طبيب أسنان غير مرخص يقتل مريضاً غاضباً أثناء محاولة اقتحام منزله
ديربورن - في جريمة قتل هزت أوساط الجالية العربية في ديربورن، أقدم طبيب أسنان غير مرخص على قتل أحد مرضاه في منزله الكائن في غرب المدينة ليلة السادس من تموز (يوليو) الجاري، حسبما أظهرت التحقيقات الأولية.
ومن المتوقع أن يمثل المتهم زايد البدور(52 عاماً) أمام محكمة ديربورن في جلسة أولية يوم 18 يوليو الجاري، بينما لايزال الغموض يكتنف ظروف الجريمة.
ويواجه المتهم الأردني الأصل، الذي يشتبه بأنه يدير عيادة أسنان سرية من قبو منزله، تهمة القتل من الدرجة الأولى وارتكاب جناية مسلحة بعد إطلاقه النار على من يُعتقد بأنه أحد مرضاه، وهو الضحية اللبناني الأصل، أحمد ناصر الدين (28عاماً).
وبحسب الادعاء، أردى البدور، ناصر الدين بطلق ناري واحد في وقت مبكر من فجر يوم الخميس 6 يوليو خلال محاولة اقتحام منزله الكائن على العنوان: 22902 شارع أولمستيد، بالقرب من تقاطع شارعي آوتر درايف وميشيغن أفنيو في غرب ديربورن.
وأفاد تقرير لشرطة ديربورن بأن عناصرها لبّوا نداء الطوارئ في حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، ووجدوا لدى وصولهم إلى مكان الحادث، شخصاً فارق الحياة على الشرفة الخلفية للمنزل.
وبحسب التقرير الذي اطلعت عليه «صدى الوطن» قام معتز البدور (ابن المتهم) بالاتصال برقم الطوارئ 911، مفيداً بأن والده قام بإطلاق الرصاص «دفاعاً عن البيت» على شخص كان يحاول التسلل عبر الغرفة الشمسية (صن روم) الملحقة بالجانب الخلفي من المنزل، مؤكداً بأن ذلك الشخص قد فارق الحياة، وأن أباه مايزال متواجداً في المكان. وقال إن السلاح الذي تم استخدامه في عملية إطلاق النار ملقى على كرسي في الشرفة، وهو بندقية من طراز «موسبرغ 835».
وذكر التقرير بأن عناصر الدورية وجدوا لدى وصولهم، جثة غارقة بالدماء داخل الغرفة الشمسية.وقد أصيب الضحية بطلق ناري في الرأس أدى إلى وفاته على الفور.
ولفت التقرير إلى أن الشرطة قامت بتوقيف زايد ونقله مخفوراً إلى مقرّ الدائرة لاستكمال التحقيق، كما أنها قامت بنقل اثنين من أبنائه، لتوثيق إفادتهما، موضحاً بأن محققاً من مكتب الطب الشرعي بمقاطعة وين أجرى معاينة للجثة حسب الأصول، بما في ذلك رفع البصمات وأخذ عينات من اللعاب للتثبت من هويته عبر فحص الحمض النووي (دي أن أي).
وأشار التقرير إلى أن الشرطة تحرزت على مقتنيات الضحية التي تضمنت فقط طوقاً ذهبياً وهاتفاً من نوع «آيفون»، مؤكداً بأن ناصر الدين حضر إلى منزل زايد وهو يقود سيارة مسجلة باسم والدته، وأن عمليات تفتيش المركبة لم تسفر عن وجود أية أغراض ذات صلة بالحادثة.
وأضاف التقرير بأن المحققين قاموا بعملية تفتيش شاملة للمنزل، استمرت لغاية الساعة السادسة صباحاً، ووثقوا كافة الموجودات ذات العلاقة، بما فيها مخزن رصاص مكون من 12 طلقة، لافتاً إلى أن المحققين لاحظوا وجود كرسي طب الأسنان وبعض المعدات والأغراض الطبية في القبو، ولدى سؤالهم لزايد عن أسباب وجود تلك المعدات، أجابهم بأنه كان يعمل «طبيباً للأسنان في الأردن».
وكشف التقرير عن أن زايد أدلى في البداية بمعلومات كاذبة حول مكان وجود هاتفه الشخصي، مشيراً إلى أنه أخبر المحققين بأنه تركه تحت فراش النوم، ولدى عودة الشرطة لإحضاره لم يجدوه في المكان المحدد، غير أنهم وثّقوا دخول أشخاص آخرين إلى المنزل وقيامهم ببعض التنظيفات في المطبخ والحمام.
وبإعادة التحقيق معه، قال البدور إنه «كذب» بشأن إفادته حول الهاتف، مضيفاً بأنه وضع الهاتف في جارور الفرن، لتعود الشرطة إلى المنزل مرة ثانية لإحضاره.
وذكرت مصادر مطلعة لـ«صدى الوطن» بأن تفتيش هاتفي الضحية والمشتبه أظهر بأن الرجلين كانا على تواصل ومعرفة مسبقة، وأن ناصر الدين أخبر البدور عن نيته بالقدوم إلى منزله لعلاج ألم أسنانه غير المحتمل وإلا فإنه سوف يخبر السلطات بأمر العيادة غير القانونية، ولكن الطبيب المزعوم رفض الامتثال لطلب المريض الفاقد الحيلة.
وكشفت التحقيقات أن البدور كان يعمل طبيياً للأسنان في الأردن، وأنه «في الحقيقة على معرفة مسبقة بالضحية»، من دون التأكيد عما إذا كان يزاول المهنة حالياً، في منزله أو في أي مكان آخر في الولايات المتحدة.
وأوضح تقرير الشرطة بأن المحققين قصدوا منزل عائلة ناصر الدين في ديربورن هايتس غداة وقوع الجريمة، حيث التقوا هناك بوالدته خديجة حجيج وأخته نور التي تولت عملية الترجمة لوالدتها التي لا تجيد التحدث باللغة الإنكليزية.
وقالت والدة أحمد للمحققين إن ابنها أخبرها بأنه ذاهب لرؤية «طبيب أسنان صديق»، مؤكدة بأنها لا تعرف من يكون ذلك الطبيب وأين يقيم وكيف تعرّف أحمد عليه.
ورجحت شقيقة الضحية أن يكون أخوها قد هدد البدور بفضح أمره في حال لم يعالج ألمه، ما دفع الطبيب إلى قتله.
وأفادت عائلة الضحية للقناة المحلية الرابعة التابعة لشبكة «أن بي سي» بأن ناصرالدين كان يعاني من ألم الأسنان طيلة الأسبوع الماضي بعد خضوعه لعملية استئصال عصب أجراها البدور في منزله مقابل مئة دولار فقط.
وذكر تقرير القناة الرابعة بأن البدور حاول الحصول على تصريح بمزاولة مهنة تطبيب الأسنان في ولاية مينيسوتا، إلا أن طلبه قوبل بالرفض لعدم تمتعه بالمؤهلات المطلوبة.
ونقلت القناة عن أقارب وأصدقاء الضحية استياءهم من السلطات المحلية التي تجاهلت إغلاق العيادة غير الشرعية، رغم معرفة جميع سكان الجوار بوجودها منذ عدة سنوات، حيث كان المرضى يزورونها بانتظام.
وأقامت عائلة الضحية جنازة لابنها المغدور في «دار الحكمة الإسلامية» بديربورن هايتس يوم الأحد الماضي، قبل أن يتم نقل جثمانه إلى لبنان ليوارى الثرى في بلدة الشهابية في قضاء صور.
وأحيى ذوو الفقيد وأصدقاؤه حفل شموع تخليداً لذكرى المأسوف على شبابه، وهو أخ لثلاث شقيقات والابن الوحيد للحاج علي ناصر الدين والحاجة خديجة حجيج، وقرأوا على روحه سورة الفاتحة، داعين الله عزّ وجلّ أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنانه.
كما طالبوا السلطات القضائية بإنصاف عائلة ناصر الدين وإحقاق العدالة في هذه الجريمة التي صدمت مجتمع الجالية العربية في منطقة ديترويت، عبر إدانة الجاني والحكم عليه بالعقوبة التي يستحقها بسبب إقدامه على قتل شخص بريء ضاقت به السبل، إضافة إلى مزاولته العمل بشكل غير قانوني غير آبه بمتطلبات السلامة وأخلاقيات المهنة الطبية.
أما البدور فقد مثل أمام القاضي في محكمة ديربورن، مارك سومرز، يوم الأحد المنصرم، حيث وجهت إليه تهمتا القتل مع سبق الإصرار وارتكاب جناية مسلحة، وقد تم احتجازه من دون كفالة إلى حين مثوله أمام القاضي سالم سلامة صباح 18 يوليو الجاري.
Leave a Reply