بغداد – شهد العراق خلال الأسبوع الماضي تطورات سيكون لها انعكاسات واضحة على الساحة الأمنية في بلاد الرافدين، ففي بغداد جاءت المعركة واسعة النطاق بين قوات “الصحوات” والقوات العراقية، وإلى جانبها قوات الاحتلال الأميركي، توترات بين الميليشيات الكردية والجيش النظامي شمال البلاد، لتنذر بإمكانية تمدد الصراعات المذهبية والعرقية المسلحة.
فقد حاصرت القوات العراقية والأميركية مطلع الأسبوع المنصرم منطقة الفضل في بغداد، بعد اشتباكات عنيفة مع رجال “مجالس الصحوة” الذين أغضبهم اعتقال قائدهم عادل المشهداني ومساعده، بتهم “الإرهاب”. اشتباكات أودت بحياة ٣ أشخاص على الأقل، وجرح ٣٠ آخرين، واحتجاز خمسة جنود عراقيين كرهائن، ولم تنتهِ بمحاصرة المنطقة وتخيير مقاتلي “الصحوة” ما بين إلقاء سلاحهم والاعتقال.
وفيما تحدثت تقارير عن أنّ مسؤولين أميركيين توسّطوا في المحادثات بين القوات العراقية والمقاتلين، برر المتحدث باسم قيادة “عمليات بغداد”، اللواء قاسم عطا، اعتقال المشهداني بـ”وجود أكثر من ثمانين دعوى قضائية تتعلق بالقتل والإرهاب ضده في المحاكم المختصة”.وهذه الاشتباكات هي الأولى من نوعها مع رجال “الصحوات” الذين باتوا تحت مسؤولية الحكومة العراقية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وأمام هذا المشهد المتوتر في بغداد شهدت مجالس الصحوات في بعض المحافظات ذات الأغلبية السنية حالة تأهب مع ورود تقارير عدة تحذر من عمليات اقتصاص من هذه المجالس من قبل حكومة بغداد بعد انتهاء دورها في محاربة “القاعدة” وتهديدها للحكومة وبسط سيطرتها على الأراضي العراقية. الأمر الذي أعاد طيف النزاعات الطائفية وسط مخاوف من مواجهات جديدة واسعة النطاق في مراحل مقبلة.
احتضان “الصحوات”
من جهته حث الحزب الإسلامي العراقي على عدم استخدام ما سماها القوة المفرطة من جانب القوات الأمنية في تعاملها مع الأهالي في منطقة الفضل بوسط بغداد، داعيا السلطات إلى احتضان مجالس الصحوة وعدم إهمالهم وإقصائهم. واعتبر بيان للحزب الإسلامي أن حارة الفضل تعيش “وضعا صعبا ومتأزما جراء الطوق الأمني المفروض على المنطقة وحالات إطلاق النار العشوائي”.
في الوقت نفسه قال الحزب إنه يؤكد على “دور الصحوات الإيجابي ومساهمتها الفعالة في إعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق المختلفة من العراق، وتحملها المسؤولية الوطنية في محاربة القوى الطائفية والإرهابية والقضاء عليها”.
يشار إلى أن مجالس الصحوة تشكلت عام ٢٠٠٧ بدعم من الجيش الأميركي، وهي وحدات يقودها في الأغلب شيوخ وقادة محليون من العرب السنة وتضم كثيرا من المسلحين السابقين الذين هبوا ضد القاعدة عام ٢٠٠٦.
البشمركة والجيش
في هذا الوقت، أبدى قائد قوات الاحتلال في العراق، الجنرال ريمون أوديرنو “مخاوف مشدّدة” من التوترات في كركوك والموصل والمناطق المحيطة بهما في الشمال، ومن تصاعد الخلافات بين حكومة الإقليم الكردي المحلية والحكومة والمركزية، محذّراً من “اشتباكات” بين الجيش العراقي والقوات الكردية “البشمركة”، التي وصفها بأنها “ميليشيات غير شرعية”، ويجب “البحث في مستقبل وجودها”. ونقل الموقع الإلكتروني لقوات الاحتلال في العراق عن أوديرنو قوله إنّ “نزاعاً مختمراً أو ناضج التفجّر في المنطقة الغنية بالنفط شمال العراق، يمكن أن يقود إلى تجديد حالة اللااستقرار، إذا ما تركت التوترات فيها من دون حل”. وأشار إلى قلقه من الحالة الأمنية في الموصل وديالى، مشدداً على أنّ “قلقه الأكبر” في الوقت الحاضر، سببه “التوترات المتزايدة” بين حكومة الإقليم الكردي في الشمال والحكومة المركزية في بغداد. وكشف عن أن كبار ضباطه يقومون بأدوار “الوساطة” بين أطراف النزاع الذي يتركز في كركوك، لأنّ المهم “هو ضمان ألا تتحوّل النزاعات إلى العنف بين البشمركة والجيش العراقي”.
Leave a Reply