قلق من تسوية سورية-أميركية وبقاء النظام السوريهل خذلته الادارة الاميركية وبدأ مشروع بوش بالإنهيار؟
اعتاد اللبنانيون على تبديل النائب وليد جنبلاط لمواقفه وتغيير موقعه السياسي، والاستدارة مع التحولات، واعطي صفة المتقلب، حتى ان الكثير من المواطنين والعاملين في الحقل السياسي، كانوا لا يصدقونه وينتظرون منه ان يعود عن مواقفه، وكان التعامل معه بحذر.بدأت لهجة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تنخفض بعد زيارته الاخيرة لواشنطن عن السقف السياسي الذي وقف تحته بعد ان كان يهاجم المقاومة وقيادتها واطراف المعارضة، وكان يرفض اي تسوية قد يلجأ اليها احد من حلفائه الذين هددهم بالاعدام السياسي والمعنوي، بعد ان بدأ عدد من النواب يؤكد على ضرورة حصول الدورة الاولى في انتخابات رئاسة الجمهورية بنصاب الثلثين من اعضاء مجلس النواب، واكد على ان الفريق الحاكم قد يلجأ الى الانتخاب بالنصف زائداً واحداً، وانه يرفض المرشح التوافقي لانه سيكون لسوريا حصة فيه.
ففي زيارته الاخيرة الى الولايات المتحدة، عاد رئيس «اللقاء الديمقراطي» بإنطباع ان لا موقفاً موحداً حول الانتخابات الرئاسية، وانه يوجد اكثر من تفسير للمادة 49 من الدستور بين المسؤولين الاميركيين، مما خلق تناقضاً لديه في مواقفهم، حيث لم يصل معهم الى ضمانات حول امكانية حصول انتخابات بالنصف زائداً واحداً كما ترغب قوى 14 شباط، فكل ما حصل عليه هو انه لا مانع لدى الرئيس بوش من وصول مرشح من «ثورة الارز» وفق ما ابلغه للنائب سعد الحريري.فبعد كل رحلة لجنبلاط الى اميركا، يعود بإنطباع ان حلفاءه الجدد سيتخلون عنه في اي لحظة، ومع اي تحول اقليمي او دولي، ولمس بأن ثمة خيوطاً بين واشنطن ودمشق، وانه لا يوجد قرار اميركي بإسقاط النظام او احتلال سوريا كما تمنى ورغب وطالب المسؤولين الاميركيين بذلك، ولم تتم الاستجابة له، وظن ان الرئيس بوش سيتعامل مع الرئيس بشار الاسد، كما فعل مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين باسقاطه، حيث شجعته المعارضة العراقية على ذلك، لكن تبين فيما بعد ان الحرب على العراق استفادت منها ايران ووصلت القوى السياسية المتحالفة معها ومع سوريا الى السلطة.ومنذ فترة بعيدة، يقول جنبلاط في مجالسه، انه لايعرف الوقت الذي ستقدم فيه اميركا لبيع حلفائها، وهذا ما فعلته مع اكثر من حليف لها في العالم، اذ تخلت عنهم في لحظات، وهو يخشى ان يحصل ذلك معه ومع حلفائه، اذا ما حصلت تسوية ما، وتحديداً بين اميركا وسوريا التي يقول جنبلاط انها تعرف كيف تبيع وتشتري ومتى واين، وهو قلق من حصول ذلك، مع الانفتاح العربي والدولي عليها، بعد زيارة العاهل الاردني اليها وهو لا يزورها دون ضوء اخضر
اميركي وموافقة عربية وتحديداً السعودية ومصر، وكذلك الاتصال الذي اجراه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مع الرئيس الاسد، بعد زيارة موفدين من قبله الى دمشق، مما اقلق زعيم المختارة، الذي بدأ يبحث عن مخارج لمأزقه الذي وضع نفسه فيه، بعد ان ارتهن للمشروع الاميركي في المنطقة ولبنان، ووضع كل اوراقه في واشنطن التي كانت تطمئنه من وقت الى آخر بأنها لن تقايض على لبنان وسيادته، وهي لن تساوم سوريا على حساب لبنان وحلفائها فيه، لكن هذه التطمينات كانت تخرقها زيارات اوروبية الى دمشق اضافة الى وفود اميركية كان ابرزها زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي تحدثت عن ان الحل في لبنان والمنطقة يمر بسوريا، وهو ما اوصى به تقرير لجنة بايكر-هاميلتون.لقد اصيب جنبلاط بصدمة من الحوار مع سوريا والاعتراف بحجمها الاقليمي ودورها في لبنان، وتحديداً في رئاسة الجمهورية، وتبين له ان اي مرشح لن يمر دون موافقة القيادة السورية التي استطاعت ان تملك حق «الفيتو» على كل مرشح معاد لها، وقد تم الاخذ به من قبل العديد من الموفدين الاوروبيين والعرب.ظن جنبلاط ان التحولات الدولية والاقليمية ستكون لصالحه، وانه جاء الوقت للاقتصاص من سوريا، لكن خذلته مصالح الدول، وخاف من ان يكون ضحيتها، فقرر الاستعجال الخروج من لعبتها، ويرتد الى الداخل اللبناني، ويدعو الى التوافق وعدم تطبيق القرارات الدولية وتحديداً نزع سلاح المقاومة الذي لا يقبل ان يحصل على جثث اللبنانيين، بل دعا الى تجميدها.وما اقلقه ايضا هو نمو «تيار التوحيد اللبناني» الذي يترأسه الوزير السابق وئام وهاب في منطقة الجبل، ووجود مناصرين له في كل القرى والبلدات، وذهب به الامر الى الشكوى منه لدى الادارة الاميركية، فتجاوبت معه واصدرت قراراً يحظر السفر على وهاب وشخصيات اخرى معارضة الى الولايات المتحدة، كما اصدرت قراراً ثانياً بتجميد امواله، وهذا ما ترك جنبلاط يقول بأن ما قدمه لنا البيت الابيض هو هذه القرارات التي لا قيمة لها، وكنا نرغب اسقاط النظام السوري، وتبين ان قرارات بوش اعطت وهاب زخماً سياسياً ودعماً شعبياً، بان رئيس اكبر دولة في العالم قلق على سياسته وعلى حلفائه من رئيس «تيار التوحيد اللبناني».لذلك ذهب جنبلاط الى قريطم، وابلغ حلفاءه بأنه مع المرشح التوافقي وضد انتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً، لانه لا يريد ان يتبادل اطلاق النار مع وهاب في الجبل مما حدا بسمير جعجع الى سؤاله، هل غيّرت موقفك فرد عليه نعم واكد على ما اعلنه، ثم ذهب الى مجلس النواب يوم جلسة الانتخاب في 23 تشرين الثاني، واكد للرئيس نبيه بري انه مع جلسة بحضور ثلثي اعضاء المجلس، وانه ضد اي حرب اهلية، حيث ترك موقفه تساؤلات، وجاء الرد من جنبلاط نفسه، بأن المشروع الاميركي يتهاوى في المنطقة، وان سوريا تتقدم، والمقاومة لم تفقد بريقها، وهي اصبحت اكثر قوة، كما ان المعارضة تستطيع ان تسيطر على لبنان لو ارادت.كل هذه المعطيات دفعت بجنبلاط الى تخفيض سقف خطابه السياسي، واظهار اعتداله، ورغبته بالحوار والتوافق، وهو يؤكد ان خياره السياسي قد فشل مع بدء انهيار المشروع الاميركي وسبق له ان اعلن قبل اكثر من عام ايضا وبعد زيارة واشنطن ان مشروع المعارضة انتصر اثناء جلسات اللقاء التشاوري في مجلس النواب.لكن هل سيتم التجاوب مع عودة «الابن الضال» الى حلفائه السابقين في «حزب الله» و«امل» والاحزاب الوطنية وسوريا وايران.لا تبدو ان الطريق امام جنبلاط سهلة، لانه تخطى كل المحظور في مواقفه ضد المقاومة وقائدها السيد حسن نصرالله وضد سوريا ورئيسها بشار الاسد، وان الاعتذار منه قد لا يفيد ايضاً…
Leave a Reply