حاشـية بـوش مستمرة فـي النزوح: وزير العدل آخر الخارجين والكونغرس يتعهد بملاحقته

ألبرتو غونزاليس يقدم استقالته وبوش يقبلها على مضض  واشنطن – توالت سلسلة الانهيارات في الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس الأميركي جورج بوش. فبعد استقالة «عقله» السياسي ومهندس حملته الانتخابية كارل روف، أعلن وزير العدل الأميركي ألبرتو غونزاليس رسمياً، الأسبوع الماضي، استقالته من منصبه، وذلك بعد أشهر من عاصفة سياسية أحاطت به على خلفية الشوائب المتعلقة بالحريات المدنية وإقالة المدعين الفدراليين والشكوك بشأن مدى صدقه في إفاداته أمام الكونغرس.

وزير العدل الأميركي ألبرتو غونزاليس

وقد عبر خصوم بوش الديمقراطيون الذين يشكلون الغالبية في الكونغرس، بوضوح عن نيتهم مواصلة التحقيقات البرلمانية المفتوحة حول تصرفات غونزاليس ووزارته التي تمثل بنظرهم رمزا لادارة استخدمت الدستور بما يناسبها. وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد ان هذه الاستقالة لا تعني نهاية المشكلة، لا بد للكونغرس ان يذهب إلى عمق هذه المشكلة ويتتبع مسار الوقائع إلى حيث تقود. وقال غونزاليس، خلال مؤتمر صحافي في وزارة العدل بعد إعلان الاستقالة، «التقيت الرئيس بوش وأبلغته قراري إنهاء خدمتي في الإدارة في منصب وزير العدل ابتداء من 17 أيلول 2007»، واصفاً وصوله إلى منصب وزير العدل بـ«الرحلة الرائعة».  وأضاف غونزاليس، وهو ابن عاملين مهاجرين من أصول لاتينية، «لقد عشت الحلم الأميركي، حتى أسوأ أيامي كوزير للعدل كانت أفضل من أفضل أيام والدي».  وأشار مسؤول في البيت الأبيض إلى أنّ بوش قبل على مضض استقالة غونزاليس، موضحاً أنّ الأخير «فكر بشكل جدي في هذه المسألة خلال عطلة الكونغرس، وقدم استقالته». من جهته، حمل بوش على منتقدي غونزاليس بسبب ما وصفه بـ«المعاملة غير المنصفة» وتمريغ اسم الوزير في الوحل. وقال إنّ غونزاليس رجل مستقيم ووقور ورجل مبادئ، مشيراً إلى أن الاستقالة جاءت «بعد أشهر من المعاملة غير المنصفة التي خلقت تشويشا ضارا في وزارة العدل». وأضاف «من المؤسف أن يأتي علينا وقت تعرقل فيه الانجازات المهمة لأشخاص موهوبين وشرفاء مثل البرتو غونزاليس بسبب تمريغ اسمه الحسن في الوحل لأسباب سياسية». وسيتولى المدعي العام الأميركي بول كليمنت مهام وزير العدل إلى حين تعيين بديل لغونزاليس. وتوقعت شبكة «سي أن أن» الإخبارية أن يحل وزير الأمن الداخلي مايكل تشيرتوف مكان غونزاليس. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت على موقعها على الإنترنت عن مسؤولين لم تكشف هوياتهم أن غونزاليس قدم استقالته للرئيس بوش في مكالمة هاتفية يوم الجمعة قبل الماضي. ويتهم غونزاليس بتضليل الكونغرس الأميركي وإساءة استخدام منصبه والتنصت على الأميركيين، كما اتهم بالكذب على الكونغرس في إقالة ثمانية مدعين فدراليين العام الماضي. وقد تزايدت الدعوات مؤخرا لإقالته. وكان مستشار البيت الأبيض دان بارتليت قال إن الرئيس بوش يعتبر أن غونزاليس اتخذ القرار الصائب بفصل المدعين الثمانية، وأن «الرئيس يضع كل الثقة الموجودة في العالم في ألبرتو غونزاليس».  نبذة عن غونزاليس يعد وزير العدل الاميركي البرتو غونزاليس احد اقوى حلفاء ومستشاري بوش ومهندس القوانين الصارمة المتعلقة بـ«الحرب على الارهاب».  ووجهت الى غونزاليس تهمة اعادة تعريف كلمة «تعذيب» وانتقد لقوله ان المعتقلين المشتبه بضلوعهم في الارهاب في معتقل غوانتانامو لا يتمتعون بالحقوق التي تنص عليها اتفاقية جنيف. وقال منتقدوه كذلك ان تقديمه الاستشارة القانونية لبوش كانت السبب في اساءة معاملة وتعذيب معتقلي سجن ابو غريب في العراق على يد جنود اميركيين. وبرر غونزاليس الاجراءات الصارمة بقوله انه «كل يوم هو 12 ايلول (سبتمبر) في اشارة الى اليوم الذي تلا هجمات 11 ايلول 2001. وباستقالته، ينتهي الصعود الصاروخي الذي شهده غونزاليس في ادارة بوش. وكان غونزاليس بدأ عام 1995 بالعمل في مكتب محاماة في هيوستون ثم اختاره بوش الذي كان حاكما لتكساس في ذلك الوقت ليكون مستشاره القانوني. ولد غونزاليس لعائلة فقيرة ذات جذور مكسيكية. وارتفع نجمه خلال اقل من عقد من الزمن ليصبح اول وزير عدل اميركي من اصل لاتيني.  واثناء عمله في تكساس، ايد غونزاليس قرار بوش عدم تخفيف اي حكم بالاعدام الى حكم بالسجن المؤبد في تلك الولاية التي تنفذ فيها اكبر عدد من الاعدامات في الولايات المتحدة. وبعد ثلاث سنوات، اصبح مسؤولا بارزا في الولاية حيث عمل بشكل وثيق مع بوش على مسائل الهجرة والانتخابات وتولى رئاسة المحكمة العليا في الولاية عام 1999. وعندما اصبح بوش رئيسا عام 2000، اخذ معه غونزاليس الى البيت الابيض ليكون كبير مستشاريه القانونيين. وبعد ذلك بسنوات، رشح بوش غونزاليس لمنصب وزير العدل خلفا لجون اشكروفت، الذي اصبح واحدا من اكثر مسؤولي البيت الابيض اثارة للجدل.  ورغم ان غونزاليس هو ايضا من المحافظين، الا انه بدا اكثر اعتدالا من اشكروفت الذي اعترف بارتباطه باليمين المسيحي ليصبح محلا لانتقادات الليبراليين المعارضين.  وكان غونزاليس، المعروف بهدوئه وقصر قامته، وراء الاطار القانوني الذي منح بوش سلطات تنفيذية لـ«الحرب على الارهاب» بعد هجمات ايلول. كما لعب دورا في انشاء المحاكم العسكرية لمحاكمة معتقلي غوانتانامو. واغدق بوش في مدح غونزاليس ورشحه لتولي وزارة العدل في 2004. وقال «ان ذكاءه الحاد وحكمته ساعدانا على صياغة سياساتنا في الحرب على الارهاب». كما برز غونزاليس في السنوات الاخيرة كمرشح لان يكون من القضاة التسعة في المحكمة الاميركية العليا والمعينين مدى الحياة.  ولد غونزاليس في الرابع من اب (اغسطس) 1955 في سان انطونيو بتكساس. وعمل في القوات الجوية الاميركية من عام 1973 حتى 1975، ثم التحق بالاكاديمية الجوية الاميركية قبل ان يلتحق بجامعة رايس في هيوستون، ثم كلية الحقوق في جامعة هارفارد المرموقة. وغونزاليس متزوج وله ثلاثة ابناء.