خليل رمال – «صدى الوطن»
رغم تجدد المخاوف الأمنية بعد اعتداءات بروكسل الإرهابية، تتوقع ولاية ميشيغن استضافة أكثر من ٥٠٠٠ لاجىء جديد هذا العام، وهو أعلى رقم للاجئين الوافدين الى الولاية منذ عام ٢٠٠٢، حين بدأت الحكومة الفدرالية بنشر إحصاءات اللاجئين فـي كل ولاية على حدة.
أسرة سورية لاجئة انتقلت للعيش في مدينة بلومفيلد هيلز العام الماضي. (آي بي تي) |
ومنذ ذلك الحين قامت ميشيغن بتوطين بين ٥٠٠ إلى ٤٥٠٠ لاجىء سنوياً فـيما تشير دوائر الخدمة الإجتماعية فـي الولاية الى مخططات لاستيعاب نحو ٥١٠٠ لاجىء هذا العام.
ويأتي هذا التدفق المتوقع، على رغم تحذيرات مسؤولي الاستخبارات الأميركية من خطر إختراق تنظيم «داعش» لصفوف اللاجئين من خلال تظاهرهم بأنهم ايضا لاجئون، وذلك بهدف شن هجوم على الأراضي الأميركية هذا العام.
وتصر جماعات الدفاع عن اللاجئين ان هذه المخاوف مبالغ فـيها، لأن اللاجئين يخضعون لعملية تدقيق واختبار معقدة تتضمن ١٣ مرحلة تشرف عليها وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، وغيره من الوكالات الأمنية. كذلك فإن اللاجئين من العراق وسوريا يخضعون لتحريات وتدقيق أكثر صرامة من غيرهم. لكن معارضي اللاجئين يشيرون من ناحيتهم إلى تحذيرات مسؤولي الاستخبارات بأن اللاجئين لا يمكن «فحصهم بشكل مبرم ومناسب» لاسيما القادمين من سوريا بسبب غياب التعاون الأمني بين الدولتين.
وفـيما يستمر النقاش محتدماً، تتحضر عائلتان من اللاجئين السوريين لإعادة توطينهما فـي ديترويت هذا الأسبوع، بحسب ما نقلت صحيفة «ديترويت نيوز». العائلة الأولى بصدد الانتقال إلى مدينة بلومفـيلد هيلز بينما الأخرى تتجه الى ديربورن. فـيما تنظم منطقة تروي التعليمية حفل استقبال للقادمين الجدد بعنوان «مرحباً بكم فـي وطنكم» وذلك فـي مدرسة «مورس» الابتدائية يوم ٣٠ آذار (مارس) الجاري.
غير أن هناك سكنةً محليين يشككون بصوابية استضافة مزيد من اللاجئين القادمين من بلدان إسلامية، حيث قال ديك مناسيري، من روتشستر هيلز، إن «البلد كله يراقب المسؤولين فـي ميشيغن وهم يتعرضون للانتقادات اللاذعة لعدم حماية شعبهم من المياه الملوثة» وتساءل «هل يمكن ان يصبح برنامج توطين اللاجئين مثالاً آخر على حالة عجز المسؤولين الحكوميين فـي حماية مواطنيهم»؟
بدوره الجنرال فنسنت ستيوارت، مدير وكالة استخبارات إدارة الدفاع، حذر الكونغرس الشهر الماضي من «أن المتطرفـين فـي «داعش» المتظاهرين بأنهم لاجئون من المحتمل أن يحاولوا شن الهجمات المباشرة على الولايات المتحدة فـي عام ٢٠١٦».
وفـي شهادة له أمام لجنة الأمن القومي فـي الكونغرس الأسبوع الماضي، كشف وزير الامن الداخلي جي جونسون ان قبول اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب الأهلية فـي بلادهم «يمكن أن يشكل تهديداً أمنياً»، مضيفاً أنه تم تشديد الإجراءات الأمنية.
وقال جونسون «كثفنا عملنا مع وكالات إنفاذ القانون المحلية وعلى مستوى الولاية. وكل يوم تقريباً، تقوم ادارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي بالمشاركة فـي الاستخبارات والمعلومات مع قوات العمل المشتركة لمناهضة الإرهاب وغرف العمليات، وقيادات الشرطة المحلية ووكالات الشريف».
ويقول مؤيدو استقطاب المزيد من اللاجئين الى ميشيغن إن التحذيرات الاستخبارية الأخيرة أعاقت جهودهم لإقناع الناس بأن اللاجئين لا يشكلون خطراً.
وقالت مديرة برنامج الخدمات اللوثرية الإجتماعية فـي ميشيغن، ميهايلا ميتروفان إن «مسألة التعميم ضد اللاجئين ووصمهم جميعاً بالإرهابيين هو شيء محزن».
وتعمل المؤسسة اللوثرية مع بلدية تروي وجمعية تروي التاريخية لاستضافة حفل عشاء على شرف إثنتين من الأسر السورية الجديدة: أسرة مؤلفة من رجل وابنته، واللذين من المقرر أن ينتقلا إلى مجمع سكني فـي بلومفـيلد هيلز، بعد أن أمضيا أشهراً عديدة فـي مخيم للاجئين فـي تركيا، واُخرى مؤلفة من رجل وزوجته وطفلهما ومن المتوقع أن تنتقل العائلة إلى ديربورن.
وأوضحت ميتروفان إن شابة سورية وصلت فـي كانون الاول (ديسمبر) الماضي وينضم اليها الآن والدها وأختها حيث سينتقلون جميعاً إلى مجمع شقق «فوكس هيلز» فـي بلومفـيلد هيلز، على حد قوله لصحيفة «ديترويت نيوز».
وأضافت «حسب ملفات قضايانا، توجد ست أو سبع عائلات تعيش فـي هذا المجمع، ولا تتعرض هناك لأي مشاكل. فالجميع يعيش فـي وئام».
المخاطر المفترضة
زعم محافظ مقاطعة أوكلاند أل بروكس باترسون ان السماح بقدوم المزيد من اللاجئين إلى الولايات المتحدة يعني «فتح باب المأساة على مصراعيه بالنسبة لنا. أنا فقط أردد ببغائياً ما يقوله (مسؤولون فـي المخابرات) بأنهم يتوقعون خرق الإرهابيين لصفوف اللاجئين وتنفـيذ هجوم هنا، وأننا لا نستطيع تنقيتهم وتحديدهم بالكامل».
وتابع «أنا أعرف ان بعض الناس يغضبون ويقولون ان وضع حد للاجئين ليس من شيم المسيحية بشيء. ولكن أنا عندي واجب نحو حماية ١،٢ مليون شخص فـي مقاطعتي».
ويتخوف الكثير من السكان المحليين من تكرار معاناة أوروبا مع اللاجئين بعد تدفق أكثر من مليون منهم الى القارة العجوز فـي العام الماضي وحده، مقارنة مع ٢٨٠ ألف نسمة فـي عام ٢٠١٤.
وشهدت العديد من المدن أعمال شغب وقعت بين اللاجئين وجماعات المعارضة اليمينية، وحذرت الشرطة فـي ألمانيا والنمسا وفنلندا وسويسرا والسويد فـي الأشهر الاخيرة، النساء بشأن تجنب الخروج ليلاً بعد سلسلة الاعتداءات الجنسية المزعومة من قبل اللاجئين. ورغم أن أياً من هذه الأمور السلبية لم تحدث فـي الولايات المتحدة، إلا أن الهجمات الإرهابية والخطاب المعادي للمسلمين يدفع مزيداً من الأميركيين الى الحذر بشأن استقبال المهاجرين الجدد لاسيما من بلدان الشرق الأوسط.
وأشارت ميتروفان الى وجود جهود فـي ميشيغن لتجنب المشاكل المحتملة من خلال توسيع انتشار الوافدين الجدد قدر الإمكان ومنع تركّزهم فـي مناطق معينة.
وذكرت «نحن لا نحاول أن نشبع منطقة ما سكانياً لكننا نريد أن نوطنهم فـي مجتمعات توفر الخدمات التي يحتاجونها لتوفـير فرص التقدم والنجاح وأن تتاح لهم فرصة التفاعل مع أفراد المجتمع الذين يعيشون فـيه. لذا هناك توازن معين مطلوب».
اللاجئون فـي ميشيغن
التزم الرئيس باراك أوباما بقبول ١٠ آلاف لاجئ سوري فـي السنة المالية ٢٠١٦، أي خمسة أضعاف عدد اللاجئين الذين وصلوا الى الولايات المتحدة فـي السنوات الأربع الماضية. ولكن حسب آخر احصاء يبدو ان الإدارة متخلفة عن الوصول لهدفها المعلن. فمنذ تشرين الاول (أكتوبر)، وافقت الولايات المتحدة على لجوء ١١٤٢ سوري سكن جزء كبير منهم فـي ميشيغن التي استوعبت لوحدها ١٤٨ خلال تلك الفترة.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية فـي آذار(مارس) ٢٠١١ تم توطين ٣٣٥ لاجىء سوري فـي ميشيغن- حيث أيضاً حصلت ميشيغن على حصة الأسد من بين كل الولايات.
وبعد الهجمات الإرهابية التي وقعت فـي تشرين الثاني (نوفمبر) فـي باريس، قال حاكم الولاية ريك سنايدر انه يريد تعليق قبول اللاجئين السوريين حتى يمكن اجراء التحقيقات عنهم بشكل صحيح، ولكن الإعلان كان رمزياً إلى حد كبير، لأن الحكومات المحلية أو فـي الولايات ليس لها رأي فـي تحديد وقبول أعداد اللاجئين وإعادة توطينهم فـي مجتمعاتها.
حالياً يناقش الكونغرس الأميركي مشروع قانون اعادة توطين اللاجئين (H.R. 4731)، الذي تمت الموافقة عليه يوم الأربعاء قبل الماضي من قبل لجنة القضاء والعدل فـي مجلس النواب، والذي يمنح حكومات الولاية والحكومات المحلية سلطة اتخاذ القرار فـيما يتعلق باستقال اللاجئين وتوطينهم فـي مجتمعاتهم.
ويتضمن مشروع القانون تنفـيذ تدابير إضافـية لزيادة التدقيق الأمني فـي سجلات اللاجئين، ومنح الكونغرس
-لا الرئيس- سلطة تعيين الحد الأقصى السنوي لأعداد اللاجئين. ويقترح مشروع القانون سقفاً لعدد اللاجئين عند ٦٠ ألفاً سنوياً.
Leave a Reply