تحت ضغط دولة الاحتلال و«رابطة مكافحة التشهير» اليهودية
آناربر – «صدى الوطن»
تصاعد الجدل مجدداً في أوساط «جامعة ميشيغن»، بين أنصار «حركة مقاطعة إسرائيل» (بي دي أس) والمناهضين لها، على خلفية شكاوى متزايدة من أنصار إسرائيل حول تصاعد الأصوات المعارضة لدولة الاحتلال، وكان آخرها رفض البروفسور جون تشيني ليبولد كتابة رسالة توصية جامعية لأحد الطلاب الراغبين بمتابعة دراستهم الأكاديمية في جامعة عبرية بالأراضي المحتلة.
وكان تشيني ليبولد الذي يدرس مادة «الثقافة الأميركية» في «جامعة ميشيغن–آناربر» قد عزا رفضه لكتابة رسالة التوصية إلى كونه داعماً للحقوق الفلسطينية، ومؤيداً لـ«بي دي أس»، التي سجلت انتصاراً تاريخياً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، حين مررت الحكومة الطلابية قراراً بوقف استثمارات الجامعة مع الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، إلا أن مجلس أمناء «جامعة ميشيغن» تجاهل القرار الذي ظل حبراً على ورق، رغم إقراره من أغلبية طلاب الجامعة.
وفي إطار قضية البروفسور جون تشيني ليبولد الذي أُنزلت بحقه عقوبات من قبل الإدارة، أبرق رئيس الجامعة مارك شليسيل، الأربعاء الماضي، رسالة إلى أعضاء الحرم الجامعي أكد فيها رفض الجامعة المطلق لمقاطعة إسرائيل، محذراً الأساتذة من مغبة القيام بأمر كهذا. وقال: «إنهم على خطأ.. هؤلاء الأساتذة الذين يرفضون كتابة رسائل التوصية للطلاب الراغبين بإكمال الدراسة هناك».
الرسالة التي وقع عليها نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية مارتن فيلبرت، أضافت: «إن حجب رسائل التوصية استناداً إلى وجهات النظر الشخصية، لا يلبي توجهات جامعتنا في دعم التطلعات الأكاديمية لطلابنا»، مؤكدة «السلوك الذي ينتهك هذا التوجه.. لن يتم التسامح معه، وسوف يواجه بجدية، مثل هذه التصرفات تؤثر على فرص الطلبة وتنتهك حريتهم الأكاديمية، وتخون مهمة جامعتنا التعليمية».
وكان فرع «رابطة مكافحة التشهير» (أي دي أل) اليهودية في ولاية ميشيغن، قد طالب «جامعة ميشيغن» باتخاذ تدابير حاسمة لردع الأنشطة المؤيدة لمقاطعة إسرائيل، وأعرب في بيان أصدره الأربعاء الماضي عن انزعاجه من الحوادث التي وقعت في الحرم الجامعي، و«التي أثارت قلق الكثيرين داخل مجتمعنا وخارجه».
وأضاف البيان: «إن التزام الحرم الجامعي بالتميّز الشامل، يجب أن يتضمن مساعيِ لمعالجة هذا المناخ، وعلى وجه التحديد، معالجة القضايا التي تؤثر على الطلاب اليهود، وقضايا معاداة السامية، وأشكالها المناهضة للصهيونية».
الرسالة المطولة لرئيس الجامعة، شليسيل، تزامنت مع اتخاذ «جامعة ميشيغن» إجراءات تأديبية بحق البروفسور ليبولد، الذي تم حرمانه من مزايا وظيفية للعام الدراسي 2018–2019، كما تم تأجيل إجازته المهنية الطويلة (ساباتيكال) حتى خريف 2020، فيما كان من المقرر أن يتفرّغ في شتاء 2019.
محاضرة أغضبت تل أبيب
كذلك جاءت رسالة شليسل، في أعقاب توتر آخر نشب بين دولة الاحتلال و«جامعة ميشيغن» على خلفية محاضرة أقيمت في حرم آناربر وعرض خلالها الفنان إموري دوغلاس لوحة (كولاج) تجمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والزعيم النازي أدولف هتلر، موسومة بعبارة «مذنب بارتكاب الإبادة الجماعية».
وفي الأسبوع الماضي، وجه وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت رسالة إلى شليسيل جاء فيها: «لقد حان الوقت بالنسبة لك كرئيس للجامعة لاتخاذ موقف حاسم ضد ما أصبح بوضوح موضة كراهية لاذعة، ضد الدولة اليهودية في جامعتك».
بدوره، لم يهمل شليسيل توبيخ الوزير الإسرائيلي، وضمّن رسالته بالقول: «نريد من الجميع في مجتمعنا اليهودي (المحلي) وخارجه أن يعلموا بأننا ملتزمون بدعم بيئة عادلة وشاملة.. بحيث تتاح الفرصة أمام الكل للنجاح واستثمار الفرص الأكاديمية التي اكتسبوها».
وأضاف: «تعارض جامعة ميشيغن بشدة مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، ولا توجد مدرسة أو كلية أو قسم أو وحدة في جامعتنا تؤيد مثل هذه المقاطعة. وجهة نظرنا هي أن الأساتذة في الجامعات العامة ملزمون بدعم النمو الأكاديمي للطلاب، ونتوقع من كل شخص لديه مسؤولية تعليمية احترام القيمة الأساسية للجامعة».
وأشار إلى أن «جامعة ميشيغن» بصدد إنشاء طاولة مستديرة للنظر في كيفية التعامل مع الحالات التي تتعارض فيها المعتقدات الشخصية للمعلمين مع مسؤولياتهم تجاه الطلاب.
وفي إشارة إلى اللوحة التي وصمت نتنياهو بارتكاب مجازر الإبادة الجماعية، كتب شليسيل: «اللوحة التي أساءت لعدد من طلابنا، كانت من بين 200 لوحة أخرى، تم عرضها خلال محاضرة مدتها ساعة»، مؤكداً أن المحاضرة «لم تخصص إسرائيل» وقد تضمنت عرض صور لزعماء سياسيين آخرين.
وأضاف: «هتلر والإبادة الجماعية التي ارتكبها.. تمثل مستوى مرعباً من الشر، ولا مثيل لها، إلا القليل، في التاريخ البشري. إننا نفهم كم هي مسيئة تلك الصور، خاصة –في هذه الحالة– بالنسبة للطلاب اليهود»، مشدداً: «نحن آسفون للطلاب الذين تأذّوا من هذه التجربة».
وفي بيان لها، أوصت «رابطة مكافحة التشهير» الجامعة بثلاثة مقترحات إضافية لمنع تكرار حادثة البروفسور ليبولد، وهي:
– وضع سياسة جامعية لكتابة رسائل التوصية الأكاديمية
– إجراء تدربيات تعالج معاداة السامية
– تطبيق سياسة عدم التمييز في الجامعة، على قدم المساواة
وجاء في رسالة الرابطة: «إن التسامح مع معاداة السامية، وأشكالها في مناهضة الصهيونية سوف يسمح بتفاقم المعايير المزدوجة المدمرة».
Leave a Reply