سامر حجازي – «صدى الوطن»
انتهى اجتماع مجلس بلدية مدينة ديربورن، الثلاثاء الماضي، فجأة من دون سابق إنذار، وسط حالة من البلبلة والفوضى وإطلاق التهديدات، بعد ان طالبت مجموعة من الناشطين والمحتجين السود بتحقيق العدالة فـي قضية مقتل اثنين من سكان مدينة ديترويت على يد شرطة ديربورن خلال الشهرين الماضيين.
وكان كيفن ماثيو (٣٥ عاماً)، وجانيت ويلسون (٣١ عاماً) وهما من الأميركيين الأفارقة قد لقيا حتفهما برصاص شرطة ديربورن فـي حادثتين منفصلين، مما أثار غضب جماعات الحقوق المدنية وسكان مدينة ديترويت. وأدى هذا الغضب لتنظيم تظاهرات فـي ديربورن ضد وحشية الشرطة وسط دعوات لمقاطعة المدينة اقتصادياً.
ويؤكد أفراد عائلتي ماثيو وويلسون الذين حضروا الجلسة، أن الضحيتين كانتا تعانيان من اضطراب عقلي، وكانت العائلتان قد انتقدتا علناً ادارة الشرطة فـي ديربورن فـي الأسابيع التالية التي اعقبت وفاتهما، فـيما أصدر قائد شرطة ديربورن، رونالد حداد، بياناً أبدى فـيه أسفه لمقتل ويلسون التي قتلت فـي محيط «فـيرلين مول».
والتحقيق لا يزال جارياً فـي قضية ماثيو الذي قتله عنصر من شرطة ديربورن بعد ملاحقة انتهت داخل حدود ديترويت، حيث أطلق الشرطي النار على الشاب وأرداه قتيلاً بعد الاشتباه بأنه كان يحاول السطو على أحد المنازل فـي ديربورن.
وتقوم شرطة ديترويت بالتحقيق فـي مقتل ماثيو، فـي حين تقوم شرطة ولاية ميشيغن بالتحقيق فـي قضية ويلسون التي قتلت على شارع هابرد درايڤ فـي ديربورن.
وحضر جلسة الثلاثاء، التاسع من شباط (فبراير) الماضي، ناشطون من منظمة «عصر ديترويت الجديد» (نيو إرا ديترويت)، وهي مجموعة شكلها سكان ديترويت فـي عام ٢٠١٤ لتمكين الأميركيين من أصول أفريقية ومعالجة القضايا التي تهمهم فـي ظل التحولات التي تشهدها المدينة.
وخلال الاجتماع البلدي، قام زعيم المنظمة زيك نيد باعتلاء المنبر للمطالبة بكشف اسم الضابط الذي أطلق النار على ماثيو وطرده من الخدمة. يُذكَر انه فـي أعقاب الحادث، مُنح الشرطي مطلق النار إجازة إدارية مدفوعة.
وقال نيد «أنا هنا لمعرفة ما الذي تقوم به بلدية ديربورن حيال جرائم قتل السود فـي المدينة. فالشرطي الذي أطلق النار وقتل كيفن ماثيو الذي لم يكن مسلحاً مازال فـي الخدمة. لقد خرج عن نطاق حدوده وسلطته وعبر حدود مدينة ديترويت، وقام بمطاردة هذا الرجل بسبب جنحة».
وأكد نيد أنه بوسع البلدية اتخاذ تدابير خاصة خارج نطاق التحقيق بمعاقبة الشرطي، متسائلاً عن السبب فـي عدم فصل الشرطي من وظيفته.
«من وجهة نظرنا هذا يعتبر فـي مجتمع السود كالذهاب فـي اجازة بعد مقتل أحد أفراد العائلة» وتابع بالقول «إذا قِتل أحد من افراد عائلتك وهو أعزل من السلاح من قبل عنصر فـي الشرطة فإنك تريد معرفة الحقيقة» وعليك أن تطالب بالعدالة».
كذلك طالب نيد بالشفافـية فـي التحقيق فـي حادثة ويلسون، مطالباً بأنْ يتم الافراج عن لقطات الفـيديو المسجلة بواسطة كاميرا سيارة الشرطة وإطلاع الجمهور عليها. وهدد نيد بأنه إذا لم تتحرك البلدية بشكل أسرع بخصوص التحقيقات، فالمزيد من السكان سيتظاهرون ضد المدينة فـي المستقبل القريب.
من جهتها، أبلغت رئيسة المجلس سوزان دباجة نيد وباقي المحتجين بأن أعضاء المجلس لا يملكون معلومات إضافـية حول التحقيقات غير تلك التي تم نشرها للجمهور. وأضافت «وبالنسبة لحجم معرفتنا لما يجري فـيتلخص بأنه يتم اجراء تحقيق كامل ومتكامل.. وفـي هذا الوقت أنا أعلم ان لا أحد من أعضاء المجلس هنا لديه الحرية فـي تقديم معلومات خارج إطار التحقيق».
«كل ما يمكنني قوله لك هو أن هواجسك سجلت حسب الأصول» عقَّبتْ دباجة، مضيفةً «أنا لا أعتقد أن أحدا هنا يريد ان يعترض على اولوية العدالة وسيادتها قبل كل شيء. والتحقيق مازال سارياً».
وبعد كلام نيد، تحدث عد من المحتجين غير المنتمين إلى منظمة «عصر ديترويت» ليدلوا بآرائهم حول حادثتي إطلاق النار المثيرتين للجدل. وشن رجل من بينهم، رفض الامتثال لطلب دباجة بالتعريف عن نفسه، هجوماً عنيفاً على دائرة الشرطة.
«شارة الشرطة ليست رخصة للقتل … لا يمكن للمجلس البلدي ان يكون متساهلاً فـي جرائم القتل العنصرية هذه. اننا نطالب المجلس باتخاذ إجراءات فورية لوضع حد للمضايقات العنصرية التاريخية لسكان ديترويت. ديترويت لن تقبل بمعاملة سكانها كمواطنين من الدرجة الثانية… فـيرغسون ستأتي لديترويت إذا لم تتحقق العدالة لكيفن ماثيو وجانيت ويلسون» فـي إشارة الى أحداث الشغب التي وقعت فـي مدينة فـيرغسون (ميزوري) بعد مقتل شبان سود على يد الشرطة.
وبعدما أثار كلام الرجل البلبلة والفوضى داخل قاعة المجلس البلدي، رفعت دباجة الجلسة.
عندها حاول عضو المجلس روبرت إبراهام التدخل من خلال مخاطبة المحتجين من المنظمة بالقول «المجلس البلدي لا يقدّر الصراخ»، الأمر الذي رد عليه الأعضاء المتظاهرون بالقول «ونحن لا نقدر قتل السود فـي هذه المدينة».
وبعد الإجتماع، أعرب عضو المجلس مايك سرعيني فـي حديثٍ مع «صدى الوطن» عن اعتقاده ان التحقيقين يتمان بشفافـية، وقال «نريد أن تكون الشفافـية كاملة، ولهذا السبب تتولى التحقيق شرطة ديترويت بالقضية الاولى بينما تتولى القضية الثانية شرطة الولاية».
وأفاد سرعيني ان رئيس البلدية جاك أورايلي وافق على عقد اجتماعات منفردة مع كل عضو فـي المجلس لاطلاعهم على الوضع وأردف «أنا على ثقة بأن الأمور تسير فـي الاتجاه الصحيح».
وهذا الأسبوع ذكر مكتب المدعي العام فـي مقاطعة وين ان قضية مقتل ماثيو لم يتم تسليمها للمكتب بعد للنظر فـي إمكانية توجيه تهم.
من جهتها، لم تعط شرطة ولاية ميشيغن أية معلومات إضافـية حول قضية مقتل ويلسون عدا عن الاكتفاء بالقول أنها تعتبر سيارة الضحية سلاحاً، نظراً للزعم بأنها حاولت دهس عنصر الشرطة قبل أن يطلق النار عليها.
Leave a Reply