حسن عباس – «صدى الوطن»
أكدت سكرتيرة ولاية ميشيغن، جوسلين بنسون –الأسبوع الماضي– على شرعية قرار مجلس ديربورن البلدي القاضي بترجمة جميع المواد والوسائط الانتخابية إلى اللغة العربية ابتداء من انتخابات آب (أغسطس) القادم، رافضة بذلك اعتراضات كل من كليرك مدينة ديربورن جورج ديراني وكليرك مقاطعة وين كاثي غاريت، والتي تراوحت بين الشكوى من ضيق الوقت وعدم اعتبار اللغة العربية بين لغات الأقليات المشمولة في «قانون حقوق التصويت» الفدرالي، الذي استند إليه قرار مجلس بلدية ديربورن الشهر الماضي.
بنسون التي تعتبر أرفع مسؤول انتخابي في ولاية ميشيغن، لفتت إلى أن قوانين الانتخابات المحلية والفدرالية لا تمنع السلطات من ترجمة أوراق الاقتراع إلى اللغات غير المشمولة بـ«قانون حقوق التصويت»، حتى لو كانت نسبة المتحدثين بها أقل من 5 بالمئة من السكان.
وكان مجلس ديربورن البلدي قد مرّر بالإجماع –يوم 22 آذار (مارس) الماضي– قراراً بترجمة جميع الوثائق والوسائط الانتخابية بما فيها أوراق الاقتراع، إلى اللغات التي يتحدث بها 5 بالمئة أو عشرة آلاف نسمة على الأقل من سكان المدينة. ولا ينطبق هذا القرار سوى على اللغة العربية، حيث يشكل المتحدرون من أصول عربية حوالي نصف سكان ديربورن البالغ عددهم نحو 108 آلاف نسمة.
وقد استند القرار إلى «قانون حقوق التصويت» الفدرالي الذي ينص على توفير خدمات الترجمة للناخبين عندما يكون 5 بالمئة على الأقل من سكان المدينة، أو عشرة آلاف مقيم، من الناطقين بلغات الأقليات المعترف بها فدرالياً. وقد تمت استعارة هذا الشرط في صياغة نص القرار الذي قدمه العضو مصطفى حمود لمجلس بلدية ديربورن الشهر الماضي، إلا أن اللغة العربية ليست مشمولة بالقانون الذي يلحظ اللغات الإسبانية والآسيوية ولغات السكان الأصليين، ولغة سكان الآسكا الأصليين، ولكنه لا يدرج العربية بين اللغات المؤهلة للمساعدات الفدرالية.
وبموجب قرار بلدية ديربورن، ستتم ترجمة بطاقات الاقتراع الرسمية والإخطارات وطلبات التصويت الغيابي واستمارات التسجيل واللافتات الإرشادية والإفادات الخطية، إلى اللغة العربية، بدءاً من الانتخابات التمهيدية في آب (أغسطس) المقبل.
معارضة مستمرة
وكان مشروع القرار قد لقي معارضة مستميتة من قبل كليرك مدينة ديربورن جورج ديراني، والذي امتدت أصداء معارضته إلى مكتب كليرك مقاطعة وين، كاثي غاريت، التي اشتكت من عدم استشارتها في تمرير القرار الذي اعتبرته غير ضروري نظراً لأن ـ«قانون حقوق التصويت» الفدرالي لا يلحظ اللغة العربية كلغة أقليات، كما أن بيانات مكتب الإحصاء الأميركي لا تدعو إلى تقديم المساعدة اللغوية للأقليات في ديربورن.
والجدير بالذكر أن العرب الأميركيين يصنفون ضمن فئة السكان البيض» في الإحصاء الوطني الأميركي الذي يقام كل عشر سنوات.
وكان ديراني قد اعترض بشدة على المقترح خلال اجتماع مجلس بلدية ديربورن، حيث أبدى قلقه من أعباء القرار الجديد مثيراً العديد من التساؤلات حول التكاليف والتحديات اللوجستية غير الضرورية، لافتاً إلى أن مكتبه أتاح –العام الماضي– نماذج انتخابية مترجمة إلى العربية لإرشاد الناخبين العرب في عملية التصويت، إلا أن الإقبال عليها «كان ضئيلاً للغاية»، وهو ما اعتبره ديراني دليلاً على عدم وجود حاجة حقيقية لمثل هذه الخدمة.
وبعد تمرير القرار، واصل ديراني مراسلة رئيس البلدية والمجلس البلدي، بشأن رفضه لترجمة بطاقات الاقتراع إلى العربية بذريعة أنها غير مشمولة بين اللغات التي يمكن اعتمادها في إصدار «بطاقات الاقتراع الفدرالية»، في إشارة إلى سباقات الرئاسة الأميركية والكونغرس.
واستنجد ديراني، بكليرك مقاطعة وين، كاثي غاريت، لدعم موقفه، فأبرقت الأخيرة، رسالة إلى سكرتيرة الولاية جوسلين بنسون، الأسبوع الماضي، شرحت فيها أسباب اعتراضها على قرار تعريب الانتخابات في ديربورن، لافتة إلى أن المسح الاجتماعي الذي يجريه مكتب الإحصاء الأميركي، لا يصنف العرب الأميركيين كـ«أقلية عرقية أو لغوية»، وبالتالي، لا توجد حاجة لتقديم مساعدة لغوية لهم.
ويتضن «مسح المجتمع الأميركي» –الذي يُجرى كل خمس سنوات تحت إشراف مكتب الإحصاء– وصفاً دقيقاً للاحتياجات اللغوية في المجتمعات المحلية، عبر البيانات التي يتم جمعها حول اللغات المتداولة وإجادة الإنكليزية، إضافة إلى المعلومات المتعلقة بالأسر التي تتحدث الإنكليزية بشكل محدود.
ويؤكد مكتب الإحصاء بأن أحد الأغراض الرئيسية لجمع المعلومات اللغوية، هو تعزيز حقوق التصويت، لافتاً إلى أن العربية تندرج ضمن اللغات المعترف بها في الولايات المتحدة، لكون بعض الأميركيين يتحدثون بها في المنازل، لكنها لا تعتبر لغة أقلية.
ووفقاً لـ«مسح المجتمع الأميركي» لعام 2021، فإن ديربورن تضم أعلى نسبة من العرب الأميركيين في ولاية ميشيغن، حيث يتحدر 47 بالمئة من سكان المدينة من أصول عربية، كما أن 46 بالمئة من السكان الذين تزيد أعمارهم عن خمس سنوات، يتحدثون اللغة العربية في منازلهم. ويعيش في ديربورن 40,594 ناطق بالعربية في سنّ 5 سنوات وما فوق، بينهم حوالي 24 ألف يتحدثون الإنكليزية بطلاقة، و16,600 لا يتحدثونها بشكل جيد، بحسب بيانات التعداد السكاني لعام 2020.
بنسون تدعم القرار
سكرتيرة ميشيغن ردت على رسالة غاريت بأن حكومة ديربورن لديها السلطة للقيام بترجمة أوراق الاقتراع إلى جميع اللغات التي يتحدث بها أكثر من 5 بالمئة من السكان، في إطار سعيها إلى توسيع المشاركة الانتخابية.
وقالت بنسون: «إذا كانت مدينة ديربورن ومقاطعة وين تسعيان إلى توسيع نطاق الوصول إلى التصويت لأكثر من 50 بالمئة من سكان المدينة الذين يتحدثون العربية، فإن لديهما السلطة للقيام بذلك، بموجب أحكام قانون الانتخابات في ميشيغن الذي يحكم عملية طباعة أوراق الاقتراع».
وأشارت الرسالة إلى أن قانون الانتخابات في ميشيغن «لا يحظر طباعة أوراق الاقتراع بلغات أخرى، إلى جانب الإنكليزية»، لافتة إلى استعداد حكومة ديربورن لدفع تكاليف الترجمة، التي تقدر بنحو 20 ألف دولار، في كل دورة انتخابية.
وكان رئيس بلدية ديربورن، عبدالله حمود، قد أبدى استعداد إدارته لتأمين تكاليف الترجمة المطلوبة، في إطار تأييده للقرار الذي بات ضرورياً في «عاصمة العرب الأميركيين»، على حد تعبيره، وقال: «أعتقد بأنه بات من واجبنا إنجاز هذا الأمر، هنا في عاصمة العرب الأميركيين»، لافتاً إلى أن إدارته «سوف تتدبر تكاليف الترجمة من ميزانية المدينة».
والجدير بالذكر أن بنسون حضرت اجتماع مجلس بلدية ديربورن يوم 22 مارس المنصرم، حيث أعربت عن دعمها لقرار تعريب الانتخابات، لكنها غادرت القاعة قبل التصويت عليه.
وفي رسالتها إلى غاربت، لفتت بنسون إلى أن مكتب كليرك المقاطعة قام بتوفير بطاقات الاقتراع باللغة البنغالية في مدينة هامترامك، مؤكدة بأن هذا «الإجراء يمكن تكراره على الأرجح في ديربورن».
وكانت الحكومة الفدرالية قد تدخلت في مدينة هامترامك لمساعدة الناخبين الناطقين باللغة البنغالية، فيما أحجمت حتى الآن عن مساعدة الناخبين العرب في المدينة نفسها، بسبب عدم الاعتراف بهم كـ«أقلية».
إضافة إلى ذلك، أوضحت بنسون في ردها على غاريت بأن قوانين الانتخابات المحلية والفدرالية لا تمنع ديربورن «من تغطية لغات الأقليات الأخرى في المدينة».
وبعد العربية التي يتحدثها حوالي نصف سكان ديربورن، تأتي الإسبانية في المرتبة الثانية، حيث يتحدث بها زهاء1,221 شخصاً من أصل أربعة آلاف لاتيني يعيشون في المدينة، وفقاً لبيانات التعداد السكاني لعام 2020.
Leave a Reply