عواصم – تنامت خلال الأسبوع الماضي الدعوات إلى الاحتجاج والتظاهر في الدول العربية والإسلامية ضد الفيلم المسيء إلى الإسلام، بعد جرعة جديدة من استفزاز العالم الإسلامي جاءت عبر نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد (ص) في صحيفة «شارلي ايبدو» الفرنسية الأربعاء الماضي. وفيما عززت واشنطن وباريس من إجراءاتها الأمنية تفادياً لأي اعتداء على سفاراتها بعد صلاة الجمعة في أنحاء العالم (مع صدور هذا العدد)، لم تهدأ طوال الأسبوع الماضي التظاهرات الرافضة للإساءة إلى الإسلام رغم تلويح السلطات في بعض الدول بقمع التظاهرات ومنعها، وهو ما حدث فعلاً في أكثر من مكان في ظل أعمال عنف تسببت بسقوط عدد من القتلى في تونس ومصر ولبنان والسودان واليمن.
ومع عودة الهدوء النسبي الى دول الربيع العربي التي شهدت أقسى جولات العنف في الأسبوع الأول، امتدت الاحتجاجات الى دول إسلامية أخرى، حيث تظاهر الآلاف في حوالي 12 مدينة باكستانية، من بينها العاصمة إسلام آباد التي شهدت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، حيث أصيب العشرات من بينهم عناصر من الشرطة.
واستدعت وزارة الداخلية الجيش عقب محاولة آلاف المتظاهرين الوصول إلى الحي الديبلوماسي في العاصمة. وكانت الشرطة سارعت في وقت سابق إلى إغلاق شارع الدستور المؤدي إلى الحي الديبلوماسي، واستخدمت الغاز المسيل للدموع لوقف تقدم الطلاب الذين نظموا مسيرات إلى العاصمة من عدة محاور.
وفي أفغانستان شهدت إحدى ضواحي العاصمة كابول، احتجاجاً على الفيلم والرسوم الكاريكاتورية، وهتفوا «الموت لفرنسا، الموت لأميركا». وفي منطقة مجاورة هتف المئات «يعيش الإسلام وتعيش أفغانستان».
وفي طهران، تظاهر حوالي مئة شخص أمام السفارة الفرنسية، فيما منعتهم قوات الأمن من الاقتراب من المبنى. وردد المتظاهرون «الموت لأميركا»، و«الموت لإسرائيل» و«الموت لفرنسا». كما تظاهر آلاف النيجيريين شمالي البلاد، وأحرقوا الأعلام الأميركية والإسرائيلية. كما شهد لبنان تظاهرة ضخمة شهدت ظهوراً علنياً لأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله والذي طالب بمواصلة الاحتجاجات.
وفي ظل توقعات بتصاعد الاحتجاجات، اتخذت الولايات المتحدة وفرنسا تحديداً إجراءات أمنية، لحماية ديبلوماسييها. ودعت وزارة الخارجية الأميركية، رعاياها إلى إرجاء كل رحلاتهم «غير الضرورية» إلى باكستان، كما حثت «بشدة» الموجودين هناك على تجنب الاحتجاجات والتجمعات الكبيرة. وقالت الوزارة إن وجود عناصر من «القاعدة»، وحركة «طالبان»، و«جماعات محلية طائفية متشددة يمثل خطراً محتملاً على المواطنين الأميركيين في كل أنحاء باكستان». كما شددت إجراءاتها الأمنية في العديد من البلدان الأخرى
ودان «حزب الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لـ«جماعة الإخوان المسلمين» في مصر، نشر مجلة «شارلي إيبدو» رسوماً مسيئة للنبي، مطالباً الحكومة الفرنسية بـ«إجراء حازم وسريع» ضد المجلة، مع العلم أن التنظيم تراجع عن دعواته للتظاهر.
وكذلك قررت وزارة الداخلية التونسية التي يسيطر عليها حزب النهضة الإسلامي منع مظاهرات احتجاجية على نشر الرسوم المسيئة، بكامل أنحاء البلاد خشية وقوع «أعمال عنف وتخريب». وفي يوم الجمعة الماضي قتل أربعة متظاهرين وأصيب 49 آخرون و91 شرطيا خلال مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين هاجموا السفارة والمدرسة الأميركيتين في تونس احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام.
يأتي ذلك في حين دعت منظمة التعاون الإسلامي إلى «موقف موحد» في العالم ضد التحريض على الكراهية، وسعت الأمم المتحدة إلى تهدئة غضب المسلمين عبر الدعوة إلى رسم حدود لحرية التعبير. ووسط أجواء التوتر المستمرة، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الفيلم «فاضح ومخز»، موضحاً في حديث مع الصحافيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك أن حرية التعبير «حق ثابت» يجب أن تتم حمايته بشرط ألا يصطدم بمعتقدات وقيم الآخر.
Leave a Reply