إلى جانب جوائز الأوسكار المعروفة، التي تمنح للأفضل في المجال السينمائي، توجد جوائز أخرى، أقل شهرة بطبيعة الحال، ولكنها لا تفتقد للمعنى، تعرف بجوائز الـ”رازي” وهي تمنح للأسوأ في عالم السينما. فمقابل جائزة الأوسكار التي تمنح لأفضل فيلم، توجد جائزة “رازي” لأسوأ فيلم، ومقابل جائزة الأوسكار لأفضل ممثل في العام، توجد جائزة “رازي” لأسوأ ممثل، وهكذا..
ومع أن هذه “الفكرة” التي أوجدها جون ويلسون في بداية ثمانينات القرن الماضي، تكاد تصادم المألوف وتخالف المنطق العام، إلا أنها في العمق تتسق مع الثقافة الأميركية التي ترى أنه “ليس من الضروري أن تكون الأول، ولكن حاول ألا تكون الأخير”..
وفي التدقيق، يكتشف المرء أن معانيَ إضافية تنطوي عليها جوائز الـ”رازي”، منها الشجاعة الأدبية والشخصية، والروح الرياضية، القادرة على الاعتراف بالفشل. واللافت أن الكثير من الممثلين والفنانين الأميركيين قبلوا برحابة صدر، وطرافة، هذه الجوائز التهكمية التي لا تتجاوز قيمة الواحدة منها أكثر من خمس دولارات، وحرصوا على المشاركة في حفلات “التتويج” المتواضعة، التي تنقلها كبرى القنوات التلفزيونية (“سي أن أن”، مثلا) من دون شعورهم بالإهانة والتجريح، أو مخاصمة المنظمين واتهامهم بالاستعداء لهم، أو السخرية منهم، أو التعريض بهم..
وبالطبع، لا معنى لاقتراح مثل هكذا جوائز في عالمنا العربي، كجوائز أسوأ فيلم عربي، أو أسوأ ممثل، أو أسوأ ديوان شعر.. إلخ، بسبب الاختلافات البنيوية بين الثقافتين والمزاجين العربي والأميركي.
ولكن، ما دمنا كجالية نعيش في الولايات المتحدة، وفقط من أجل اختبار التأثيرات الثقافية الأميركية على “تجربتنا” في هذه البلاد، تعالوا نقترح إنشاء مثل هذه الجوائز. وطالما أننا بعيدون عن السينما إنتاجاً ومتابعة، إذن فلنقترح جوائز للأسوأ في المجالات التي تعنينا وننشط بها..
جوائز من قبيل، جائزة أسوأ شيف عربي، وجائزة أسوأ صاحب محطة بنزين، وجائزة أسوأ “ليدر” بكل الميادين (نعاني من صعوبة كبيرة في تعريب هذه الكلمة، التي غالباً ما تترجم بكلمة “ناشط”، لأنه وعلى رأي أحد الأصدقاء الظرفاء، وأثناء الكتابة عن أحدهم، قال واصفا ذلك الشخص: إذا رأى كلمة “قائد” بجانب اسمه، فإن رأسه لا يعود يحمله). ويمكن أن تتضمن جوائز أسوأ ناشط: جائزة لأسوأ ناشط سياسي، وجائزة أسوأ مطبل ومزمر لأسوأ ناشط سياسي، وجائزة أسوأ مركز أو مؤسسة ثقافية من النوع الشائع: مؤسسة عربية أميركية تهتم بـ”جسر الهوة بين الثقافات والشعوب”، وجائزة أسوأ صحفي (هذه أحجزها لنفسي)، وجائزة أسوأ عريف احتفال، وجائزة أسوأ مذيع أو مذيعة، وجائزة أسوأ مهرب دخان سابقاً، وجائزة أسوأ “ضارب كريدت كارد”. ولا تستثنوا رجال الدين الذي يريدون التدخل في كل شؤون حياتنا، ما عدا هذه الجائزة بالطبع، وبالتالي ومن باب تكافؤ الفرص، نقترح إنشاء جائزة أسوأ رجل دين، بالشقين الإسلامي والمسيحي، من أجل إظهار التضامن والحوار الديني بين مختلف مكونات الأمة على المنصة وفي الصور المنشورة في الوسائل الإعلامية: يعني جائزة أسوأ شيخ، وجائزة أسوأ خوري، وهكذا..
ومن غير المنتظر أن تلاقي هذه الفكرة قبولاً أو ترحاباً، مع أنها الأكثر منطقية وواقعية من كل ما يجري، فضلاً عن أنه.. ما من أحد يتمتع بالشجاعة، أو بالأخلاق الرياضية، أو حتى.. بخفة الدم يا أخي، لا بل إن اقتراح إسم أحدهم وترشيحه لواحدة من تلك الجوائز، قد يثير مشكلة عويصة من الصعب حلها..
نرفع القبعة لفنانين من ذوي القامات العالية، ذهبوا لاستلام جوائز “الأسوأ” بكل تواضع، مثل النجم بيل كوسبي، وتوم غرين، وبريتني سبيرز، وساندرا بولوك..
Leave a Reply