يبدو أنّ طلب تسليم «الداتا» الذي قدّمته الأجهزة الأمنية اللبنانية ووافق مجلس الوزراء على جزء منه أبرز الى الواجهة طلباً أميركياً مُختلفاً نوعاً ما وإنما تتشابه غاياته: التجسّس والتدخّل في الشؤون اللبنانية، وكأنّ التدخّل الحاصل لغاية الآن ليس بكافٍ.
إلا أنّ المثير للتعجّب في هذا الموضوع لم يكن فقط طلب الشركة الأميركية «مينتز ليفين» الحصول على رخصة تُخوّل لها إنشاء محطة اتصالات عسكرية في لبنان مما يصبّ في مصلحة الجيش الأميركي، وإنّما أيضاً حقيقة عدم مراعاتها لأصول تقديم الطلب. فعوضاً عن تقدّمها بالطلب عبر السفارة الأميركية، أخذ بها الغرور، وربما انشغال لبنان بشؤون عدة في ذات الوقت، الى توجيه رسالة الى الهيئة الناظمة للإتصالات ومن ثم وزير الإتصالات. وعلى الرغم من أنّ السفارة الأميركية حمّلت أحد مكاتب المحاماة المرموقة في أميركا المسؤولية، مُشدّدة على أنّ الطلب هدف الى «الحصول على خدمة عرض النطاق الترددي لاستخدام الإنترنت» إلا أنّ الطلب بحد ذاته رسم العديد من علامات الإستفهام المتأتية من استخدام المحطّة لنظام VSAT الذي سيصل القمر الصناعي بالمحطة الأم في أميركا، مما يُبرز مخاوف من تجسّس واختراق لشبكة الإتصالات اللبنانية ليس فقط أميركياً وإنما إسرائيلياً.
وعلى الرغم من أنّ الطلب أثار استهجان وزراء ونواب، الا أنّ أحد المراجع السياسية أوضح بأنّه يجب النظر في «الطبيعة الفنية» للمحطة قبل التسرّع في الإستنتاجات. وبعد النظر في الطلب وأبعاده، وبعد المداولات التي غاب عنها فريق «14 آذار» في ظل مقاطعته للجلسات النيابية، تمّ تنفيذ قرار رد الطلب الى الشركة الأميركية.
الى ذلك، عاد موضوع النازحين بشدّة الى الواجهة في هذا الأسبوع وخاصة مع نزوح عدد كبير من الفلسطينيين والسوريين من مُخيّم اليرموك في دمشق، الى لبنان، هرباً مما ستؤول اليه الأوضاع خاصة بعد تمركز دبابات عند مداخل المخيّم الذي يكتظ بحسب المعطيات بالمسلحين، استعداداً لـ«عمليّة عسكرية». وقد أرخى هذا النزوح بثقله على لُبنان الذي، وعلى الرغم من استقباله لجميع النازحين، لم يعد يدري كيف السبيل الى الإهتمام بهم خاصة مع الإزدياد الكبير في عددهم يوماً بعد يوم، مما سيتطلّب أسلوباً مختلفاً للتعامل مع العدد الكبير بحسب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وفي حين أنّ التأثير السوري قد ظهر جلياً على الخارطة السياسية اللبنانية منذ أسابيع مضت، الا أنّ انعكاسات موضوع تلكلخ، الذي كان آخر تفاصيله تسلّم لبنان أربعة من الجثث على الرغم من تخوّف الأهالي من عرقلة عملية الإسترداد، على الشارع الطرابلسي-اللبناني لا تزال حديث البلد وساسته.
ففي إطلالة للأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله في مُناسبة تخريج دفعة من الجامعيين، أوضح أنّ بعض الدول مهّدت أن تكون سوريا أرض معركة يتخبّط فيها عناصر القاعدة بعضهم ببعض، مُشدداً على أنّ إسرائيل وأميركا تستفيدان من كل ما يجري في سوريا. أما في الشأن المحلي، فقد شدّد السيد على أنّ مُقاطعة «14 آذار» للجلسات تهدف الى الوقوف في طريق قانون انتخابي جديد، داعياً الى مُعالجة الوضع الإقتصادي من خلال تشكيل مجموعة عمل لتقديم اقتراحات فيما يخصّ هذا الموضوع.
وعلى ما يبدو استفزّت كلمة السيد حسن رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري فأخرجته من عزلته «التويترية» ليُصرّح بأنّ «حزب الله» هو الذي أدخل لبنان في الأزمة الإقتصادية، وينتقد اقتراح مجموعة العمل. أما كلام السيّد عن القاعدة، فقد استغربه الحريري وأخطأ في قراءته.
وفي سياق مُتّصل، وعلى الرغم من أنّ الحرب بين السياسيين اللبنانيين والتي تدور في فلك الإنتخابات وقانون الستين والحوار لا تزال قائمة، الا أنّ كلاً من 8 و14 آذار التقيا على استنكار قرار الإفراج عن «العميل» شربل قزي كما أدانته هيئة ممثلي الأسرى والمحررين.
في الشأن الأمني، أولاً أصبح اسم الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة على لائحة الإرهاب وذلك بعد أن قامت الولايات المتحدة بإدراجه عليها مصنفة اياه بالإرهابي الدولي. ثانياً، وقع انفجار في أرض زراعية على أطراف بلدة طيرحرفا الجنوبية ليتّضح لاحقاً أنه كان نتيجة انفجار صاروخ من المُخلفات الإسرائيلية. ثالثاً، تعرّضت حافلة تمتلئ بزوار لبنانيين للعتبات المقدّسة في العراق الى انفجار نتج عنه مقتل أحد الزوار وجرح أصدقاء له. وقد كان الأهل والأصدقاء في انتظار الطائرة التي حملتهم الى لبنان.
على صعيد آخر، تمّ انتخاب يوحنا العاشر اليازجي كخلف للبطريرك الارثوذكسي الراحل هزيم على إنطاكيا وسائر المشرق. وقد اتّجهت العديد من الوفود السياسية والعسكرية والإجتماعية لتهنئته بالمنصب الجديد خاصة أنّه يُكمل رسالة هزيم والتي تُعتبر «الشراكة والانفتاح والحوار» من أركانها الأساسية.
Leave a Reply