يوحي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أمام بعض زواره هذه الأيام بأنه يستعجل انتهاء المرحلة الانتقالية التي يتطلبها انتقال مقاليد الزعامة والسلطة، منه إلى ابنه تيمور.
يجزم جنبلاط بأنه حاسم في خياره بعدم الترشح إلى الانتخابات النيابية التي سيخوضها تيمور، ليشغل مقعد والده في مجلس النواب. والانتخابات ستكون بالنسبة إلى جنبلاط–الابن شكلية، ومجرد مناسبة لتزكية فوزه، باعتبار أن النتيجة محسومة سلفاً من الآن، وبالتالي يمكن القول إن تيمور هو بمثابة نائب مع وقف التنفيذ.
تهيئة الوريث
وفي انتظار الشرعية النيابية، يواصل تيمور خوض المناورات التحضيرية بالذخيرة السياسية الحية، سواء لجهة مواظبته على استقبال الوفود الشعبية في قصر المختارة ومتابعة مطالبها، أو لجهة المشاركة في نشاطات والده واجتماعاته كما حصل مؤخراً حين رافقه إلى موسكو وحضر اللقاءات التي عقدها وليد جنبلاط مع المسؤولين الروس.
أما رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي، فإن تجييرها إلى تيمور يحتاج إلى وقت إضافي، في انتظار نضوج شروط هذا الانتقال على المستوى البيئة الحزبية واكتمال جهوزية الابن لتحمل هذه المسؤولية التي يبدو أنها ستظل ملقاة على كاهل الأب حتى إشعار آخر.
حين يُسأل جنبلاط عن سبب اصراره على التوريث، يجيب: «وقفت عليّ؟»، وهل أنا الوحيد الذي يعتمد هذا التقليد في لبنان؟ مشيراً إلى أن المهم هو أن يثبت الوارث كفاءته وجدارته في تولي المسؤولية التي ستلقى على عاتقه.
ويقول جنبلاط لـ«صدى الوطن» إنه يمهد الطريق أمام تيمور في كل المجالات، «وآخرها رحلتي إلى موسكو التي كان مشاركاً فيها»، مشدداً على أنه «لا تجوز المقارنة بيني وبينه»، ولافتاً الانتباه إلى أنه «كان مختلفاً عن والده كمال جنبلاط، وابني سيختلف عني، وكل ما أتمناه أن تكون ظروفه أفضل».
ويؤكد جنبلاط أنه لا يناور في مسألة التقاعد السياسي، مشيراً إلى أنه بات يشعر بالتعب ويتطلع إلى أن يستكمل ابنه في اقرب وقت ممكن الجهوزية المطلوبة ليتولى دور القيادة، «حتى أستطيع أن أرتاح، وأنا أعني ما اقول».
عن الأزمات الإقليمية
وحول رأيه في معركة تحرير جرود عرسال، يشير جنبلاط إلى أن الجرود كانت مدرجة أصلاً ضمن خطة «حزب الله» وحساباته، معتبراً أن إبعاد «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» عن منطقة الحدود اللبنانية وتحقيق الامن والحماية لأهل عرسال ولمخيمات النازحين، يشكل أمراً أساسياً.
ويشدد جنبلاط على أنه لا يقبل المواقف العنصرية التي تطالب بعودة النازحين السوريين بأي ثمن، معرباً عن تأييده للموقف المهم للرئيس ميشال عون الذي دعا إلى عدم بث الاحقاد بين الشعبين اللبناني والسوري.
ويعتبر جنبلاط أن النازحين يعودون عندما تتوافر ظروف الحل السياسي وشروط سلامتهم.
وماذا عن قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب بوقف برنامج المساعدات للمعارضة السورية؟ يلفت جنبلاط الانتباه إلى أن الولايات المتحدة لم تدعم أساساً المعارضة بجدية، موضحاً أنها دعمتها منذ العام 2013 ببعض السلاح لكنها لم تمنحها قط السلاح النوعي والأساسي المضاد للطائرات، ولاحقاً حصلت الصفقة على سوريا بين الرئيسين ترامب وبوتين.
ويؤكد جنبلاط أن بعض الدول العربية أدخلت عناصر تخريبية إلى سوريا على حساب الشعب السوري، من دون أن يسمي هذه الدول.
وحول مقاربته للنزاع بين قطر والدول العربية المحاصرة لها، يبدي جنبلاط تأييده لوساطة أمير الكويت «العاقل والحكيم»، مشيراً إلى أن مجلس التعاون الخليجي هو آخر ما تبقى من التضامن العربي، «وإذا سقط قد تلحق به منظمة أوبيك النفطية».
وعن زيارته الأخيرة إلى موسكو، يؤكد جنبلاط أن عمر صداقة الحزب التقدمي الاشتراكي مع روسيا أو الاتحاد السوفياتي سابقاً تعود إلى عقود من الزمن، «ويجب الإقرار بأن موسكو ساعدتني في السلاح والتدريب خلال فترة الحرب كما قدمت لنا المنح الدراسية»، ويتابع: «حصل بعض التوتر بيننا بفعل الأزمة السورية، لكننا تجاوزناه»..
وعندما سئل جنبلاط عن حقيقة تمسكه ببقاء موقع السفير اللبناني لدى روسيا بحوزة الدروز، يجيب: قيل لي إن الروس يريدون سفيراً من الروم الأرثوذكس، وقد تبين أن هذه المسألة غير صحيحة وهي من اختراع وزير الخارجية جبران باسيل وبعض الذين يمثلون الكنيسة اللبنانية الأرثوذكسية في موسكو.
ملفات داخلية
يؤكد جنبلاط أن التعيينات الدبلوماسية الأخيرة في لبنان جرت على أساس المحاصصة المعتادة.
ويعتبر جنبلاط أن زيارة الرئيس سعد الحريري إلى واشنطن كانت ضرورية في هذا التوقيت، «لاسيما أنني سمعت بأن الأميركيين قد يعيدون النظر بعد بضعة أشهر بالمساعدات العسكرية للجيش اللبناني، وهذه ستكون ضربة قوية للجيش»، مشدداً على وجوب استمرار المساعدات الأميركية للمؤسسة العسكرية.
ويوضح جنبلاط أن التوتر الذي طرأ مؤخراً على علاقته مع الحريري هو قيد المعالجة حالياً، من غير أن يخوض في التفاصيل.
وبالنسبة إلى أسباب برودته حيال قانون الانتخاب الجديد، يرى جنبلاط أن هذا القانون فريد من نوعه في العالم، مشيرا إلى أنه يضرب النسبية ويشوهها، ويعيدنا بفعل الصوت التفضيلي إلى القانون الارثوذكسي، لأن كل طائفة ستمنح هذا الصوت للمنتمي اليها..
وفي ما خص سلسلة الرتب والرواتب التي أقرها مجلس النواب، يعرب جنبلاط عن عدم ثقته في القدرة على استيفاء كل الضرائب والرسوم المعتمدة لتمويل السلسلة، في ظل الهدر الهائل والفساد المستشري، معتبراً أنه كان يجب التركيز على معالجة هذا الهدر والفساد والمباشرة في إصلاح إداري حقيقي.
ويتوقف جنبلاط عند الغرامات المقررة على مخالفات الأملاك العامة البحرية، لافتاً الانتباه إلى أن المصالح المرتبطة بهذا الملف أقوى بكثير من الدولة، من سوليدير حتى طرابلس، ومتسائلاً عن إمكانية استيفاء هذه الغرامات عملياً، علماً أنه يستغرب –من حيث المبدأ– كيف انه تقرر تغريم اصحاب المخالفات مرة واحدة فقط.
Leave a Reply