استوكهولم – بدأ الأسبوع الماضي توزيع جوائز نوبل للعام ٢٠١٢ حيث اقتسم البريطاني جون غوردون والياباني شينيا ياماناكا جائزة نوبل للطب وفاز كل من العالم الأميركي دايفد وينلاند والفرنسي سارج آروش بجائزة نوبل للفيزياء في حين كانت جائزة الكيمياء من نصيب الأميركيين روبرت ليفكوفيتز وبريان كوبيلكا. أما نوبل للدأب فكانت من نصيب الصيني مو يان، وسيتم لاحقاً (مع صدور هذا العدد) إعلان أسماء الفائزين بجوائز نوبل للإقتصاد والسلام.
نوبل الطب للخلايا الجذعية
وقد حصل البريطاني غوردون والياباني ياماناكا عى جائزة الطب بعد أبحاث لهما في علم وظائف الأعضاء لإسهاماتهما في مجال الخلايا الجذعية، مما فتح الباب أمام استحداث تقنيات جديدة لتشخيص الأمراض وعلاجها.
وقالت لجنة جوائز نوبل بمعهد كارولينسكا السويدي في بيان «إن هذه الاكتشافات الثورية غيرت تماما من آرائنا بشأن اكتشاف الخلايا وتخصصها».
ويمكن للنتائج العملية لهذا الاكتشاف أن تتمثل في الحصول على خلايا من الجلد من مرضى لمعرفة المزيد عن أمراضهم وتطوير علاجات جديدة. ويأمل كثير من الباحثين بأنحاء العالم التوصل لإمكانية استنساخ أنسجة أو أعضاء بديلة مما يسمى بـ«خلايا جذعية محفزة متعددة القدرات» والتي لن يرفضها جسم المتلقي لأنها منشأة من جسمه.
وقد خفضت المؤسسة المانحة لنوبل قيمة الجائزة هذا العام بنسبة 20 بالمئة عن العام الماضي بسبب الأزمة المالية والاقتصادية، لتصبح ثمانية ملايين كرون سويدي (ما يعادل نحو 930 ألف يورو).
يُذكر أن الأميركي بروس بويتلر والفرنسي جولس هوفمان حصلا على نوبل في الطب العام الماضي عن أبحاثهما في مجال المناعة الفطرية، بالإضافة إلى الكندي رالف شتاينمان عن اكتشافه للخلايا المتشعبة التي تفعل جهاز المناعة بالجسم. وتم منح شتاينمان الجائزة رغم وفاته بالسرطان قبل الإعلان عن فوزه بفترة قصيرة.
نوبل الفيزياء لفيزياء الكمية
وفي مجال الفيزياء فاز الفرنسي أروش والأميركي واينلاند، بجائزة نوبل للعام 2012، لإنجازاتهما في فيزياء الكمية، وذلك بعد توصلهما إلى أساليب لقياس جسيمات الكمية والتحكم بها من دون تدميرها، ما يتيح الفرصة أمام صنع نوع جديد من أجهزة الكومبيوتر فائقة السرعة استناداً إلى الفيزياء الكمية، وهي مسألة كان يظن الباحثون قبل ذلك أنها مستحيلة.
وتوصل العالمان، وكلاهما يبلغ من العمر 68 عاماً، إلى سبل التحكم في أصغر الجسيمات في المادة والضوء، لرصد سلوك غريب كان لا يمكن سابقاً إلا تخيله في المعادلات والتجارب النظرية.
وقالت لجنة نوبل، في بيان، إن العالمين «فتحا الطريق أمام حقبة جديدة من الاختبارات في الفيزياء الكمية من خلال المراقبة المباشرة لجزئيات كمية فردية من دون تدميرها»، موضحة «ربما يغير كومبيوتر الكمية حياتنا اليومية في القرن الحالي بالطريقة ذاتها التي غيرها الكومبيوتر العادي في القرن الماضي».
ومنحت 105 جوائز في الفيزياء إلى 191 عالماً خلال الفترة بين العامين 1901 و2011، وحصل العالم جون باردين على الجائزة مرتين، فيما فازت امرأتان فقط بالجائزة وهما ماري كوري في العام 1903 وماريا جوبيرت مايور في العام 1963.
يذكر أن من بين أبرز الفائزين في الجائزة، ويلهلم كونراد رونتجن لاكتشافه الأشعة السينية في العام 1901، وجوجليلمو ماركوني لمساهمته في مجال الاتصالات اللاسلكية في العام 1909، وماكس بلانك وهو مخترع نظرية الكمية في العام 1918، وألبرت أينشتاين صاحب نظرية النسبية في العام 1921، بالإضافة إلى وانريكو فرمي لمساهمته في النشاط الإشعاعي المستحث في العام 1938.
نوبل الكيمياء للتكيف
وفي حقل الكيمياء فاز الأميركيان ليفكوفيتز كوبيلكا بجائزة نوبل لعملهما الرائد في الأبحاث المتعلقة بتفاعل مستقبلات موصولة ببروتينات «جي»، وهي خلايا تسمح للإنسان بالتكيف مع بيئته، حسب ما أعلنته لجنة نوبل.
وأوضحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم أن في جسم الإنسان نظاما يحوي تفاعلات منظمة بدقة عالية جداً بين مليارات الخلايا، وكل خلية تحوي مستقبلات متناهية الصغر تسمح لها بتحسس بيئتها والتكيف تاليا مع أوضاع جديدة.
وقد كافأت اللجنة العالمين لاكتشافاتهما حول «طريقة العمل الداخلية لمجموعة كبيرة» من المستقبلات، وهي المستقبلات الموصولة ببروتينات «جي» التي تسمح للخلايا بـ«التكيف مع أوضاع جديدة».
نوبل للأدب.. للأدب الشعبي التاريخي والمعاصر
كما أعلنت الأكاديمية السويدية في ستوكهولم فوز الكاتب الصيني «مو يان» بجائزة نوبل في الأدب لعام 2012 لمزجه «القصص الشعبي والتاريخ والمعاصرة بواقعية تتسم بالهلوسة».
وقال متحدث باسم لجنة التحكيم، بيتر إنغلوند، في تصريحات لمحطة «إس أر» السويدية الإذاعية: «إننا أمام تأليف فريد من نوعه يمنحنا نظرة فريدة على محيط فريد.. مضيفا بأن الكاتب الصيني يصف عالما قرويا في جزء من الصين، غريب عن معظم الأجزاء الأخرى»، وأضاف: «مو يان ليس مجرد مثقف منحدر من هناك لكنه شخصيا جزء من هذا العالم.
ومن المقرر تسليم جوائز نوبل يوم العاشر من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بالتزامن مع ذكرى وفاة مؤسس الجائزة ألفريد نوبل.
وقد اشتهرت أعمال «مو يان» على «أنها تتصف بواقعية تاريخ بلاده المضطرب وتمسكه بمسقط رأسه في شرق الصين حيث ترعرع.. حيث تميزت أعمال مو يان بالشعبية الممزوجة بالتاريخ والحاضر، بواقعية متفردة في هذا الفن. وولد مو يان العام 1955 وترعرع في غاومي في مقاطعة شاندونغ في شرق الصين، وقدد أصبح خلال السنوات الماضية من أشهر كتّاب الصين، لكنه تعرض للانتقاد من قبل كتاب صينيين آخرين لقربه من النظام في بكين وعدم دعمه للكتاب المنشقين.
لكن الأكاديمية السويدية أفادت في بيانها أن «أنشودة الثوم الفردوسي» 1988 والكتاب الساخر «بلد الكحول» 1992 «اعتبرا نقدين حادين في الصين بسبب انتقادهما اللاذع للمجتمع الصيني المعاصر. كما اشتهر يان بروايته «عشيرة الذرة البيضاء» و«فينغرو فيتون» (1996)، وهي ملحمة تاريخية تصف الصين في القرن العشرين انطلاقا من قصة عائلة، وتراوح بين مأساة التاريخ ورؤى إباحية من خلال مراقبة شخصيات بلدة لا يتمتعون جميعا بالاتزان الكافي.
Leave a Reply