دعوات للسماح للبنانيين بالبقاء والعمل في الولايات المتحدة بسبب الأزمة الخانقة في وطنهم الأم
واشنطن – تقود النائبتان الأميركيتان عن ولاية ميشيغن، رشيدة طليب (ديترويت) وديبي دينغل (ديربورن) بالتعاون مع منظمات محلية غير ربحية، جهوداً مستمرة في أروقة العاصمة واشنطن لحث إدارة الرئيس جو بايدن على إدراج لبنان ضمن نظام «الحماية المؤقتة» TPS، مما سيتيح لمواطنيه المتواجدين في الولايات المتحدة بموجب تأشيرات مؤقتة، فرصة البقاء والعمل بشكل قانوني دون أن يضطروا إلى العودة لوطنهم الأم الذي يعاني من أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية متعددة الأوجه.
وقالت النائبتان الأميركيتان –في رسالة حظيت بتأييد ما لا يقل عن 80 عضواً في مجلس النواب الأميركي، بالإضافة إلى عشرات المؤسسات غير الربحية، ومن ضمنها العديد من المنظمات العربية الأميركية– إن لبنان «ليس في وضع يسمح له بقبول عودة مواطنيه بأمان في هذا الوقت».
وأضافت الرسالة الموجهة إلى الرئيس بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس: «نحن نسمع كل يوم من سكاننا وأفراد عائلاتنا عن الظروف الأليمة في لبنان، ونؤمن بشدة أن الولايات المتحدة يجب أن تعمل لمساعدة الشعب اللبناني في وقت حاجته».
وجاء في الرسالة أن «كوفيد–19» وانفجار بيروت الكارثي والانهيار الاقتصادي والمأزق السياسي اجتمعت لتخلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخ لبنان.
وقالت: «نظراً لحجم الأزمة، نحثك على ممارسة سلطتك التقديرية التنفيذية لتوفير الحماية للمواطنين اللبنانيين الموجودين حالياً في الولايات المتحدة، من خلال تصنيف لبنان في حالة الحماية المؤقتة TPS أو المغادرة القسرية المؤجلة DED، والسماح للمتضررين بالعثور على ملاذ آمن في بلدنا»، مؤكدة أن «إبعاد العائلات التي هي في أمس الحاجة إلى ملجأ يتعارض مع كل ما نؤيده نحن الأميركيين». كما حثت الرسالة، بايدن على استخدام جميع الأدوات المتاحة له للترحيب بالنازحين اللبنانيين بسبب الوضع المتدهور في بلدهم.
ويمكن منح «الحماية المؤقتة» للبنانين إما عبر قرار من البيت الأبيض أو عبر تشريع من الكونغرس.
وكانت طليب ودينغل قد قدمتا رسالة مماثلة إلى إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عقب انفجار مرفأ بيروت العام الماضي. ورغم حصولهما على تأييد أكثر من 80 عضواً في الكونغرس، إلا أن جهودهما لم تلق آذاناً صاغية حينها.
ويتم منح تصنيف «الحماية المؤقتة» لمدة 18 شهراً قابلة للتجديد حسب تقدير الإدارة الأميركية. وحالياً هناك عدد محدود من البلدان المشمولة بحماية TPS، من بينها اليمن وسوريا وهايتي والسلفادور.
و«وضع الحماية المؤقت» يسمح للأشخاص من بلد معين بالبقاء في الولايات المتحدة طالما أن الظروف في بلدهم الأم تحول دون عودتهم الآمنة. ويمكن أن يقوم وزير الأمن الداخلي بإدراج دولة ضمن نظام «وضع الحماية المؤقتة» إذا كانت الدولة تعاني من نزاع مسلح أو كارثة طبيعية أو غيرها من الظروف الاستثنائية المؤقتة.
ونالت رسالة طليب ودينغل توقيع ثلاثة نواب آخرين عن ميشيغن، هم برندا لورنس (ساوثفيلد)، آندي ليفين (بلومفيلد) وإليسا سلوتكين (هولي). كما حظيت الرسالة بتأييد قيادات تشريعية في الحزب الديمقراطي، على رأسهم رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيري نادلر (نيويورك)، ورئيسة اللجنة القضائية الفرعية التابعة لمجلس النواب المعنية بالهجرة والمواطنة، النائبة زووي لوفغرين (كاليفورنيا).
وفي حديث مع «صدى الوطن»، أكدت طليب أن نظام «الحماية المؤقتة» يسمح لحاملي التأشيرات، غير تأشيرة الهجرة، بالاستقرار وعدم القلق بشأن انتهاء صلاحية تأشيراتهم.
وساقت طليب أمثلة على أنواع التأشيرات التي يشملها نظام «الحماية المؤقتة»، مثل تأشيرات الطلاب والزائرين، إضافة إلى تأشيرات العمل، والحائزين على الإقامة المؤقتة في الولايات المتحدة.
طليب، التي تتمتع بخبرة طويلة في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين، أفادت بأن «الحماية المؤقتة» يمكن أن تقتصر على مدة عام في بعض الأحيان، وهي تمنح الأفراد فرصة العمل طالما أنهم مشمولون بنظام TPS.
من جانبها، أشارت دينغل إلى أن الجالية اللبنانية في منطقة ديترويت طلبت منها المساعدة بشأن «الوضع المتدهور في لبنان»، لافتة إلى أن منطقة ديترويت تضم «أكبر جالية لبنانية في الولايات المتحدة».
وقالت دينغل: «الناس لا يفهمون طبيعة الأزمة، فاللبنانيون ليس لديهم كهرباء ولا دواء ولا مياه نظيفة، وليس لديهم طعام.. إنهم يتضورون جوعاً».
وأضافت في حديث مع «صدى الوطن»: «إذا حصلنا على تصنيف TPS أو DED، فسوف تتم حماية اللبنانيين من الترحيل، لأن بلدهم ليس آمناً لكي يعودوا إليه».
دينغل، التي تشغل منصب الرئيس المشارك لـ«تجمع الصداقة بين لبنان وأميركا»، كانت قد طالبت الإدارة الأميركية –مؤخراً– بتقديم الدعم للمؤسسات الرئيسية في لبنان، لاسيما مؤسسات التعليم العالي والنظام الصحي التي تواجه مخاطر الانهيار المحتمل.
جهود موازية
وتبنى مضمون الرسالة، العديد من المنظمات العربية الأميركية والمنظمات المعنية بالهجرة، لاسيما في ولاية ميشيغن، ومن ضمنها «اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» ADC، و«المعهد العربي الأميركي» AAI، و«أكسس»، و«مركز ميشيغن لحقوق المهاجرين» MIRC و«ميشيغن يونايتد».
وقال المحامي عبد أيوب، المدير القانوني لـ«أي دي سي»: إن التحرك يحظى حتى الآن بدعم عشرات المنظمات غير الربحية،، لافتاً إلى أن الانهيار الاقتصادي والأزمة السياسية والحرب الأهلية المحتملة تجعل لبنان مرشحاً مثالياً لنظام الحماية المؤقتة.
وتقود «أي دي سي» جهداً منفصلاً عن جهود الكونغرس، عبر تقديم التماس مشترك مع منظمات غير ربحية أخرى، إلى الإدارة الأميركية لإدراج لبنان في نظام الحماية المؤقتة.
وقال أيوب لشبكة «الجزيرة» إنه يمكن للحماية المؤقتة أن تشمل أكثر من 28 ألف لبناني موجودين حالياً في الولايات المتحدة بموجب تأشيرات مؤقتة، مثل السياحة والدراسة، نافياً إمكانية أن يؤدي هذا التصنيف إلى تدفق المهاجرين من لبنان إلى الولايات المتحدة.
وأوضح أيوب أن على واشنطن أن تنظر إلى لبنان من منظور إنساني بسبب تأرجحه على شفا الانهيار الكامل.
ويعاني لبنان من نقص حاد في السلع الأساسية، بما في ذلك الوقود والأدوية مع تصاعد التضخم، وفقدان الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها منذ عام 2019. ولا يزال لبنان بدون حكومة منذ أكثر من عام وسط مأزق سياسي معقد منذ استقالة رئيس الوزراء حسان دياب عقب انفجار مرفأ بيروت الكارثي.
وجاء في مسودة التماس «أي دي سي»: «لقد استثمرت الولايات المتحدة بالفعل مليارات الدولارات على مدى السنوات العشر الماضية في تعافي لبنان، وتصنيف TPS سيعزز هذا الاستثمار. كما ويشكل استقرار لبنان مفتاحا لاستقرار المنطقة والتي تعتبر من ضمن أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة».
عريضة شعبية
وفي السياق نفسه، أطلقت الناشطة العربية الأميركية جنى الحاج حسن، موقعاً إلكترونياً لجمع التواقيع وإبراق الرسائل لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، لحث الإدارة الأميركية والكونغرس على الإسراع في إقرار نظام «الحماية المؤقتة» للبنانيين المتواجدين حالياً على الأراضي الأميركية.
وجاء في نص العريضة الشعبية عبر الموقع الإلكتروني www.tpsforlebanon.com: «طلبنا بسيط للغاية، نطالب الإدارة بمنح الحماية المؤقتة لمواطني لبنان، وهذا يحدث عبر وزير الداخلية، بتوجيه من الرئيس».
كما يمكن من خلال الموقع إبراق رسالة إلى أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي، لحثهم على إدراج لبنان في نظام «الحماية المؤقتة».
وتقول الرسالة الموجهة إلى المسؤولين المنتخبين تحت قبة الكابيتول: «بصفتي ناخباً في دائرتك، أكتب إليك اليوم لأحثك على العمل مع إدارة بايدن لمنح وضع الحماية المؤقتة لمواطني لبنان. من الضروري أن يعمل الكونغرس الأميركي مع الإدارة الأميركية لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية المتنامية».
وتلفت الرسالة إلى أنه بالتزامن مع تدهور الأوضاع في لبنان «مع عدم وجود ضوء في الأفق»، هناك صعوبة كبيرة في تلبية طلبات تأشيرات الهجرة التي تمنح على أساس عائلي، «ما يجبر أفراد الأسر الأميركية على الاستمرار في القلق بشأن عائلاتهم في لبنان حيث تفتقد الضروريات الأساسية للعيش كالطعام والكهرباء والبنزين وغيرها».
وتختم الرسالة بالقول: «بصفتي ناخباً في دائرتك، أحثك على دعم السياسات الإنسانية والعمل على منح الحماية المؤقتة لمواطني لبنان».
Leave a Reply