك للحقوق المدنية لجميع المواطنين الأميركيين.
وكانت ويتمر قد سعت إلى دحض الشكوك حول توقيت رحلتها لإسرائيل، وقالت إن توقيت الزيارة «صحيح»، لكونها تتزامن مع عطلة مجلس الولاية التشريعي في «موسم الصيد وعيد الشكر».
Leave a Reply