عضّ أصابع بانتظار إغلاق حكومي وشيك: من سيتنازل؟
لانسنغ
ناشدت حاكمة ولاية ميشيغن، غريتشن ويتمر، المشرعين من الحزبين الديمقرطي والجمهوري للتوصل إلى اتفاق بشأن الميزانية قبل انقضاء المهلة الدستورية في نهاية أيلول (سبتمبر) الجاري، محذّرةً من مخاطر عالية للإغلاق الحكومي المحتمل.
وخلال خطابٍ ألقته في قاعة التراث بمبنى الكابيتول في لانسنغ، يوم الثلاثاء الماضي، وجّهت الحاكمة الديمقراطية نداءها للمشرعين بالإسراع في تمرير ميزاينة السنة المالية القادمة التي تبدأ مطلع تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وقالت: «مع اختلاف توجهاتنا الحزبية، إلا أننا جميعاً نرغب في تحقيق نفس الأهداف: أطفال سعداء أصحاء، ووظائف براتب جيد، وطعام على المائدة، ومجتمعات آمنة، ومستقبل مزدهر». وأضافت: «هذه هي مهمتنا. فلننجزها، ولنبدأ العمل».
وركّز خطاب ويتمر على الاضطرابات الاقتصادية التي تواجه البلاد وولاية ميشيغن، مؤكدةً أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، وعدم إقرار الميزانية في موعدها، يُشكّلان مصدرَي قلق يضرّان بالسكان والشركات وفرص العمل على حد سواء.
وقالت ويتمر إن الرسوم الجمركية أثّرت بشدة على قطاعي صناعة السيارات والزراعة في ميشيغن، مذكرة بأن الحكومة الفدرالية أيضاً تواجه أزمة إغلاق حكومي محتمل في التوقيت نفسه. وتوجهت إلى المشرعين بالقول «لا يمكننا السيطرة على حرب الرسوم الجمركية العالمية، ولكن ما يمكننا فعله هو جعل الحياة أسهل قليلاً لسكان ميشيغن وتقليل حالة عدم اليقين».
وطالبت ويتمر القادة المنتخبين بتنحية الخلافات السياسية جانباً، وقالت: «يجب أن نعمل معاً لتحقيق الاستقرار في ميشيغن»، مشيرة إلى استعداد برينكس لإنجاز المهمة في الوقت المحدد.
غير أن آمال ويتمر بتمرير الموازنة في موعدها، تبدو بعيدة المنال بسبب الفجوة الكبيرة بين الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس نواب الولاية، والديمقراطيين الذين يتمتعون بأغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ. وقد بدا ذلك واضحاً من خلال تغيّب رئيس مجلس النواب، الجمهوري مات هول، عن خطاب ويتمر الذي استغرق 20 دقيقة، وحضرته زعيمة الأغلبية في مجلس الشيوخ، الديمقراطية ويني برينكس.
وعلى عكس السنتين السابقتين –حينما انفرد الديمقراطيون بقيادة ويتمر في إعداد ميزانيات قياسية للولاية– سيضطر الحزب الأزرق هذه المرة إلى التفاهم مع الجمهوريين لتمرير الموازنة في مجلس النواب الذي مرر مشروع ميزانية يتضمن اقتطاعات هائلة في الإنفاق.
ورغم أن ويتمر لم تنتقد هول بالاسم في خطابها، إلا أنها شدّدت على إنها لن توقع على خطة الميزانية البالغة 79 مليار دولار التي أقرها المجلس النيابي، والتي من شأنها أن تُحدث تخفيضات كبيرة في تمويل شرطة الولاية، ووزارة الموارد الطبيعية، ومكتب الادعاء العام، ودائرة الحقوق المدنية والرعاية الصحية وغيرها.
وكان مجلس نواب ميشيغن قد مرّر مشروع الموازنة، في 26 آب (أغسطس) الماضي، بأصوات 59 نائباً جمهورياً وديمقراطي واحد، مقابل اعتراض 45 ديمقراطياً، وامتناع ستة نواب ديمقراطيين آخرين عن التصويت، وجاء المشروع بحجم 79 مليار دولار من بينها 21.9 مليار للتعليم العام.
وقبل ذلك بعدة أسابيع، كان مجلس شيوخ الولاية قد مرر بأصوات الديمقراطيين حصراً (19–18) مشروعه للموازنة بقيمة 84.6 مليار دولار، من بينها 21.8 مليار دولار للتعليم، علماً بأن المقترح الذي قدمته ويتمر للميزانية في شباط (فبراير) الماضي، بلغ 83.5 مليار دولار.
إغلاق وشيك
يواجه المجلسان موعداً دستورياً نهائياً في الأول من أكتوبر القادم للاتفاق على ميزانية موحّدة لرفعها إلى مكتب الحاكمة لتوقيعها. وبدون ميزانية بحلول ذلك التاريخ، سيتم تسريح عشرات آلاف الموظفين وإغلاق منتزهات الولاية وبعض دور الحضانة كما سيتم تقييد مبيعات الخمور والعديد من الخدمات الحكومية الأخرى.
وقالت لورين ليدز، المتحدثة باسم مكتب ميزانية الولاية: «بينما بدأنا التخطيط لمختلف السيناريوهات، فإنه لا يزال من السابق لأوانه في هذه العملية تحديد شكل الإغلاق».
وليس من الواضح عدد موظفي الولاية الذين سيكونون عاطلين عن العمل إذا حدث الإغلاق، ولكن في عام 2019، عندما اقتربت ولاية ميشيغن من الإغلاق لفترة وجيزة في عهد ويتمر، واجه حوالي 30 ألف موظف حكومي حينها، أي 62 بالمئة منهم، تسريحاً مؤقتاً. ولم يشمل هذا العدد الموظفين الذين يُعتبرون أساسيين، مثل حراس السجون وأفراد شرطة الولاية والعاملين الاجتماعيين في خدمات حماية الأطفال.
كذلك، ستُغلق مكاتب سكريتاريا الولاية المسؤولة عن رخص القيادة والتسجيل، بالإضافة إلى المرافق العامة ومحطات الراحة على الطرقات السريعة وغيرها من الخدمات التي توفرها مختلف وزارات حكومة الولاية.
أزمة مستعصية
الجمود الحالي في مفاوضات الميزانية يعود بالدرجة الأولى إلى عدم الانسجام الواضح بين مجلس النواب الجديد الذي يقوده الجمهوريون ومجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون.
وكان الجمهوريون قد انتزعوا في بداية العام الحالي، أغلبية مقاعد مجلس النواب بموجب انتخابات 2024. ومنذ ذلك الحين، استمرّ الخلاف بين المجلسين، حيث لم يُقرّ المشرعون سوى 12 مشروع قانون منذ مطلع العام 2025.
كما شكّل الجمود بشأن ميزانية الولاية معركةً في تبادل الرسائل بين المجلسين، اللذين يتطلع أعضاؤهما إلى انتخابات عام 2026. إذ يتهم الديمقراطيون، الجمهوريين بعرقلة الموازنة عمداً لخدمة أجندتهم الخاصة، بينما يدّعي الجمهوريون أنهم يتصدون للإنفاق غير المسؤول للديمقراطيين.
وفي مؤشر صريح على تعمق الخلاف بين المجلسين، قالت برينكس إن مجلس الشيوخ يقف إلى جانب ويتمر «ملتزماً بإنجاز الميزانية»، متهمة مجلس النواب بالإمعان في «التأخير والعرقلة».
وأوضحت برينكس للصحفيين أنه «لا يزال هناك سبيل لإنجاز الميزانية في الوقت المحدد»، لكن ذلك يتطلب «تغييراً في النهج» من مجلس النواب، وفق تعبيرها. وأردفت بالقول: «إذا لم يحدث ذلك، فستجتمع قيادتنا لاتخاذ بعض القرارات بشأن أفضل مسار للمضي قدماً»،، مطالبة رئيس المجلس النيابي بالتعاون معها للتوصل إلى «حل وسط». وأضافت «إذا لم يكن مستعداً للقيام بذلك، فهو لا يؤدي واجبه تجاه شعب ميشيغن».
وعلى مدار الأسابيع الماضية، دأب كل من هول وبرينكس على وصف الآخر بعدم رغبته في الاجتماع، قائلين إن ميزانية المجلس الآخر تحتوي على العديد من النقاط غير القابلة للنقاش.
وعلى الجانب الجمهوري، أعرب زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، السناتور أريك نيسبيت، المرشح لمنصب حاكم ولاية ميشيغن في 2026، عن سعادته بعودة الحاكمة «أخيراً من رحلة خارجية أخرى ممولة من دافعي الضرائب»، وأردف بأن «الوقت يمر بسرعة» غامزاً من قناة ويتمر التي عادت لتوها من «مهمة تجارية رسمية» شملت آسيا وألمانيا رغم الأزمة السياسية التي تشهدها الولاية.
وقال نيسبيت: «حان الوقت لسوق الديمقراطيين إلى طاولة المفاوضات لإقرار ميزانية متوازنة تُصلح طرق وجسور ميشيغن المتداعية، وتُعطي الأولوية للأطفال من خلال التركيز على تعليم القراءة والرياضيات، وتحترم دافعي الضرائب بما يكفي لعدم الإسراف في الإنفاق»، في انتقاد مباشر للميزانيات الضخمة التي مرّرها الديمقراطيون في السنتين الماضيتين من دون أي صوت جمهوري.
وقال السناتور إن مشروع الموازنة الذي مرّره مجلس النواب الشهر الماضي يقدم خططاً حقيقية لتحقيق الأهداف آنفة الذكر، بما في ذلك إيجاد تمويل إضافي بقيمة 3 مليارات دولار سنوياً لإصلاح الطرق من خلال إعادة توجيه نفقات الولاية الأخرى، بينما خلت ميزانية الديمقراطيين في مجلس الشيوخ من أي مخصصات لإصلاح الطرق، حيث تفضل ويتمر والديمقراطيون توفير إيرادات جديدة عبر زيادات ضريبية محتملة، لتمويل الطرق.
بدوره، قال هول في بيان صحفي إن الديمقراطيين «لا يستطيعون حتى وضع خطة للطرق على الطاولة» في حين أن كتلته فعلت ذلك، مضيفاً أنه «بعد عودة الحاكمة ويتمر من رحلاتها يمكننا العمل على حل هذه المشكلة، وأعتقد أنها وأنا يمكننا التوصل إلى اتفاق».
ويتوقع المراقبون إقرار الميزانية في نهاية المطاف. لكن السؤال هو: متى، ومن سيقدم التنازلات؟ علماً بأن ولاية ميشيغن دخلت في إغلاق حكومي مرتين أثناء الأزمة الاقتصادية في عامي 2007 و2009. واستمرت كلتا الحالتين لساعات فقط قبل التوصل إلى «حل وسط».
Leave a Reply