ليس أفظع من جريمة التفجير في «بئرالعبد» التي ارتكبها المجرمون الجبناء من خفافيش الليل في أوَّل شهررمضان المبارك، إلَّا احتفال الحاقدين الموتورين في طرابلس وتوزيعهم الحلوى وإطلاقهم النارابتهاجاً واحتفاءاً بمعموديَّة الدَّم الجديدة في الضاحية الجنوبية، تماماً كما هلَّل سابقاً التكفيريون وكبَّروا للضربة الإسرائيلية في سوريا، ذلك أنّ أهل الكفر ملَّةٌ واحدة.
هؤلاء المنحطِّون الذين ظنُّوا أنَّهم انتقموا من المقاومة بسبب مواقفها العلنية من التدخُّل عسكرياً في سوريا لمنع العصابات الإرهابية التكفيرية من غزو لبنان في ظل نظام الحياد المنافق من قبل الثنائي السلبي، سيفكِّروا ألف مرَّة قبل أنْ يثنوا المقاومة وجمهورها الأبي عن عزمهما، هذا إذا لم تصل المقصلة إلى رقابهم أوَّلاً. فلْيحتفل العاجزون ما شاءوا اليوم لكن للباطل جولة وللحق صولات ولن يفلح المعتوهون في طرابلس من جماعة الفتنة المذهبيَّة في أحداث أي تغيير ولو في بلد عاق يتآمر على مقاوميه الذين منحوه الشرف والإباء ولو كره الزرقاويون والسلفيون. وإذا جاء فاسق منهم يومًا ما بنبأ إنَّ أحد الأشخاص وزَّع البقلاوة في الضاحية بعد سقوط “القُصير” والذي سلَّط عليه الإعلام التكفيري الصهيوني المجهر، فالمقارنة هنا باطلة لان أهل الضاحية لم يحتفلوا جميعاً ولم يفرحوا لاستهداف الأبرياء بل باسترداد مدينة هامة إلى حضن الوطن السوري من أيدي عصابات المرتزقة عبرمعركة عسكرية متكافئة، أمَّا الاغتباط لضرب سكَّان ضاحية المقاومة وترويع المدنيين لأنهم من طائفة مختلفة ولأنهم حضن المقاومة، فدليل على نجاح الفتنة المذهبية والاختراق الإسرائيلي لهذه العقول المريضة التي مازالت تتآمرعلى المقاومة منذ حرب تمَّوز (يوليو) ٢٠٠٦.
السيارة المفخَّخة في الضاحية لم تكن مفاجئة من حيث التوقيت والهدف والجاني معروفٌ تماماً بعد تكوُّن المعطيات التالية:
– عنونتْ جريدة «الأخبار» بعد يومٍ واحد من الجريمة أنَّ بندربن سلطان في الضاحية. وهذا الكلام ليس عبَثاً بالمطلق. فعودةً إلى الوراء قليلاً تذكِّرنا بالقرارات «السرِّية» التي اتَّخذتها السعودية ضد «حزب الله» بسبب تدخُّله في معركة «القصير» وترجيحه كفَّة النصر، ولم يُعلَن يومها ماهي هذه القرارات وكيف ستنفَّذ. وفي مملكة آل سعود، بندر هو رئيس الاستخبارات الحالي وله خبرة في التعامل مع الأجهزة الأمنية الغربية كما أنه يمسك الملف اللبناني حالياً ويدير «مستقلِّي» ثورة النحس، وسفير العائلة المالكة علي عواض «أسيري» يتبع له مباشرةً. بندر أعطى أوامره لجماعة «١٤ عبيد زغار» بإعلان الفيتو على دخول «حزب الله» الى حكومة المايع تمَّام سَلَام. وبعد قرارات «العشاء السرّي» السعودية، وُضعتْ خطَّة محكمة تضمَّنتْ هجوماً من وزير خارجية عائلة سعود على سوريا واصفاً إيَّاها بالأرض المُحتلَّة (نعم سوريا، لا فلسطين أيها القارئ)، تبعها هجوم دبلوماسي على الحليف العوني من أجل فك التلاحم بين الجنرال والمقاومة عبر تقرُّب «أسيري» من الرابية لكنَّه سرعان ما اصطدم بكثبانها عندما ركَّز هجومه قبل اللقاء مع عون، على «حزب الله» متَّهماً إيَّاه بتعريض الطائفة الشيعية ولبنان للخطر ذلك لأنَّ آٓل سعود متسامحون جداً خصوصاً مع أبناء المنطقة الشرقية في السعودية ولم يسجنوا لتوِّهم سبعة نشطاء لعشرات السنين بسبب دعوة إلى اعتصام سلمي وجَّهوهاعبر”الفيسبوك”! ألمهم، استعادت العائلة المالكة للجزيرة العربية قيادة الجبهة التكفيرية من قطربعدالانقلاب الوراثي “الديمقراطي” الناعم فيها وانقلاع الحمَدَيْن رأسا الحربة في التآمر على الشعب السوري الذي مسؤولية دمائه تقع على عاتقهما وعاتق أذنابهما من «الإتلاف السوري» و«جبهة الكفرة» وبالتالي فإنّ إزاحتهما عن الحكم لن يُوقِفَ محاكمتهما لاحقاً بتهم تتعلَّق بالإبادة البشريَّة! السعودية التزمتْ الصمت بعدالتفجير في الضاحية ولم تذرف دموع التماسيح كما فعلتْ في صيدا وطرابلس، لكنَّها تبقى على مسافة واحدة من الجميع!
– قرطة حنيكر كلُّها مشاركة بجريمة «بئرالعبد» بسبب تحريضها وعدائها للمقاومة وتجريدها للجيش من هيبته وعدالته ودوره الوطني الجامع طيلة عامين ومنذ طرد «الطائرالغرِّيد» من جنَّة الحُكم. فمن الحملة على الجيش في طرابلس وعرسال وقتل جنوده وضباطه من أجل التعمية على نشاط الزرقاويين والسلفيين في نقل السلاح وتهريب المقاتلين إلى جبهة الكَفَرة، إلى التأسُّف على تنظيف صيدا من قطاعي الطرق الإرهابيَين أحمد الأسيرلادن ومطربه الناعق و«التحطُّط» على الجيش بسبب ضرب أحد عناصرالإرهاب من دون أنْ يتذكَّر متآمرو مجدليون عند بهيَّة الحريري قتلى الجيش العشرين. وبسبب النعي بالنفس، أُحيل مجدَّدا خمسة عسكريين إلى المحكمة العسكرية الأمرالذي سرَّ فؤادالسنيورة بشكلٍ يذكِّر بمعاقبة العسكريين بعد مقتل الشيخ عبد الواحد مما يعني مواصلة الإمعان في إذلال الجيش تحت سمع وبصر قائد الجيش السابق! لقد تبيَّن أن بهيَّة هي التي كانت الداعمة الأساسية للأسيركما السنيورة وجماعة «ثورة التآمر»، بدليل حملتها على «سرايا المقاومة» التي برزتْ فجأة بعد تطهير المنطقة والتي كان المجرم الفار يستخدمها ذريعة لنوبات جنونه «المدروسة». لقد غاب الأسير هارباً كالمرأة لكنَّ «شياطينه» كانت حاضرة في مجدليون عندما حمَّلت «أنديرا» الحريري، وأذنابها في «١٤ الشهر»، «حزب الله» المسؤولية عن معركة صيدا من دون أنْ تُدين الأسيرالذي تسبَّب بمجزرة ضدَّ الجيش مواصلةً مع جماعتها حملتها الشريرة على المقاومة إمعاناً في الفتنة المذهبيَّة!
– «ظهر» بن لادن الأسير المختبيء في مكانٍ ما في مخيّم «عين الحلوة»، صوتاً من دون صورة ربما، حسبما قيل، لأنَّه حلَقَ لحيته الكثَّة عندما هرب بلباس امرأة بعد أنْ حلق له الجيش «على الناشف». لكن هذا «الظهور» ليس من أجل شدِّ عزم ما تبقَّى من مرضى العقول فحسب بل إشارة البدء بضرب المقاومة في عُقر دارها وهذا ما كان ينويه على كلِّ حال بعد لقائه مع مسؤول «الموساد» الإسرائيلي في تركيا وتلقيه الدعم الاستخباراتي والعسكري واللوجستي من جهاز أمني لبناني واكتشاف مخطَّط لديه للقيام بتفجيرات «عراقيَّة» بقصد البلبلة الطائفية. وبن لادن الأسيرلا يحتاج إلى إدارة «المعركة» شخصياً فهناك من ينوب عنه من مدَّعي الإسلام الشهَّال إلى عمر بكري فستق العاق، الذي أنقذه «حزب الله» من السجن بعد أنْ لفَظَه السلفيون، إلى سالم الرافعي إلى «حزب التفجير» و«الجماعة الطائفية»، إلى السنيورة الذي انقلب على معلِّمه بعد ارتجاله موقف التمديد للعماد قهوجي قائد الجيش، إلى عناصرجيش لحد السوري ومرتزقة التكفيريين.
– أوَّل تعليق على الجريمة جاء من اسرائيل التي نفَتْ، في معرض التأكيد، ضلوعها بالمتفجِّرة لكن التوقيت لن يكون أفضل بالنسبة لها من أيام ذكرى هزيمتها المجَلْجِلة منذ سبع سنوات وفي وقتٍ حسَّاس من تاريخ المنطقة التي تشهد مخاضاً «صيفياً» حاراً بدأ في مصر. العدو يعتقد إنَّ «حزب الله» مشغولٌ بإسرائيليي الداخل لكنه لا يعلم شيئاً عن المقاومة وسلاحها الأكبر: شعبها الأبي الوفي في الضاحية العظيمة وفي كل مكان. لقد شاءتْ العناية الإلهية أنْ تقتصرالجريمة على الجرحى والماديات ولو كان المجرم يهدف إلى إحداث خسائر بشرية هائلة من أجل إلقاء اللوم الشعبي على دخول المقاومة في معركة سوريا. ومهما قيل حول هوية الجاني، فالتفجير يخدم الكيان الصهيوني الذي التقت مصالحه تماماً مع الكيان السلفي التكفيري.
– في الوقت الذي تفقَّد فيه أعضاء الكتلة العونية مكان الجريمة أكثرحتى من نوَّاب المنطقة أنفسهم، كان لافتاً الإعلان عن فك الارتباط بالجنرال عون وإذاعة وفاة «٨ آذار» من أجل «كسرة خبزٍ» حكومية. ورغم إنَّ الغزلان تسرح بين أعضاء عصابة «١٤ آذار» لكنها لم تعلن موتها بل كوفئت بإنهاء عدوها اللدود! ألحقُّ يُقال، إذا خسرت المقاومة ميشال عون، الذي نقل نصف الموارنة إلى ضفَّة المقاومة لأوَّل مرّة في تاريخهم، فستكون أكبرنكسة استرتيجيَّة حقيقية لها.
– لم يخفِّف من وطأة الجرم أنَّ تقارير أميركية حذَّرت من نقل «القاعدة» أطناناً من المتفجرات لتفجيرها في الضاحية مما يطرح سؤالاً عن دورالأجهزة الأمنية وعن الحيطة التي اتخذتها مقابل ذلك ثم دور «فرع المعلومات» الخافت منذ اغتيال وسام الحسن، ولماذا وقع التفجير رغم المعلومات الموثَّقة؟! طبعاً، كالعادة، لن يكون هناك عقاب ومحاسبة في «شقفة الوطن»! لو عندنا بلد يحترم نفسه لأعلن الحرب على الإرهاب، كما فعلت أميركا، ولبدأ باستئصال شأفة الجيش اللحدي ومجرمي «القاعدة» وعملائها في البلد السائب، الظاهر منهم والباطن والمتلوِّن.
إنّ المرحلة المقبلة ستكون حرباً بلا هوادة بين التكفيريين المجرمين الذين لا يتورَّعون عن إرتكاب المحرَّمات وبين المقاومة الشريفة التي مازالت تقدِّم التضحيات لبلد خائن مستباح، وبالتالي من الآن فصاعداً يجب أنْ يكون أمن المقاومة وجمهورها فوق كلِّ اعتبار.
Leave a Reply