لانسنغ، غراند رابيدز
تحت رايات حركة «حياة السود مهمة»، احتشد مئات المتظاهرين أمام مبنى الكابيتول في العاصمة لانسنغ، يوم الخميس المنصرم، مرددين شعار «لا عدالة لا سلام»، في استمرار لسلسلة الاحتجاجات على مقتل رجل أسود على يد شرطي بمدينة غراند رابيدز، بسبب مخالفة مرورية عادية، يوم 4 نيسان (أبريل) الجاري.
واجتذبت حادثة مقتل باتريك ليويا (26 عاماً) الاهتمام الوطني وأعادت التذكير بمقتل الإفريقي الأميركي جورج فلويد على يد شرطة مينيابوليس في 25 أيار (مايو) 2020، والتي أعقبتها موجة احتجاجات عارمة شملت معظم المدن الرئيسية في الولايات المتحدة وتخللتها أعمال شغب وتخريب واسعة، بما في ذلك، مدينة غراند رابيدز التي يقدر عدد سكانها بنحو 200 ألف نسمة، وهي ثاني أكبر مدن ولاية ميشيغن، بعد ديترويت.
وسار مئات المتظاهرين بشكل سلمي في شوارع لانسنغ مطالبين بالكشف عن اسم الشرطي المتورط بقتل ليويا ومحاكمته بتهمة القتل العمد، قبل أن يحتشدوا أمام مبنى الكابيتول في مهرجان خطابي تخللته كلمة لوالدة الضحية وعدد من نشطاء حركة «حياة السود مهمة» وسط انتشار عدد من المتظاهرين المسلحين.
وجاءت تظاهرة لانسنغ في ظل ازدياد المؤشرات على أن حادثة مقتل ليويا، بسبب مخالفة مرورية عادية، كانت متعمدة ومدفوعة بالعنصرية ضد السود، لاسيما وأن تشريحاً مستقلاً لجثة اللاجئ من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهو أب لطفلين، أظهر أنه قضى برصاصة واحدة في مؤخرة الرأس على طريقة الإعدام، كما أثارت مقاطع الفيديو المسجلة للحادثة تساؤلات حول السبب الحقيقي وراء توقيف ليويا.
وقبل تظاهرة لانسنغ، شهدت غراند رابيدز على مدى الأيام السابقة، سلسلة تظاهرات سلمية أمام مقر الشرطة المحلية التي اكتفت بإحالة الضابط إلى إجازة مدفوعة الأجر دون الكشف عن هويته بانتظار انتهاء التحقيق.
مؤشرات مريبة
في مؤتمر صحفي عقد يوم الثلاثاء الماضي، لم يستبعد المحامي بنجامين كرامب، أن يكون الشرطي قد استهدف ليويا بسبب لون بشرته السوداء، موضحاً أن الشرطي زعم أن سبب التوقيف المروري هو عدم تطابق سيارة ليويا مع لوحة الأرقام، غير أن مقاطع الفيديو المسجلة للحادثة أظهرت أن سيارة الشرطة كانت تسير في الاتجاه المعاكس لسيارة ليويا ما يعني عدم إمكانية رؤية اللوحة قبل أن يقوم الشرطي بالالتفاف ومتابعة ليويا ثم توقيفه.
ورجح كرامب أن يكون السبب الحقيقي لتوقيف ليويا هو لون بشرته الداكنة.
ويظهر الفيديو توقف سيارة الرجل الأسود على جانب الطريق، في ظل أجواء ماطرة، قبل أن يترجل أحد عناصر الشرطة من سيارة الدورية التي كانت تلاحق ليويا.
وفجأة، فر المشتبه به من الشرطي، لكن الأخير لاحقه حتى أمسك به وثبته على الأرض.
وأشهر الضابط، المسدس الصاعق في وجه الرجل الأسود، وظل الاثنان يتعاركان لنحو 90 ثانية، حتى جثا الضابط على باتريك في محاولة لإخضاعه، في مشهد يذكر بما حدث لجورج فلويد قبل عامين تقريباً. وطالب الشرطي ليويا مراراً بإبعاد يديه عن سلاحه، وفي النهاية أطلق النار على رأسه من الخلف مما أدى إلى مقتله.
وبحسب تشريح مستقل للجثة، أكد الدكتور فيرنر سبيتز، اختصاصي الطب الشرعي المعروف الذي شارك في العديد من القضايا البارزة على مدى عقود، أن ليويا قُتل برصاصة في مؤخرة رأسه، مشدداً على عدم وجود أية إصابات أو جروح أخرى على الجثة، مما يشي بعدم حدوث صراع جسدي عنيف قبل إطلاق النار، وفق المحامين.
وأوضح سبيتز (94 عاماً) أن الرصاصة اخترقت الجمجمة وظلت عالقة فيها، نافياً وجود أي أثر لإصابات أخرى «من أعلى الرأس إلى إصبع القدم الكبير».
وقال المحامون إن تقرير سبيتز يقدم المزيد من الأدلة على أن إطلاق النار على ليويا كان عنفاً مفرطاً وغير ضروري. وأشار كرامب إلى أن الشرطي كان «في سيطرة كاملة» على ليويا عندما أطلق النار عليه.
وأضاف أن الشرطي وضع يده على رأس ليويا المثبّت أرضاً وصوب مسدسه نحو رأسه وأطلق النار عليه بالرغم من أنه كان يتحكم به بشكل كامل.
التحقيق
وفي سياق التحقيق الرسمي، أجرى مكتب الطب الجنائي في مقاطعة كَنت، تشريحاً لجثة ليويا، غير أن إعلان نتائج التحقيق قد يستغرق 60 يوماً. وقال مكتب الادعاء العام في المقاطعة الواقعة في غرب ميشيغن إنه سينظر فيما إذا كان الضابط سيواجه تهماً جنائية، لكنه أكد أنه لا يجب على الجمهور انتظار قرارات سريعة.
وبالتوازي مع التحقيق الذي تجريه شرطة الولاية، طلبت دائرة الحقوق المدنية في ميشيغن إجراء تحقيق فدرالي حول ممارسات إدارة شرطة غراند رابيدز على خلفية حادثة مقتل ليويا.
وقال المدعي العام الفدرالي في غرب ميشيغن، آندرو بيرج، إنه تلقى طلب دائرة الحقوق المدنية في ميشيغن، وهو قيد الدراسة لتحديد ما إذا كان سيتم فتح تحقيق في سلوك شرطة غراند رابيدز.
Leave a Reply