تحت شعار: «تعالو إلى كلمة سواء»
خاص «صدى الوطن»
إستضافت جامعة «يال» الأميركية الشهيرة، يوم الثلاثاء الماضي اللقاء الأول في سلسلة من أربعة لقاءات بين شخصيات مسلمة بارزة وقيادات مسيحية من أماكن مختلفة من العالم جرى خلالها البحث والتداول في شؤون تتصل بالمبادئ الأساسية التي تقوم عليها الديانتان.
ويعتبر المؤتمر الذي إبتدأ مداولاته يوم الثلاثاء أول ثمرة لشعار: «تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم» والذي تضمنته رسالة وجهّها 138 زعيماً مسلماً من 40 دولة إلى زعماء الكنائس المسيحية في العالم.
ويلي هذا المؤتمر مبادرة منفصلة على صعيد تفاهم الديانات انطلقت في العاصمة الاسبانية مدريد في شهر تموز (يوليو) الماضي بدعوة من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي فاجأ العالم بدعوته الملحة لمئتي شخصية مسلمة ومسيحية ويهودية وبوذية وهندوسية للقاءٍ من أجل الحوار والمصالحة.
وفي حين ألقى البعض بظلال من الشك على تلك المبادرة بسبب إستمرار المملكة العربية السعودية في فرض قيود على الديانات الأخرى على أراضيها، غير أن العديد ممن حضروا ذلك المؤتمر خرجوا متشجعين على مزيد من الحوار.
يقول الحاخام براد هير شفيلد رئيس «المركز الوطني اليهودي للتعلّم والقيادة» في نيويورك والذي حضر المؤتمر: «عندما يقول الملك عبد الله علنا بأن التنوع هو مبدأ مقدس في الإسلام فهذا أمر في غاية الأهمية..» ويستنتج «بأن العالم يشهد تغييراً».
وكان أبرز ما حوته الرسالة المكونة من 29 صفحة والتي وجهها رجال دين مسلمون من مختلف المذاهب إلى الكنائس المسيحية «إن مستقبل العالم يعتمد على السلام بين المسلمين والمسيحيين». ودعت الرسالة المسيحيين إلى التعاون مع المسلمين على قاعدة المبادئ المشتركة التي تجمع بين الديانتين والأكثر حيوية لديهما والمتمثلة بالوصيتين الأبرزين: «حب الله وحب الجار لجاره».
ويقول إبراهيم كليم الناطق بإسم المجموعة الإسلامية ومدير مؤسسة «سيتا» للأبحاث السياسية والإقتصادية والإجتماعية في أنقره «إن عالماً مشتركاً يمثل إجماعا إسلامياً كونيا وذلك يعني أن هذا الإلتزام بالحوار ستكون له آثار في مختلف أنحاء العلام الإسلامي».
وجاء الردّ المسيحي إيجابياً مما أدى إلى التخطيط لعقد أربعة مؤتمرات: مؤتمر يضم مسلمين مع زعماء المذهب البرتستانتي في مدينة نيوهافن بولاية
كونيتيكت (الأسبوع الماضي) ومؤتمر بين المسلمين والإنجلييين في جامعة كامبردج في أوكتوبر القادم. وثالث مع الكاثلوليك في الفاتيكان في نوفمبر القادم، ورابع وأخير يعقد في جامعة جورج تاون في الربيع القادم يتناول الآثار الإجتماعية والإقتصادية للحوارات الجارية.
ورأى جون إسبوزيتو مدير «مركز التفاهم الإسلامي – المسيحي» في جامعة جورج تاون «أن الكلمة السواء والمشتركة كسبت الزخم مع الكثير من الآثار الإيجابية التي يفترض أن تؤدي في نهاية المطاف إلى قيام مشاريع مشتركة في ميادين عدة».
وبدأ الحوار بتفاعل ثيولوجي في جامعة يال. وقال ميروسلاف فولف مدير «مركز جامعة يال للعقيدة والثقافة»: «سوف نناقش إلتزاماتنا الدينية الجوهرية المهمة لأنها هي التي تحدّد من نحن..»
وتضم قائمة الحضور المائة والخمسين زعماء إنجيليين وبروتستانت (مثل رئيس الجمعية الوطنية للإنجيليين) وقيادات دينية مسلمة من عدة قارات (سنة، شيعة وصوفيين، من بينهم آيات الله إيرانيون) وعدد من القادة الدينيين اليهود.
وفيما يجري خلال المؤتمر البحث في مفاهيم الألوهية والوصيتين يتوقع أن تتطرق النقاشات أيضاً إلى القضايا الراهنة مثل آثار كل من الخطابين الإسلامي والمسيحي الواحد تجاه الآخر.
وبعد تلقيهم الرسالة التي وجهها إليهم القادة المسلمون الخريف الماضي، عكف 35 عضواً من «المجلس الوطني للكنائس» على إجراء دراسة ثيولوجية للوثيقة وباشروا بتحضير ردّ عليها سوف يكون جاهزاً في شهر أيلول (سبتمبر) القادم.
وينوي أعضاء المجلس توزيع وثائق مجريات الحوار الإسلامي – المسيحي على كنائسهم لكي يتسنى لرعاياهم تأسيس حوارات مشابهة مع المساجد المحلية.
وقال مدير علاقات الأديان في «المجلس الوطني للكنائس» أنطونيوس كيريوبولوس «إن نقاشاً مكثفاً قد بدأ بين المجتمعات الإسلامية والمسيحية ليس فقط على صعيد عالمي بل ايضا على الصعيدين الوطني والمحلي الأميركيين» أضاف: إن مواد النقاش سوف تتطرق إلى المشتركات والإختلافات بين الأديان لأن من المهم التركيز على الفروقات ايضاً والتعلم بأنه رغم وجودها إلا أن ذلك لا يعني أننا غير قادرين على التحدث واحدنا إلى الآخر.
وفي شهر شباط (فبراير) الماضي وضع المجلس إطاراً للحوار مع «الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية» ويخطط الطرفان للإلتقاء مرتين سنوياً لدفع عملية التثقيف حول الديانات ولدراسة القضايا الطارئة مثل الخطاب الإعلامي المعادي وجرائم الكراهية.
دور أردني رائد
وقاد الأمير الأردني غازي بن محمد الذي يرأس «معهد أهل البيت للفكر الإسلامي» مبادرة الكلمة المشتركة، وبذل الأردن جهوداً للتواصل مع الكنائس المسيحية مقدماً لها دعوة لبناء أماكن عبادة على ضفاف نهر الأردن حيث قام يوحنا العمدان بتعميد السيد المسيح. ومن هذه الأماكن ما هو قيد البناء حالياً.
ويبدو تأثير مؤتمر مدريد الذي رعاه الملك السعودي أقل تأكيداً، ومرتبطاً بمدى تبلور مناسبات لمتابعة نتائجه. لكن موقع الملك السعودي بصفته الراعي للأماكن الإسلامية المقدسة، كما يقول شانتا بريما واردانا الذي يمثل مجلس الكنائس العالمي، سيكون له على الأرجح تأثير واضح في مختلف بلدان العالم الإسلامي «كونه يمنح شرعية للمسلمين حول العالم للقيام بمبادرات مماثلة».
ويرى آخرون أن هذه التطورات يجب أن تشجع أولئك الناس في العالم الغربي الذين لا يزالون يطرحون الأسئلة حول الإسلام وفيما إذا كان هنالك فرصة حقيقية للحوار.
Leave a Reply