واشنطن – أضحت برامج المراقبة المحلية التي تنفذها وكالة الأمن القومي مصدر قلق متزايد في أوساط الكونغرس الأميركي، يتوقع مناقشتها في جلسة تشريعية واتخاذ قرارات بشأنها في غضون الأسبوع الحالي. بدأ التشكيك اعتبارا من الشهر الماضي حين كشف النقاب عن تنفيذ الوكالة لبرامج فائقة السرية تم فيها جمع بيانات الاتصالات الهاتفية للأميركيين، وقد طرح عشرات المشرعين تدابير لجعل هذه البرامج أقل سرية، وهناك أحاديث عن المطالبة بإيقاف تمويل هذه البرامج ورفض استمرار التفويض بالتجسس على الأميركيين.
يأتي هذا القلق في ضوء تسريب إدوارد سنودن وهو موظف متعاقد مع الحكومة لبيانات غاية في السرية لوسائل إعلامية الشهر الماضي، حيث نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية تقريرا عن برنامج لتسجيل المكالمات عبر الهواتف الخلوية، وتقريرا لصحيفة «واشنطن بوست» حول برنامج آخر سمح للحكومة الإطلاع على نشاطات الناس على الحاسوب في تسع شركات كبرى للإنترنت.
وقد سارع مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إطلاق تصريحات حول هذه البرامج، فيما لا يزال هناك مدافعون عن هذه البرامج في مبنى الكابيتول، أحد هؤلاء رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايك روجرز (جمهوري عن ميشيغن) قال “ العاملون في وكالة الأمن القومي على وجه الخصوص سمعوا قرع طبول الجماهير بشأن قائمة من الأفعال الشائنة، بزعم أن الوكالة تتجسس على الأميركيين مؤكدا أن هؤلاء مخطئون في زعمهم، فهذه المزاعم خطيرة، لكن العاملين في الوكالة مستمرون في أداء واجبهم للحفاظ على سلامتنا.
من جانبه قال النائب ريك لارسن (ديمقراطي عن واشنطن) إن معظم المشرعين مترددون في العبث بأي برنامج قد يعرض الأمن للخطر، لكن هؤلاء يتنامى عندهم الإحباط، وأضاف إن إدارة أوباما والوكالة كان أمامهم فرصة ستة أسابيع للإجابة عن كافة التساؤلات المثارة حول هذه البرامج لكنهم لم يستغلوا الفرصة وأخفقوا في عملهم.
يمكن لمجلس النواب مناقشة واحد من أولى العروض المطروحة عليهم للتغيير قريبا، فالنائب جستين أماش (جمهوري عن ميشيغن) يسعى لإضافة فقرة لمشروع قانون الإنفاق العسكري وهذا من شأنه الحد من قدرة الوكالة على جمع شامل لبيانات الإتصالات الهاتفية للأميركيين، وهذا المشروع طرح للمناقشة في مجلس النواب الأسبوع الماضي. وهناك مشاريع قوانين أخرى ستتم مناقشتها في المجلس لاحقا، لارسين يدفع باتجاه إجراء يطالب شركات التكنولوجيا بالكشف عن نوع وحجم البيانات المطلوب منها تسليمها للحكومة الفدرالية، في حين تسعى العديد من شركات التكنولوجيا والجماعات المدافعة عن الحريات المدنية للحصول على إذن للقيام بذلك.
هناك جهود أخرى من الحزبين تمضي في هذا الإتجاه حيث يدعم 32 عضوا في مجلس النواب يتزعمهم أماش والنائب جون كونيرز (ديمقراطي عن ميشيغن) خطة من شأنها تقييد قدرة واشنطن على جمع البيانات وفق قانون الوطنية (باتريوت آكت) للاشخاص غير الخاضعين لتحقيقات جارية. وهناك مساعٍ نشطة لمطالبة محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية الموكل إليها الحكم في طلبات الرقابة الحكومية، لتكون أكثر شفافية.
من جانبه قال مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر إن محكمة المراقبة أعادت منح الأذن للحكومة الفدرالية مساء الجمعة الماضي لجمع البيانات الهاتفية وعبر الإنترنت، وأضاف إن الإدارة تجري استعراضا دقيقا وشاملا تقرير ما إذا كانت المعلومات والوثائق الإضافية المتعلقة بهذا البرنامج يمكن رفع السرية عنها.
السيناتور جيف ماركلي (ديمقراطي عن اوريغون) ردا على سؤال حول امكانية جعل مناقشات محكمة المراقبة علنية امام الجمهور , قال ان من الصعب ان لم يكن من المستحيل جعل هذه المناقشات مفتوحة و شفافة للموازنة بين امور لا يستطيع الجمهور مراجعتها و تحليلها.
و يسعى النائب ادم شيف (ديمقراطي عن كاليفورنيا) و النائب تيد بوي (جمهوري عن تكساس) الى تسمية القضاة في محكمة المراقبة من الرئيس اوباما و اعتمادهم من مجلس الشيوخ، حاليا يتم تعيين هؤلاء من رئيس المحمة العليا الاميركية.
و يدفع حاليا شيف بالتعاون مع النائب تود روكيتا (جمهوري عن انديانا) باتجاه اصدار تدابير تتيح المطالبة من وزير العدل كشف السرية عن الاراء يخصوص قانون مراقبة الاستخبارات الاجنبية، و قد لاقى هذا الاقتراح دعم زعيمة الاقلية الديمقراطية في المجلس نانسي بيلوسي.
و قال عضو اللجنة الاستخبارية جيم هايمز (ديمقراطي عن كونيتكت) ان المزاج السائد بين الناس هو ان الوكالة وغيرها من الوكالات الامنية اضحت تنتهك خصوصيتهم، و اضاف ان هذه الوكالة لا تتصرف جزافا و انما تستند الى البند 215 من قانون الوطنية. و اكد جيمس ليت و هو كبير المستشارين لمدير وكالة الاستخبارات الوطنية ان المراقبة تتم تحت نظر الكونغرس و تحت اشراف اللجان الاستخبارية والقضائية فهي و الحالة هذه لا تعتبر مخالفة للقانون.
Leave a Reply