القاهرة – تعيش مصر تحت وطأة أزمات متلاحقة مع انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية في مصر، وطمأنة المجلس العسكري الحاكم المواطنين بتعهده بتسليم السلطة فور انتخاب رئيس للبلاد.
آخر هذه الأزمات كانت اشتباكات دموية وقعت في حي العباسية في القاهرة بين متظاهرين مناوئين للحكم العسكري وسكان المنطقة راح ضحيتها حوالي ١٤ قتيلا على الأقل فجر الأربعاء الماضي، ما ادى الى رفع منسوب التوتر السياسي ودفع بمرشحين رئاسيين إلى تعليق حملاتهم الانتخابية وانتشار الدعوات لتظاهرات جديدة وسط تخوف من انفلات أمني.
الانتخابات
وانطلقت في مصر رسمياً، يوم الاثنين الماضي، الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من موعد الاقتراع. وهذه هي أول انتخابات رئاسية منذ إسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك في شباط (فبراير) عام 2011.
وكان قد أثير الكثير من الجدل في مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية في شأن صدور أحكام باستبعاد بعض المرشحين من المنافسة. وعلى ما يبدو فإن الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسي والمرشحين الإسلاميين عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي سيكونون أبرز المتنافسين على رئاسة مصر، لكن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر قررت إحالة المرشحين الثلاثة الأبرز إلى النيابة العامة بتهمة خرق قواعد حظر الدعاية الانتخابية، لقيامهم بالدعاية في ثلاث جامعات مصرية، مما قد يشكل باباً لإبعادهم.
وشهد اليوم الأول من حملات الدعاية الانتخابية الرئاسية أزمة للمرشح عمرو موسى الذي اضطر إلى اختصار مؤتمره الانتخابي في “جامعة أسيوط”، بعد أن تعرض للسباب والقذف بالزجاجات الفارغة من جانب مجموعة من الشبان الغاضبين. كما ألغت “جامعة القاهرة” مؤتمرا طلابيا لدعم المرشح الناصري حمدين صباحي.
وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة “الاهرام” أن عمرو موسى يأتي في المقدمة يليه عبد المنعم ابو الفتوح الذي برز في الايام الاخيرة على انه المرشح الاسلامي الرئيسي بعدما ضمن دعم “حزب النور” السلفي وأيضا الجماعة الاسلامية، وهي حركة سلفية ممثلة بـ13 نائبا في البرلمان المصري من خلال “حزب البناء والتنمية”.
وكلاهما يتقدم بحسب الاستطلاع على الاحد عشر مرشحا الاخرين بفارق كبير، وعمل موسى (75 عاما) وزير خارجية لمبارك قبل أن يتولى قيادة الجامعة العربية. أما أبو الفتوح (60 عاما) فكان من قيادات جماعة الاخوان المسلمين وانفصل عنها العام الماضي بإعلان إصراره على الترشح للرئاسة.
ويقول مراقبون إن تأييد السلفيين يعزز موقف أبو الفتوح في مواجهة مرشح “الاخوان المسلمين” رئيس “حزب الحرية والعدالة” محمد مرسي. كما يحظى ابو الفتوح بتأييد بعض اليساريين والليبراليين الذين شاركوا في الثورة ضد مبارك العام الماضي. ويعتقد بعض المحللين المصريين أنه في حالة اللجوء إلى جولة الإعادة فستكون بين أبو الفتوح وموسى في 16 و17 حزيران (يونيو) المقبل.
تصاعد حدة التوتر بين القاهرة والرياض
تصاعدت حدة التوتر بين القاهرة والرياض، على خلفية اعتقال السلطات السعودية ناشطاً حقوقياً مصرياً، حيث استدعت المملكة سفيرها للتشاور، وأغلقت سفارتها في القاهرة وقنصليتيها في السويس والاسكندرية احتجاجاً على ما قال إنه “تظاهرات غير مبررة”، في وقت سارعت القيادة العسكرية والسياسية في مصر إلى إجراء اتصالات عاجلة لاحتواء هذا التوتر الذي وصفه الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بأنه “سحابة عابرة”.
ولكن في شوارع مصر انتشرت بشكل لافت العبارات المناهضة للسعودية التي سميت بحملة “طز بالذات الملكية” في إشارة الى الملك السعودي عبدالله.
وكانت منظمات حقوقية مصرية أعلنت القبض على الجيزاوي في مطار جدة فور وصوله مع زوجته لأداء مناسك العمرة “بدعوى صدور حكم غيابي بحقه يقضي بحبسه عاما وجلده 20 جلدة اثر اتهامه بالعيب في الذات الملكية”. لكن السفير السعودي لدى مصر احمد عبد العزيز قطان قال إنه “لم يصدر في المملكة أي حكم بسجن المذكور أو جلده”، مشيراً إلى أنه “تم إلقاء القبض على المذكور بعد ضبط 21380 حبة “زاناكس” كانت بحوزته وهي من الحبوب المصنفة ضمن المخدرات والخاضعة لتنظيم التداول الطبي ويحظر استخدامها أو توزيعها”.
من جهته، أعرب رئيس الحكومة المصري كمال الجنزوري عن أسفه لسحب السفير السعودي، وقال في بيان “تعرب الحكومة عن أسفها للحوادث التي جرت بالقرب من السفارة السعودية وتؤكد أن مصر، حكومة وشعبا، تكن كل الاحترام والتقدير للشعب السعودي”.
في المقابل، شدد “حزب الحرية والعدالة”، الذراع السياسية لجماعة “الإخوان المسلمين”، على أن الاحتجاجات أظهرت “رغبة المصريين في الحفاظ على كرامة مواطنيهم في الدول العربية وتعبيرا عن أن ما كان يحدث من استهانة بكرامة المصريين في الخارج لم يعد مقبولا بعد الثورة التي أعلت من كرامة المصريين داخليا وخارجيا”.
وأصدر “حزب النور” السلفي بياناً أكد فيه أنه “داعم لحرية التعبير عن الرأي باستخدام الأساليب اللائقة، وفي حدود السلمية، وفي الوقت ذاته يؤكد الحزب على ضرورة الترابط ما بين مصر والسعودية وتقوية جسور التعاون والإخاء والاحترام الذي يتسامى فوق الأزمات العابرة والأحداث الطارئة والتصرفات غير المسؤولة”، معتبراً أن “التوتر في العلاقات ما بين البلدين الشقيقين لن يستفيد منها إلا عدو متربص”.
Leave a Reply