مدينة السيارات تتحدى وادي السيليكون!
ديترويت – بحضور حاكمة ولاية ميشيغن غريتشن ويتمر، ومحافظ مقاطعة وين وورن أفينز، ورئيس بلدية ديترويت مايك داغن، وحشد من الأكاديميين ورجال الأعمال، تم الإعلان –في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي– عن خطة لإقامة حرم تكنولوجي تابع لـ«جامعة ميشيغن» في وسط ديترويت، في خطوة تهدف إلى جعل المدينة الصاعدة قبلةً تعليمية لمختلف علوم التكنولوجيا، إضافة إلى المحافظة على ريادة ديترويت في صناعة السيارات في ظل التحولات الجذرية التي تشهدها هذه الصناعة.
الموقع
الحرم التكنولوجي سيقام على شارع غراشت في الجانب الشرقي من الدوانتاون، مكان سجن مقاطعة وين الذي توقفت أعمال بنائه منذ سنوات قبل أن يستحوذ عليه قطب العقارات دان غيلبيرت، مقابل بناء سجن المقاطعة في موقع آخر (وورن والطريق السريع 75).
وبموجب الصفقة التي ضمت «جامعة ميشيغن» وشركة «بدروك» المملوكة لغيلبيرت، ستدفع الجامعة 300 مليون دولار من تكلفة بناء الحرم الجديد، على أن تتولى «بدروك» أعمال البناء التي ستشمل إلى جانب المباني الجامعية، فندقاً وقاعة احتفالات ومركزاً ابتكارياً، مع إمكانية توفير مساكن طلابية ضمن العقار الذي تبلغ مساحته الإجمالية 14 آيكر.
وقال داغن خلال المؤتمر الصحفي في موقع المشروع، إن الحرم التكنولوجي الذي تعتزم «جامعة ميشيغن» بناءه، سيشكّل إضافة وازنة للتعليم الجامعي في ديترويت بما يمنح المدينة ميزة تنافسية على مدن أميركية أخرى مثل شيكاغو وبوسطن.
التكنولوجيا والتعليم
ذهب داغن إلى حد مقارنة ديترويت بوادي السيليكون، قائلاً إن المنافسة على صناعة سيارات المستقبل تنحصر بينهما، مضيفاً أن «مركز الابتكار» الذي تنوي «جامعة ميشيغن» تشييده من شأنه أن يشكل نقطة تحولية في إطار هذا التنافس.
ويعتبر «مركز الابتكار» الذي ستبلغ مساحته الإجمالية 190 ألف قدم مربع، القلب النابض لحرم «جامعة ميشيغن» الذي سيوفر تعليم مستوى الماجستير وشهادات التعليم في مختلف مجالات التكنولوجيا لما يصل إلى ألف طالب دراسات عليا.
وأوضح رئيس بلدية ديترويت بأن التركيز على تعليم مجالات معينة مثل الذكاء الاصطناعي والمواصلات، سيضمن أن تكون المدينة رائدة في بناء السيارات ذاتية القيادة في المستقبل، لافتاً إلى أن هذا الحلم بات ممكناً بفضل مبادرة شركة «فورد» لإنشاء مركز تكنولوجي مكان محطة القطارات المركزية المهجورة منذ عقود على شارع ميشيغن أفنيو في حيّ «كوركتاون» (غرب الداونتاون) لتصميم السيارات الكهربائية وذاتية القيادة.
وأشار داغن أيضاً إلى أن ديترويت شهدت خلال السنوات القليلة الماضية انتقال العديد من مكاتب شركات التكنولوجيا العملاقة إليها، مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» و«لينكدإن».
كما لفت إلى المكانة الأكاديمية المميزة لمدينة ديترويت، قائلاً: جامعة «وين ستايت» تتفوق في الطب والقانون، وقد أضافت مؤخراً «كلية مايك إيليتش» لإدارة الأعمال، بينما تتميز «جامعة ديترويت» بطب الأسنان و«جامعة ميشيغن ستايت» لديها كلية طب لتقويم العظام في المدينة.
العودة إلى الجذور
بدوره، أعلن رئيس «جامعة ميشيغن» مارك شليسيل، أن البرامج الأكاديمية الخاصة بمركز الابتكار التكنولوجي سيقوم بتطويرها عميد الجامعة جيمس هيلتون بمساعدة لجنة من أعضاء هيئة التدريس من فروع الجامعة الثلاثة (آناربر وديربورن وفلنت).
ويشار إلى أن «جامعة ميشيغن» تأسست في مدينة ديترويت عام 1817، وسيشكل الحرم الجديد أول عودة لها إلى المدينة منذ 180 عاماً.
وقال شليسل «هنا ولِدنا، وهنا نعيش»، مؤكداً أن إنجاز المشروع سيستغرق عدة سنوات «ولكننا سنبدأ العمل فوراً».
من جانبه، أشاد المحافظ أفينز بالمآل الذي بلغه مشروع سجن مقاطعة وين الفاشل قائلاً «المواهب موجودة في كل مكان ولكن الفرص ليست كذلك».
أما حاكمة الولاية غريتشن ويتمر فقالت إن المركز الجديد سيساعد في جذب الوظائف والاحتفاظ بها كما يساهم في جهود إدارتها لسد النقص في المهارات بولاية ميشيغن. وأضافت الحاكمة أن هناك عشرات الآلاف من الوظائف الشاغرة في الولاية بسبب النقص في اليد العاملة الماهرة، مؤكدة أن سد هذه الفجوة سيكون قابلاً للتحقيق من خلال مشاريع مماثلة لمشروع «جامعة ميشيغن».
التمويل
تمويل حصة «جامعة ميشيغن» من المشروع سيتم بشكل رئيسي من قطب العقارات النيويوركي ستيفن روس، أحد أكبر مانحي الجامعة. وأكد المستثمر اليهودي الأميركي (79 عاماً) خلال المؤتمر الصحفي، رغبته بالاستثمار في ديترويت منذ عدة سنوات، مؤكداً التزامه بنهضة المدينة التي ولد وترعرع فيها قبل انتقاله للعيش في نيويورك في شبابه.
وفي حين لم يتم تحديد حجم التكلفة الإجمالية للمشروع، إلا أنها من المرجح أن تصل إلى أكثر من 750 مليون دولار، حيث ستتحمل شركة «بدروك» جزءاً من التكاليف، كما من المتوقع أن يتنازل غيلبيرت عن ملكية الأرض لصالح الجامعة بعد إنجاز أعمال البناء.
ويشار إلى أن «بدروك»، الذراع العقاري لغيلبيرت الذي تغيب عن المؤتمر الصحفي بسبب خضوعه لعلاج من أزمة قلبية ألمت به الصيف الماضي، تملك حوالي مئة عقار في الداونتاون ومحيطها ومن شأن انتقال «جامعة ميشيغن» إلى المنطقة أن يساهم في تعزيز ازدهارها.
والجدير بالذكر أن غيلبيرت كان يريد أن يحوّل سجن مقاطعة وين الفاشل إلى ملعب كرة قدم ومبان تجارية وسكنية بكلفة مليار دولار، إلا أنه تخلى عن تلك الفكرة لصالح إقامة الحرم الجامعي الريادي وطنياً وعالمياً.
Leave a Reply