تونس – تتقدم الحكومة الانتقالية التونسية خطوة خطوة على طريق الديموقراطية، مع تصويت النواب على نص يجيز للرئيس تجاوز المجلس لاتخاذ قرارات وتعليق نشاطات حزب بن علي (حزب التجمع الدستوري الديموقراطي)، غير ان استدعاء الجيش جنود الاحتياط بحسب ما اعلن الاثنين الماضي يشهد على وضع ما زال هشا.
وافاد بيان رسمي ان وزارة الدفاع استدعت العسكريين الذين تقاعدوا بين 2006 و2010 ومجندي نهاية 2008 وسنة 2009 بكاملها وطلبت منهم التقدم الى “اقرب مراكز جهوية للتجنيد والتعبئة الى منازلهم اعتبارا من 16 شباط (فبراير)”. ولم تعط الوزارة ايضاحات حول اسباب هذا القرار.
ويضم الجيش التونسي حوالي 35 الف عنصر، وهو عديد اقل من قوات الامن والشرطة في عهد زين العابدين بن علي، التي يقدر عديدها بمئة الف رجل على الاقل. ومنذ سقوط بن علي في 14 كانون الثاني (يناير)، تواجه حكومة محمد الغنوشي توترا شديدا وحركات احتجاجية في العاصمة اولا ثم في جميع انحاء تونس.
والثلاثاء دخل 400 الى 500 شخص مقر ولاية تونس للمطالبة بوظائف ومساعدات اجتماعية. وفي كل مرة يتوتر فيها الوضع تغيب قوات الشرطة عن الساحة، ويتولى الجيش فرض الامن كما حصل مؤخرا في القاصرين وقفصة (وسط غرب) والكاف (شمال غرب).
وذهب عدد من الوزراء في الايام الاخيرة الى حد التحدث عن “مؤامرة” ضد الثورة يحيكها انصار او رجال “التجمع الدستوري”.
واقرت اكثرية واسعة من النواب التونسيين الاثنين الماضي مشروع قانون يجيز لرئيس الدولة بالوكالة الحكم بموجب مراسيم وتجاوز مجلسهم الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم السابق، بعدما حذر الغنوشي من “مخاطر” تهدد الفترة الانتقالية الناشئة.
ولاول جلسة تعقد منذ سقوط نظام بن علي، صوت 177 نائبا من اصل 195 حضروا لصالح تبني القانون و16 ضده (ممثلو احزاب معارضة صغيرة مرخص لها) فيما امتنع نائبان عن الحزب الحاكم سابقا عن التصويت. وتضم الجمعية الوطنية 214 نائبا. ودرس مجلس الشيوخ النص الاربعاء الماضي للسماح للرئيس بالوكالة تنظيم المشهد السياسي الجديد تمهيدا للانتخابات الرئاسية والتشريعية. وهذه الانتخابات مقررة خلال ستة اشهر لكن الحكومة لم تحدد اي موعد بعد وتزداد الاصوات التي تؤكد ان هذه المهلة غير واقعية.
وكانت الحكومة اعلنت الاحد الماضي تعليق التجمع الدستوري الديموقراطي الذي باتت انشطته محظورة تمهيدا لحله عبر الطرق القانونية. والوقت يداهم ايضا من الناحية الاقتصادية.
ومن جهته، قال رئيس لجنة الاصلاح السياسي في تونس الخميس الماضي انه يتعين اجراء انتخابات رئاسية في تونس في وقت لا يتعدى تموز (يوليو) واضاف انه لن يسمح بتكرار الانتخابات المزورة التي كانت تجري في ظل الرئيس المخلوع.
وقال عياض بن عاشور أستاذ القانون الذي عينته الحكومة المؤقتة للمساعدة في وضع اسس نظام ديمقراطي جديد ان لجنته لم تنته بعد من صياغة توصياتها وأنه يعبر فقط عن وجهة نظره الشخصية. لكنه عرض مسودة مقترحة تتضمن اصلاح قوانين الانتخابات وبدء الحملة الانتخابية في فترة لا تقل عن 45 يوما من الان واجراء انتخابات رئاسية قبل منتصف تموز وحل البرلمان وانتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد.
وفي سياق آخر، وقدر وزير التنمية الجهوية والمحلية في تونس احمد نجيب الشابي في مقابلة نشرتها صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية الثلاثاء الماضي قيمة الخسائر التي تكبدها الاقتصاد التونسي خلال ثورة الياسمين بخمسة مليارات دينار (3.52 مليار دولار) اي ما يوازي 4 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي.
ودعا نواب اوروبيون عادوا من تونس الى عقد مؤتمر للجهات المانحة لتونس لتنسيق المساعدة الدولية اللازمة لعملية الانتقال الديموقراطي.
Leave a Reply