فاطمة الزين هاشم
مهندس معماري ناجح صمّم عمارات شاهقة وقصوراً فخمة وجنى أموالا طائلة، وامتلك العقارات والمنازل، لكنه فشل فـي بناء جسور المحبة بينه وبين زوجته التي أحبته بكل جوارحها وأخلصت له، وكانت صادقة ومتعاونة معه الى أبعد الحدود.
لكن للأسف يطمئن الرجال الى النساء الكاذبات. الرجل يصدق كل ما يود سماعه من المرأة، لأنه يحتاج أن يسمع تلك الأكاذيب بالذات. وكثيراً ما يخسر الرجل المرأة التي تحبه ليسلم نفسه «لمن تضحك عليه» وتسلبه كل شيء، وفـي النهاية تستغني عنه بكل بساطة لتصطاد ضحية جديدة. كثيرا ما يحدث هذا الأمر هذه الأيام بكل أسف.
حاولت الزوجة استقطاب زوجها نحوها بكل الوسائل دون جدوى. أنجبت منه أربعة اطفال كالورود، ظناً منها بأن حبه سيزداد لها بوجود هذه العائلة الجميلة واعتقدت أنه سيتقرب منها أكثر فأكثر. لكن العكس كان ما حدث.
أخبرتني بمعاناتها الزوجية، قصة الزوج الذي يخون تحت ستار الانشغال بالعمل. وكانت أسهل كلمة يرددها ليبرر خيانته بأنه لم يعد يحبها. هي فكرة تترسخ فـي ذهن الرجال وتعطيهم الحرية العاطفـية لكي يبحثوا عن الحب مع امراة أخرى خارج الإطار الزوجي. والعكس صحيح بالنسبة للنساء اللواتي يتخذن نفس الأسلوب لتبرير فعل الخيانة. إنها حالة الخواء العاطفـي!
أحبَّ امرأة تعرف عليها من خلال عمله وتزوجها سراً، وأنجب منها، وأخذ يفتعل المشاكل مع زوجته الأولى ليغيب عن المنزل لأطول وقت متعللا بطول ساعات العمل (هو عمل لكنه من نوع آخر). كتمت هذه السيدة غيظها فـي صدرها لسنوات كي لا يتأثر الأولاد وتهتز صورة والدهم أمامهم.
تغيرت معاملته لها وأصبح يتهمها بما يفعله هو.
كلما فتحت معه نقاشاً، ثار وغضب وخرج من المنزل ليذهب ويرتمي بأحضان حبيبته الجديدة، بعد أن يعرج على الأسواق ويملأ سيارته بكل ما لذ وطاب لينال رضاها فـي الوقت الذي يحرم زوجته وأولاده من كل شيء.
تركها تتخبط وأولادها بصعوبات الحياة القاسية دون اكتراث بمشاعرها وحاجتها لوجوده بقربها كأنثى. لكن الظالم يبتلى بأظلم منه. وبعد أن تمكنت الحبيبة من جمع المال وتأكدت من عجزه الجنسي وزحف الكبر على شكله الخارجي، أخذت أولادها وهربت بهم الى بلدها.
هنا شعر المهزوم بالوحدة وببعد عائلته عنه. فكر بالمراوغة وأخذ يتودد مجدداً لأولاده وزوجته الأولى التي تحطمت على صخرة الخيانة وتزعزعت ثقتها به دون أن يظهر لهم الندم أو يعتذر عن فعلته بحقهم. أصرت الزوجة على الطلاق وتم ذلك رغماً عنه وبموافقة اولادها.
داست على قلبها الذي احتضنه طويلاً وحافظت على كرامتها.
الآن اقول لك سيدتي، بعد الفراق لا تفتحي قلبك فوراً لحب جديد. خذي الوقت الكافـي لتأمل جثة ذلك الحب وهي تتحلل. ستتألمين.. لكنك ستشفـين.
تأملي كل مساء مشهد غروب العواطف وقرص الحب وهو يغرق بحمرته الدامية فـي بحر أوجاعك. غدا من المكان نفسه ستطلع الشمس، ذلك أنها مثلما تغرب بداخلك ستشرق منك وتزهر حديقة قلبك من جديد، بمستقبل ملؤه السعادة وحبيب يمطرك بالحب ويجعلك ملكة متوجة على عرش قلبه!
Leave a Reply