سامر حجازي – «صدى الوطن»
الدعارة جريمة نائمة في ديترويت منذ عقود، وغالبا ما تلجأ شرطة المدينة إلى نصب الكمائن للإيقاع بالباحثين عن المتعة العابرة في هذه المنطقة، من دون أن يعني ذلك أنها تنجح في تحقيق مرادها في كل مرة.
واحد من تلك الكمائن الفاشلة وقع في منطقة وورنديل، مساء 62 آب (أغسطس) الماضي، حين قامت شرطة ديترويت باعتقال ثلاثة شبان عرب أميركيين بدعوى أنهم أفشلوا كميناً للشرطة كان سيؤدي الى القبض على أحد الباحثين عن متعة عابرة.
إلا أن معاملة الشرطة غير المبررة للشبان الثلاثة دفعت بهم إلى رفع قضية ضد شرطة المدينة بدعوى إساءة استخدام السلطة المفوضة لها.
صدفة سيئة
في ذلك اليوم من شهر آب الماضي، قصد الشابان حسن عبدالله (17 عاماً) وابراهيم بزي (17 عاماً) مطعم كوني آيلاند في منطقة وورنديل (غرب ديترويت)، حيث يعمل صديقهما علي الشامي (18 عاماً) الذي حالما انتهى من عمله قام مع صديقيه بمغادرة المطعم ليشاهدا بالصدفة صديقاً رابعاً لهم، وهو قريب الشامي، يقود سيارته في الشارع المحاذي للمبنى، الفاصل بين المطعم وصيدلية «سي في أس» المجاورة.
قام الأصدقاء الثلاثة بالصياح والتلويح لرفيقهم الرابع الذي بادر إلى دخول موقف للسيارات تابع للصيدلية حيث توقف هنالك بانتظار قدوم أصدقائه والسلام عليهم. وحين قام الشبان الثلاثة بقطع الشارع تفاجأوا بعناصر من شرطة ديترويت وهم يقومون بإلقاء القبض عليهم، بدعوى إفشالهم كمين دعارة كان صديقهم الرابع على وشك الوقوع به.
وظن رجال الشرطة أن الشبان الثلاثة كانوا يلوحون لصديقهم بهدف تحذيره من بائعة الهوى التي زرعتها الشرطة لاصطياد الباحثين عن متعة مدفوعة الثمن في شوارع ديترويت.
وبناء عليه، تم اعتقال الثلاثة وتقييد أيديهم بالأصفاد وتفتيش سياراتهم من دون مبرر قانوني بدعوى «إفشالهم كمين الدعارة».
وبالنيابة عن الشبان الثلاثة، رفع المحاميان أمير مقلد ونيك هيدوس، دعوى قضائية ضد دائرة شرطة ديترويت بدعوى استغلال سلطتها ومخالفة الحقوق الأساسية للموقوفين (حقوق ميرندا) خلال الحادثة.
وقال مقلد: «لقد قررنا رفع الدعوى بسبب سلوك العناصر المشين بحق الشبان الذين ليست لديهم أية مشاكل قانونية سابقة»، مؤكداً أنه تم اعتقال موكليه من دون سبب واتهامهم ظلماً بجرائم لم يرتكبوها.
وتضمنت القضية أسماء أربعة عناصر في شرطة ديترويت، هم مايكل كارسون وجوزيف ماكون وجوردان ليفي وابراهيم عبد الحميد، إضافة إلى عنصرين تمت الإشارة إليهما باسميهما الأخيرين، وهما جونسون وكارتر. وتضمنت الدعوى أن اعتقال الشبان غير المبرر تبعه تفتيش غير قانوني لسياراتهم، إضافة إلى حجزهم في سيارات شرطة متخفية (لا تحمل علامات الشرطة) وذلك بسبب استياء عناصر الشرطة منهم لإحباطهم «كمين الدعارة».
تصرف طائش
وتضمنت الدعوى أيضاً أن شرطية قامت بتصوير أحد الشبان الثلاثة وهو مقيد بقصد السخرية منه، وقامت برفع تلك الصور عبر تطبيق «سنابتشات» للتواصل الاجتماعي. وأشار مقلد إلى أن الشرطية فعلت ذلك بقصد «التفاخر» واصفاً مثل ذلك التصرف «بالسلوك غير المهني».
وقال: «أعتقد أن جميع العناصر المنخرطين في الحادثة تصرفوا بطريقة غير لائقة، خاصة من قرر تصوير شاب معتقل.. إنه بالفعل تصرف طائش للغاية ولا يمكن التماس الأعذار له».
وكان الشبان الثلاثة قد احتجزوا في المقاعد الخلفية لسيارات الشرطة التي انطلقت مسرعة الى أحد الأحياء المجاورة، حيث تم إطلاق سراحهم بدل اقتيادهم إلى دائرة الشرطة والاتصال بأولياء أمورهم كي يأتوا ويأخذوا أبناءهم بطريقة آمنة، خاصة وأنهم دون سن البلوغ.
وقام عناصر الشرطة بإخلاء سبيل الشبان الثلاثة من تقاطع شارعي تايرمن وأبينغتون في غربي ديترويت، وأرشدوهم إلى كيفية العودة مشيا على الأقدام إلى منازلهم في ديربورن، التي تبعد حوالي خمسة أميال عن المكان الذي تركوهم فيه.
الدعوى تضمنت أيضاً اتهام الشبان لعناصر الشرطة بتجاهل قوانين الولاية في التعامل مع القاصرين، بحسب مقلد.
وقامت الشرطة كذلك بمصادرة سيارة عبدالله التي كانت مركونة في موقف السيارات التابع لمطعم «كوني آيلاند»، وتم قطرها إلى مرآب مدفوع الأجر.
وتشتبه الدعوى في أن شرطة ديترويت تقوم بشكل روتيني باستخدام ذلك المرآب لتنفيع لصاحبه بحيث يعود جزء من الأرباح للعناصر المتعاونين.
وزعم والد عبدالله أنه دفع بضعة مئات من الدولارات لاستعادة السيارة من المرآب.
استياء
من ناحيته، قال هيدوس لـ«صدى الوطن» إن الشبان الثلاثة وعائلاتهم مستاؤون جداً من تصرفات الشرطة وإنهم يتطلعون إلى فضح سلوكهم. وأضاف: «إن أي شخص سيصاب بالصدمة من جراء سلوك الشرطة هذا معه، وإنني أعلم أن عائلات الشبان غاضبة للغاية وهم يريدون تسليط الضوء على ما حدث وتحقيق العدالة في المحكمة، كما أنهم يريدون لمسؤولي دائرة الشرطة أن يعرفوا كيف تصرّف عناصرهم في تلك الحادثة».
وشدد هيدوس على أنه لا يوجد أي دليل على أن عبدالله كان على ينوي ممارسة الدعارة مع بائعة هوى، أو عرقلة عمل الشرطة، وقال: «حتى ولو كان الأمر كذلك، فقد تجاوز عناصر الشرطة الحدود المسموح بها».
وأضاف هيدوس وهو محام من مدينة ساوثفيلد: أنه لم يكن هناك أي تصرف يقصد إلى إفشال الكمين أو تحذير قريبه من الفخ المنصوب، «وحتى ولو كان الأمر كذلك فليس ذلك بجريمة».
وقد رفضت دائرة شرطة ديترويت التعليق على الدعوى المرفوعة، ومايزال العناصر الواردة أسماؤهم في القضية يزاولون عملهم كالمعتاد، وقد عبر المحاميان مقلد وهيدوس عن استغرابهما لتصرف الشرطة الغريب، وتساءلا إن كانت هناك طريقة برتوكولية تحتاج شرطة ديترويت الى تطبيقها لكي تكون أكثر حزما في ضبط عناصرها. وقال هيدوس: «من الواضح أن تصرفات هؤلاء العناصر غير لائقة وغير مهنية على الإطلاق.. لا أعرف ما إذا كان ذلك سببه طريقة عمل الدائرة، ولكنني أعرف أنهم تصرفوا خارج النطاق القانوني لسلطتهم».
Leave a Reply