أكثر من عشرين ولاية أميركية تستعد لإعادة افتتاح الاقتصاد
لانسنغ – أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مراراً خلال الأسبوع الماضي، رغبة إدارته «في إعادة فتح البلاد» بعد الإغلاق القسري الذي فرضته جائحة كورونا، لافتاً إلى أن «أكثر من 20 ولاية تتجه نحو رفع قيود الإغلاق تدريجياً، تاركاً لحكام الولايات الخمسين مسؤولية إعداد خطط مناسبة لإعادة تحريك العجلة الاقتصادية، في التوقيت المناسب والطريقة الملائمة لكل ولاية على حدة.
فمع تجاوز ذروة وباء كورونا وانخفاض وتيرة الإصابات اليومية بالفيروس، أعلن معظم الحكام الجمهوريين اعتزامهم إعادة فتح الاقتصاد، وعلى رأسهم حاكم ولاية جورجيا، براين كيمب، الذي باشر بتخفيف القيود المفروضة على الأعمال التجارية في الولاية الجنوبية عبر السماح بفتح النوادي الرياضية وصالونات التجميل والوشم وتصفيف الشعر وصالات البولينغ، ابتداء من يوم الجمعة (مع صدور هذا العدد)، كما سيسمح للمطاعم باستقبال الزبائن، ابتداء من الاثنين القادم.
في المقلب الآخر، يصر الحكام الديمقراطيون على تمديد أوامر «البقاء في المنازل» بولاياتهم حتى إشعار آخر، ويأتي في طليعتهم حاكما ولايتي كاليفورنيا (الأكبر من حيث عدد السكان في الولايات المتحدة) ونيويورك (الأولى من حيث عدد الإصابات والوفيات في الولايات المتحدة) اللذان اعتبرا أنه لازال من المبكر إعادة الحياة إلى طبيعتها في ظل المخاوف من «موجة ثانية» من الفيروس التاجي، مطالبين بإجراء المزيد من الاختبارات قبل الإقدام على أية خطوة لرفع القيود.
حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، استبعد في تصريحاته الأخيرة إمكانية تعيين موعد محدد لإعادة افتتاح الولاية قريباً، وقال –الأربعاء الماضي– «كان بودّي أن أتمكن من إعلان تاريخ محدد، لكن الأمر ليس سهلاً».
ماذا عن ميشيغن؟
في ميشيغن ، حيث يتقاسم الديمقراطيون والجمهوريون السلطة، تعارض الأغلبية التشريعية في مجلسي الشيوخ والنواب، المتمثلة بالجمهوريين، رغبة الحاكمة الديمقراطية غريتشن ويتمر، في تمديد الأمر التنفيذي بـ«البقاء في المنازل» لفترة إضافية.
ويتمر، التي أقرت خلال مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي بوجود أسباب تدعو إلى «التفاؤل الحذر»، فقد أكدت أنها لا تعتزم تخفيف القيود المكبلة للاقتصاد، إلا إذا أثبتت «الحقائق والبيانات» أن وباء كورونا أصبح تحت السيطرة.
وقالت الحاكمة إن عدد المرضى الذين أدخلوا إلى المستشفيات، من المصابين أو ممن يشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، قد انخفض بنسبة 15 بالمئة خلال الأيام العشرة الأخيرة، مضيفة: «عندما نبدأ في عملية إعادة الافتتاح، فيجب أن تكون العملية مدروسة ودقيقة للغاية، ويجب أن يكون من شأنها تخفيف المخاطر على الجميع، وكذلك تخفيف أخطار الموجة الثانية».
واستدركت بالقول: «لكننا سنبدأ في إعادة الافتتاح، وسوف تكون لدينا خطة سنقوم بمشاركتها بمزيد من التعمق، بحلول الأسبوع المقبل».
معارضة
الجمهوريون في مجلس ميشيغن التشريعي جادلوا بأن الحاكمة تحتاج إلى موافقتهم لكي تتمكن من تمديد الأمر التنفيذي بـ«البقاء في المنازل»، إلا أن خبراء قانونيين أكدوا بأنه يمكنها تمديد أمر «البقاء في المنازل» من جانب واحد، بموجب «قانون سلطات الطوارئ» لعام 1945، الذي من المرجح أن تستند إليه الحاكمة الديمقراطية، بدلاً من «قانون إدارة الطوارئ» لعام 1976، الذي يتطلب موافقة المشرعين.
وكانت القيود التي فرضتها الحاكمة ويتمر في 9 أبريل قد أثارت انتقادات المشرعين الجمهوريين، حيث وصفها رئيس مجلس نواب ميشيغن، الجمهوري لي تشاتفيلد، بأنها «خاطئة» و«سيئة».
وتعرضت الحاكمة الديمقراطية لانتقادات على المستوى الوطني بسبب القيود المشددة التي فرضتها لتطويق وباء كورونا، والتي وصفها الرئيس دونالد ترامب بأنها «ذهبت بعيداً»، واصفاً بعض القيود بأنها «مجنونة».
وتشمل القيود الجديدة التي فرضتها الحاكمة الديمقراطية، حظر التنقل بين المنازل ومنع استخدام القوارب الآلية، كما ألزمت المتاجر الكبيرة بإغلاق الأقسام المخصصة لبيع الأثاث والأرضيات والطلاء ولوازم البستنة ومشاتل النباتات والزهور، فضلاً عن حظر العمل في قص الأعشاب وتنسيق الحدائق، إضافة إلى أنشطة اعتبرتها ويتمر «غير أساسية».
إلا أن الحاكمة الديمقراطية، التي ستعلن مع صدور هذا العدد، عن خطتها لتمديد فترة «البقاء في المنازل»، تواجه معارضة متزايدة من المشرعين الجمهوريين الرافضين لقراراتها الأحادية مقترحين خططاً مفصلة لإعادة افتتاح ميشيغن بشكل تدريجي.
وبعد خطة تتألف من خمسة مراحل تقدم بها الجمهوريون في الشيوخ لإعادة فتح ميشيغن بناء على أعداد الإصابات ونسبة إشغال المستشفيات في الولاية، تقدم جمهوريو مجلس النواب، الأسبوع الماضي، بخطة ثانية تقوم على فتح المقاطعات الأقل تأثراً بالوباء.
واقترحت الخطة الجديدة تشكيل «فريق عمل انتقالي» لتحديد المقاطعات المؤهلة لإعادة الافتتاح بشكل محدود، استناداً إلى معدلات انتشار الفيروس التاجي، والاختبارات الإيجابية، ومعدلات إشغال المستشفيات، وأعداد الوفيات، وقدرة الأعمال التجارية على توفير بيئة آمنة للعمل.
وبموجب الخطة، ستصنف مقاطعات الولاية ضمن ثلاثة مستويات على أساس المخاطر المحتملة، وسوف يتم رفع قيود معينة في كل مستوى، بناء على توصيات «فريق العمل الانتقالي».
إلا أن الحاكمة ويتمر والمشرعين الديمقراطيين سارعوا إلى انتقاد الخطتين الجمهوريتين ووصفوهما بالتهور والاعتباطية وعدم الاستناد إلى الحقائق العلمية.
ولم تقتصر معارضة ويتمر على السياسيين في ميشيغن، حيث قوبلت قرارات الحاكمة باحتجاجات شعبية بدأت بتظاهرة سيارة ضمت نحو أربعة آلاف شخص يوم 15 أبريل الجاري، وكان آخرها تظاهرة أقيمت –الخميس الماضي- أمام مقر إقامة ويتمر في العاصمة لانسنغ، حيث احتشد عشرات المحتجين حاملين الأعلام الأميركية ولافتات مؤيدة للرئيس ترامب، فيما حمل بعضهم أسلحة نارية، تعبيراً عن تمسكهم بالحقوق المدنية التي يكفلها الدستور الأميركي، ومن بينها حق حمل السلاح وحرية التنقل والعمل وغيرها من الحريات التي قوّضت بفعل أوامر الحاكمة التنفدذية.
وقال أحد منظمي التظاهرة، براندون هول: «لقد حان الوقت لفتح ميشيغن، الأشخاص الذين يريدون البقاء في المنازل يمكنهم فعل ذلك، والأشخاص الذين يريدون العودة إلى العمل، يجب أن يسمح لهم بذلك».
متظاهر آخر، يدعى نيكولاس سامبرغ، أحضر آلة جزّ الأعشاب إلى المظاهرة، وقام بتشغيلها في حديقة منزل الحاكمة الديمقراطية، في إشارة إلى الاحتجاج على قرارها بمنع أعمال البستنة وتنسيق الحدائق، وقص الأعشاب.
وقال سامبرغ: «إذا كانت (الحاكمة) ستسلبنا المزيد من الحقوق، فاعتقد أنه من المناسب أن تزداد احتجاجاتنا، لكي تتماشى مع جدية مطالبنا».
تجدر الإشارة إلى أن بعض البلديات أبدت تمردها على القيود التي أضافتها الحاكمة على الأمر التنفيذي بـ«البقاء في المنازل»، لاسيما تلك المتعلقة بأعمال الحدائق. فقد أعلنت عدة مدن عن رفضها لتطبيق القرار مؤكدة السماح للشركات المختصة بمزاولة عملها دون أية ملاحقة قانونية.
كما رفع أربعة من قادة مكاتب الشريف في شمال ميشيغن دعاوى قضائية ضد الحاكمة الديمقراطية، بزعم أنه ليس من حقها اتخاذ قرارات تؤثر سلباً على الصحة والسلامة العامة.
وإذا كانت المعارضة للحاكمة ويتمر تتنامى في أوساط الجمهوريين والمحافظين، فإن قرارات ويتمر قوبلت، على العكس، بتأييد واسع في أوساط الجالية العربية.
وكانت «صدى الوطن»، قد أجرت -الأسبوع الماضي- استطلاع رأي عبر صفحتها على موقع «فيسبوك» لاستفتاء آراء المتصفحين حول سياسات حاكمة ميشيغن في مكافحة انتشار الفيروس التاجي. وقد شارك في الاستطلاع أكثر من 1,200 شخص، أعرب 87 بالمئة منهم عن تأييدهم لقرارات ويتمر في مكافحة وباء كورونا المستجد، بينما عارضها 13 بالمئة.
وكتب بلال شرارة معلقاً: «بكل تأكيد، نعم»، مضيفاً: «كل الشكر والتقدير والامتنان والمحبة لحاكمة ولاية ميشيغن على الاجراءات الوقائية اللازمة حيال وباء الكورونا. لقد أثبتت أنها صاحبة مسؤولية بكل ما للكلمة من معنى».
كما كتبت هيام ضاهر، قائلة: «نعم، أوافق على قرارات حاكمة الولاية، بل وأكثر.. بالتشدد والتعقيم للشوارع والمدارس وكل الأماكن، كي لا نكون مثل ولاية نيويورك».
وحتى يوم الخميس الماضي، بلغ إجمالي عدد الإصابات في ولاية ميشيغن 35,291 حالة، فيما وصل إجمالي عدد الوفيات إلى 2,977. وتشير بيانات دائرة الصحة في ميشيغن إلى أن نسبة العرب من المصابين بكورونا في الولاية بلغت 1 بالمئة فقط، كما بلغت نسبة العرب من المتوفين 1 بالمئة أيضاً.
Leave a Reply