مواقف نارية لرئيس «القوات اللبنانية»: لحدّ هون وبسّ!
يشكل الخلاف بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» حول الحصة الوزارية، العقدة الأكثر استعصاءً على المعالجة حتى الآن. صحيح أن ولادة الحكومة تصطدم أيضاً بعقدة درزية، إلا أن العارفين يؤكدون على أنها قابلة للحل متى تم فض الخلاف المسيحي الذي يغذيه صراع محموم على النفوذ وربما على رئاسة الجمهورية المقبلة بين كل من رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل، وبين رئيس «القوات» سمير جعجع، بعدما تعطل «تفاهم معراب»، وصار لا محل له من الإعراب.
ولكن، ما هي رواية جعجع حول مسار المفاوضات الحكومية وكي يفسر هذا التجاذب الحاد حول التمثيل المسيحي؟
يقول جعجع لـ«صدى الوطن» إن البلد لا يمكنه أن يعالج أزماته المتراكمة إذا لم تكن هناك حكومة منتجة، مشدداً على ضرورة الإسراع في تشكيلها وفق قواعد سليمة، ومشيراً إلى أن «القوات» تستحق 6 مقاعد وزارية يُراعى من ضمنها الحلفاء تبعاً لما يلحظه اتفاق معراب، لكن الوزير جبران باسيل تنصل من هذا الاتفاق بحجة أننا ضد العهد وهي حجة مردودة لأن اعتراضاتنا على بعض الأمور كانت لخدمة العهد من قبيل إصرارنا على أن يمر ملف الاستعانة ببواخر الكهرباء في دائرة المناقصات لتأمين أعلى درجات الشفافية الممكنة.
لولانا ما كان عون رئيساً
ويلفت جعجع إلى أن «التيار الوطني الحر» اعتمد الانتقائية في تطبيق الاتفاق، إذ أخذ منه ما يريده وأهمل ما لا يناسبه، «علماً أنه لولا موقفنا الداعم لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية ما كان ليصل إلى قصر بعبدا، بل إن سليمان فرنجية كان الأوفر حظاً بفعل حصوله على التأييد السعودي–الفرنسي خارجياً ودعم الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط داخلياً، وبالتالي لو انتظرنا أسابيع قليلة في حينه لكان فرنجية قد انتخب بدل عون».
ويدعو جعجع إلى اعتماد معيار واحد في تشكيل الحكومة، ينطبق على الجميع من دون استنسابية، مؤكداً أنه إذا جرى الانطلاق من أن «القوات» تمثل 31 بالمئة من المسيحيين، أي ثلثهم، وفق اعتراف باسيل نفسه فإنها يجب أن تنال ثلث المقاعد المسيحية في الحكومة أي خمسة وزراء، وإذا تم الارتكاز على قاعدة وزير لكل أربعة نواب يحق لـ«القوات» أن تتمثل بأربعة وزراء استناداً إلى كتلتها المكونة من 15 نائباً، «لكن هناك من يرفض إنصافنا ويصر على محاولة تحجيمنا وهو الأمر الذي لن نسمح به».
ويبدي جعجع أسفه لطريقة تعامل «التيار الوطني الحر» مع شريكه المفترض في تفاهم معراب، وسعيه إلى الاستئثار بالجزء الأكبر من الحصة المسيحية في الحكومة خلافاً لكل المعايير، «في حين أن تحالف حركة أمل–حزب الله قدم على سبيل المثال نموذجا مختلفاً تماماً من التعاون على رغم التفاوت في الحجم بينهما».
المربع الأول
ويلفت جعجع إلى أنه قدم خلال المرحلة السابقة من المفاوضات الحكومية تنازلات متلاحقة، «إلا أننا فوجئنا بأنه لم يتم التجاوب معها، وبالتالي فأنا أعلن عن سحب كل تلك التنازلات والعودة بمطالبنا إلى المربع الأول، موضحاً أننا طلبنا في البداية الحصول على خمسة حقائب وزارية من بينها واحدة سيادية لكن الرئيس المكلف سعد الحريري ضغط علي وقال لي: يا سمير، انت تعرف الوضع الحساس للبلد وصعوبة الوضع الاقتصادي وأتمنى عليك أن تبدي بعض المرونة».
ويشير رئيس «القوات» إلى أنه استجاب لطرح الحريري، «وقبلت بتخفيض سقفناً من خمسة حقائب إلى أربعة تتضمن واحدة سيادية، لكن السلبية حيالنا استمرت، فعاد الحريري وتمنى علي إظهار مرونة إضافية، فوافقت على الاستغناء عن «السيادية» ضمن الحصة الرباعية على أن تُستبدل بحقيبة خدماتية وازنة. وعلى هذا الأساس، رفع الحريري صيغة حكومية إلى عون مؤخراً، إلا أنها رُفضت أيضاً».
ويقول جعجع: لقد تنازلنا عن حقنا في خمسة حقائب، وعن نيابة رئيس الحكومة والحقيبة السيادية، رغم أننا نشكل القوة المسيحية الثانية، فماذا يريدون بعد؟ ربما لو استطاعوا أن يفرضوا علينا القبول بوزيرين فقط ما كانوا ليقصروا. نحن لن نطلق النار على أنفسنا إرضاء لأحد.
لا أسباب خارجية للتأخير
ويؤكد جعجع أنه لن يقبل بأن يعيدنا أحد إلى ما قبل الانتخابات النيابية ولن نسمح بأن يُنتزع منا ما ربحناه في صناديق الاقتراع من تمثيل شعبي يجب أن ينعكس حضوراً وازناً لنا في مجلس الوزراء، «علماً أن البعض تفاجأ بما حققناه من نتائج ولا يريد للموجة القواتية أن تصل بكل زخمها إلى الحكومة المقبلة»، متابعاً: «عندما يتعلق الأمر بالحقوق ما في أبو ملحم.. بيكفّي، لحد هون وبس».
ويجزم جعجع بأنه لا توجد أسباب خارجية خلف عرقلة تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أن السعودية وإيران لا تتحملان مسؤولية التأخير، «بل هذه المرة تقع المسؤولية بالكامل على عاتقنا»، مؤكداً أن «القوات» لا تريد منّة أو بقشيشاً من أحد، و«إنما نريد ما نستحقه، من دون زيادة أو نقصان».
ويعتبر أن هناك شخصاً «يستهدفنا» (في إشارة إلى باسيل)، «لكن المفارقة أن من يستهدفنا هو في أزمة مع معظم الأطراف تقريباً، في حين أن علاقة «القوات» جيدة مع الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، ومقبولة مع الرئيس نبيه بري وتيار المردة».
ويلفت جعجع إلى أن باسيل يرفض حاليا التحاور معنا، موضحاً «أن عون تمنى علي عندما زرته قبل فترة أن نفتح خطاً مع باسيل فطلبت من الوزير ملحم رياشي أن يلتقيه، وهذا ما حصل، لكن اللقاء لم يكن جيداً لأن باسيل كان سلبياً»، متسائلاً: ما المطلوب منا، هل نأتي به مخفوراً إلى معراب حتى يحاورنا بالقوة؟
ويشير جعجع إلى أن هناك من يفضل أن تبقى «القوات» خارج الحكومة الجديدة، «إلا أنني أؤكد أنه لا حكومة من دوننا، علماً أن الوجود في المعارضة قد يكون مربحاً أكثر في هذه المرحلة، لكننا لا نقارب الأمر من هذه الزاوية، بل نحن نعتقد أن من واجبنا المشاركة حتى نساهم في معالجة الملفات والأزمات التي تواجه لبنان على مستويات عدة».
Leave a Reply